"مونيتور" تطالب بتدخّل دولي لوقف الأحكام العسكرية الجائرة

"مونيتور" تطالب بتدخّل دولي لوقف الأحكام العسكرية الجائرة

13 اغسطس 2015
يُتهم القضاء المصري بموالاة السلطة ومخالفة القانون (GETTY)
+ الخط -


طالبت منظمة "هيومان رايتس مونيتور"، بضرورة وجود مراقبة دولية على المحاكمات التي تجري في مصر، والتي باتت مسيّسة وخاضعة للسلطة الحاكمة وانتقامية، بالمخالفة لأبسط قواعد القانون وأعراف التقاضي.

وتنظر المحاكم المصرية في قضايا المئات من معارضي السلطات في مصر، بينهم نساء وفتيات وقاصرون، بسبب انتماءاتهم السياسية، في سابقة تاريخية لم تشهدها مصر، وأصدرت آلاف الأحكام الجائرة بحقهم؛ بدءاً من السجن لأعوام متفاوتة، وغرامات مالية، إلى السجن المؤبد والإعدام، خاصةً مع تنفيذ السلطات المصرية جزءا كبيرا من تلك الأحكام، مع محاكمة المئات أمام محاكم غير مختصة ومحاكم عسكرية.

وأكدت المنظمة أنها تابعت مجريات العديد من المحاكمات غير المتمتعة بالنزاهة والشفافية (على حد تعبيرها)، ورصدت واقعة إحدى المحاكم العسكرية التي تنظر قضية يحاكم فيها 507 مواطنين في محافظة البحيرة، حيث أصدرت حكمًا قاسيًا وصلت بعض الأحكام فيه إلى السجن المؤبد، كما شمل الحكم بعض القاصرين والشباب.

وخالف الحكم نص قانون حماية المنشآت الذي صاغته السلطة الحاكمة لتمرير قضايا المدنيين أمام المحاكم العسكرية، والذي تم تعديله في الدستور المصري عقب أحداث 30 يونيو/حزيران 2013، والذي ينص على عدم جواز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، إلا في الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشرًا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو المناطق العسكرية أو الحدودية.

وتبيّن للمنظمة أن الأحكام التي صدرت بحق المتهمين، بحرق قسم شرطة حوش عيسى، والذين يحاكمون في تلك القضية العسكرية، شمل 69 شخصًا معتقلًا يحاكمون حضوريًا، حيث تم الحكم على 20 معتقلًا بالسجن الحضوري 15 عامًا، والحكم على 69 آخرين بالسجن 10 أعوام، وحكم كذلك على 7 آخرين بالسجن 5 سنوات، فيما حكم بالسجن المؤبد ضد 90 شخصًا يحاكمون غيابيًا على ذمة القضية.


أما المحكمة العسكرية للجنايات التي تنظر القضية، فحاولت أن تحافظ على ماء وجهها أمام منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، بإصدارها بعض البراءات لعدد محدود جدًا في القضية، حيث تم تبرئة 17 شخصًا يحاكمون حضوريًا، وتبرئة 4 آخرين غيابيًا.

أما الشق الثاني في القضية العسكرية الذي يتعلق بتهمة ممارسة أعمال شغب أمام مبنى محافظة البحيرة، فلم يختلف كثيرًا في بطشه وقسوته بحق المواطنين المتهمين فيها، فقد حكم على 33 شخصًا بالسجن 15 عامًا، وحكم على 22 آخرين بالسجن 10 سنوات، أما نحو 35 شخصًا آخرين فصدر ضدهم حكم بالسجن 7 سنوات، وحُكم على 11 آخرين بالسجن 5 أعوام، بالإضافة إلى الحكم الغيابي بالسجن المؤبد على 160 شخصًا.

اقرأ أيضا:مصر: القضاء العسكري يتحدّى الثورة

وقامت المحكمة العسكرية بتبرئة 33 من المتهمين في القضية، لترسل المحكمة رسالة أنها تنظر أوراق القضية بشكل عادل، رغم أن تلك الأحكام القاسية لا توحي بذلك البتة، بحسب المنظمة الحقوقية، خاصةً مع الحكم على 3 أطفال قصّر لم يتجاوزوا سن الثامنة عشرة بالسجن 15 عامًا، ومع وصول إجمالي الأحكام على 453 من المتهمين في القضية بما يتجاوز الـ7000 عام.

وبحثت منظمة هيومن رايتس مونيتور في أوراق القضية التي تعود أحداثها إلى يوم فض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة بتاريخ 14 أغسطس/آب 2013، حيث اتهمت السلطات المصرية المواطنين في تلك القضية بإحراق مبنى المحافظة وحيازة أسلحة وإثارة الشغب، كما اتهمت عددًا آخر بإحراق قسم شرطة حوش عيسى.

ووفق متابعة المنظمة، فكان عدد من أبناء محافظة البحيرة في غرب الدلتا، خرجوا في ذلك اليوم في تظاهرات منددة بفض الميدانين أمام مبنى المحافظة، وأخرى أمام قسم شرطة حوش عيسى، خاصةً بعد مقتل 5 من أبناء المحافظة في الساعات الأولى من فض قوات الأمن للاعتصامين. أما التظاهرة أمام المحافظة فقد كان متظاهروها سلميين ولم يمتلكوا أسلحة، وتفاجأوا أثناء التظاهرة باحتراق جزء داخل مبنى المحافظة كان بعيدا عن المتظاهرين تمامًا، وبعدها بدقائق معدودة بدأت قوات الأمن باعتقال العشرات منهم وفض التظاهرة، واتهم بعد ذلك نحو 300 مواطن بحرق مبنى المحافظة.

أما تظاهرة حوش عيسى في شمال مصر، التي قتل فيها 3 من المتظاهرين برصاص قوات الأمن، واعتقل على إثرها العشرات، فتم تلفيق قضية لهؤلاء المتظاهرين بالقتل وإثارة الشغب. وشملت القضية نحو 207 مواطنين، وذلك رغم كون القتلى من جانب المتظاهرين، وقتلوا برصاص مباشر من ضباط وجنود الشرطة.

كما أن المعتقلين على ذمة القضيتين والمحالين للمحكمة العسكرية ذاتها، استمرت محاكمتهم محاكمة غير عادلة وتجديد حبسهم بدون مبرر لأكثر من عام ونصف، بالإضافة إلى احتجازهم في ظروف صعبة، والضغط عليهم وتعريضهم للانتهاكات خلال تلك الفترة من اعتقالهم وحتى صدور الحكم، وهذا ما يخالف القوانين والمعاهدات الدولية، كما أنه يخالف القوانين المصرية الداخلية.

بدورها، طالبت منظمة هيومن رايتس مونيتور، بإسقاط الحكم الجائر في تلك القضية، وإعادة محاكمة المتهمين على ذمة القضية في محاكمة مدنية تتسم بالنزاهة، وبمراقبة دولية لضمان سير القضية على نحو عادل، كما تطالب بتحسين ظروف وأوضاع المعتقلين في تلك القضية.