عام السيسي الأول الأسوأ حقوقيّاً في مصر

عام السيسي الأول الأسوأ حقوقيّاً في مصر

15 يونيو 2015
جثامين شباب عرب شركس تخرج من مشرحة زينهم
+ الخط -
مع مرور عام على تولي عبدالفتاح السيسي السلطة في مصر، أصدرت عدة منظمات حقوقية بيانات موثقة تؤكد أن العام الأول من حكم السيسي كان الأسوأ والأعنف خلال العقود الماضية، إذ شهد انتهاكات حقوقية صارخة، وأن مصر رأت أوضاعًا مزرية حقوقيًا وإنسانيًا مورست بحق المعارضين السياسيين للسلطات المصرية الحالية.

وفي تقرير لها، أكدت منظمة هيومن رايتس مونيتور أن النظام المصري الحالي ضرب بعرض الحائط كل قوانين حقوق الإنسان الدولية والإقليمية، وأخذ على عاتقه قمع المواطنين بشتى الطرق والوسائل، واتخذ من الهيئات القضائية التي لم تحاسب ضابط شرطة واحداً على تلك الجرائم المرتكبة ستارًا له لتنفيذ وشرعنة قمعه وقتله المعارضين بطرق قانونية.

وقالت المنظمة إن المئات وقعوا قتلى، خلال العام الأول من حكم السيسي، إما في التظاهرات والتجمعات السلمية أو نتاج التعذيب الممارس بحقهم في السجون المصرية على أيدي رجال الشرطة أو بالإهمال الطبي للمعتقلين المرضى، كما صدرت أحكام قاسية بحق معارضين، بعضها وصل إلى الإعدام والسجن المؤبد، وأخرى صدرت من محاكم عسكرية ضد مدنيين.

كما شهد العام القمعي اختفاء مئات الشباب والفتيات والأطفال قسريا على أيدي رجال الأمن، بالإضافة إلى إجلاء قسري لآلاف العائلات من منازلها بشمال سيناء، ووقوع المئات منهم قتلى خارج إطار القانون، كما شهدت السجون أوضاعًا مزرية، وكذلك تم تقييد الوضع الصحافي وتكميمه باعتقال صحافيين والتنكيل بهم وإصدار أحكام تعسفية بحقهم، والتضييق عليهم للحيلولة بينهم وبين نقل الحقيقة.

وأشار التقرير الى استمرار اختفاء أكثر من 130 مواطنًا مصريًا حتى اللحظة، كانوا قد اختطفوا على أيدي رجال الأمن خلال فترات متباينة عقب أحداث 30 يونيو/حزيران 2013، فيما كانت حصيلة كل شهر من الإثني عشر شهرا لحكم السيسي نفس النسبة أو تزيد، فيظهر المختفون قسريا بعد فترات من احتجازهم تعسفيا في مكان مجهول يبدو عليهم آثار للتعذيب الشديد الناتجة عن محاولة انتزاع اعترافات منهم عنوة، فيما وثقت المنظمة عشرات الحالات التي قتلت بعد اختطافها على يد رجال تابعين للدولة، وخلال الشهور الستة الماضية فقط وثقت نحو 600 حالة اختفاء قسري.

اقرأ أيضاً: "عرب شركس" وقتل أنس يشعلان غضب جامعات مصر

أما جريمة القتل خارج إطار القانون والتصفية الجسدية للمعارضين، فقد وقع ضحاياها بالمئات منذ تولي السيسي مقاليد الحكم، كان من بينهم ما يزيد على 130 حالة قتل داخل السجون وأماكن الاحتجاز، بينها حالتان وقعتا داخل أماكن احتجاز عسكرية، تنوعت أسبابها بين التعذيب الذي يمارس بشكل روتيني والإهمال الطبي، بخلاف المئات الذين وقعوا قتلى في ظروف غامضة بعد اعتقالهم، إلى جانب قتلى التظاهرات والتجمعات السلمية المعارضة.

وأكد التقرير أن أوضاع السجون تردت بشكلٍ عام، فوصلت نسبة التكدس داخل أماكن الاحتجاز إلى 400%، إذ يزيد عدد المعتقلين السياسيين الذين يستمر احتجازهم في عهد السيسي على 40 ألف معتقل سياسي، اعتقل أكثر من نصفهم في فترة حكم السيسي نفسها، مما تسبب في الضغط على السجون المصرية وتفاقم ظروف الاكتظاظ ، بالإضافة إلى استخدام السلطات أماكن احتجاز عسكرية يتم احتجاز المدنيين فيها.

اقرأ أيضاً: "الفلاحجي" ضحية جديدة لسجون مصر

وتمت مطاردة المعارضين السياسيين للسلطة قانونيًا عبر محاكم تصدر أحكامًا مسيسة، حكمت على العشرات أحكامًا بالسجن المؤبد، وأخرى نالتهم أحكامٌ عسكرية رغم كونهم مدنيين من حقهم التقاضي أمام محاكم ودوائر مختصة، بالإضافة إلى أحكام الإعدام والسجن لعشرات السنوات التي طالت الآلاف، بعضهم يقضي فترات عقوبته بالفعل، وآخرون صدرت بحقهم أحكامٌ غيابية ويتم مطاردتهم سياسيًا، مما دفع عدداً منهم إلى الهروب خارج البلاد، وآخرون شُردوا وفصلوا من أعمالهم، كما يتم التنكيل بذويهم لإجبارهم على تسليم أنفسهم.

وطالت أحكام الإعدام في 25 قضية سياسية ما يزيد على 1700 مواطن تم تأييد الحكم بحق أكثر من 500 منهم، وتم تنفيذ حكمين بحق 7 أشخاص بالإعدام دون مراعاة للعوار القانوني في إجراءات التقاضي، أولهما بتاريخ 7 مارس/آذار الماضي بإعدام الشاب، محمود رمضان، في قضية أحداث سيدي جابر، وأخرى بتاريخ 17 مايو/أيار الماضي بإعدام 6 أشخاص في قضية عرب شركس بعد صدور حكم عسكري بحقهم في أحداث وقعت عقب اعتقالهم بفترات بين الأربعة شهور والثلاثة أيام.

الصحافة أيضًا نالت نصيبها من القمع والتنكيل خلال العام الماضي، حيث استمر احتجاز أكثر من 60 صحافيا وصحافية في الحبس الاحتياطي، كما صدرت في الشهور القليلة الماضية أحكام تعسفية بحق عدد منهم، حيث قضت محكمة مصرية بأحكام جائرة بين الإعدام والسجن المؤبد على 14 صحافيًا في قضية غرفة عمليات رابعة، مع أحكام أخرى بعشرات السنوات على آخرين في قضايا ملفقة جميعها.

أما في سيناء، فقامت السلطات المصرية بفرض حالة الطوارىء وحظر التجوال على أهالي شمال سيناء منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول مع بداية العمليات العسكرية للجيش المصري في سيناء، أودت تلك العمليات بحياة ما يزيد على 1500 مواطن قتلوا خارج إطار القانون، كما شرد الآلاف الذين أجبروا على هجرة منازلهم عنوة، واعتقل ما يزيد على 1300 مواطن اعتقالًا تعسفيًا دون الإعلان عن مصيرهم، فضلًا عن تدمير منازل وسيارات الأهالي بما يتجاوز الـ 1000 منزل لا ذنب لهم غير أنهم من سكان البلدة، التي زعمت السلطات المصرية محاربة الإرهاب فيها، وتم تجديد مد الحظر مرتين في يناير/كانون الثاني من العام الجاري، قبل أن يتم تمديدها مرةً ثالثة أواخر أبريل/نيسان الماضي.

اقرأ أيضاً: الجيش المصري يفشل بوقف عمليات "ولاية سيناء"

وفي السياق نفسه، كان مركز النديم قد أصدر تقريرا شاملا حظي باهتمام وسائل الإعلام تحت عنوان "كشف حساب عام من حكم السيسي – 8 يونيو2014 إلى 7 يونيو 2015"، تضمن رصدا موثقا لجميع حالات التعذيب والتكدير الجماعي داخل السجون والقتل والاعتقال والاختفاء القسري والاعتداء الجنسي والتحرش الجنسي واحتجاز أهالي السجناء أثناء زيارة ذويهم والإهمال الطبي. ووضع المركز المسؤولية كاملة في رقبة السيسي بصفته مسؤولا عن سياسات الدولة ومؤسساتها، وبالتالي فإنه مسؤول عن جميع الانتهاكات التي رصدها التقرير.