"الهروب الصغير" من سجون المغرب

"الهروب الصغير" من سجون المغرب

16 مارس 2017
سرعان ما أعيدوا إلى السجن (عبد الحق سنّا/فرانس برس)
+ الخط -
تمكن سجناء مغاربة من تنفيذ عمليات فرار "هوليوودية" من سجونهم تعيد إلى الذاكرة أحداث فيلم "الهروب الكبير" الأميركي المنتج عام 1963. مع ذلك، لم يصمد هؤلاء الفارون طويلاً خارج القضبان إذ ضبطتهم قوى الأمن مجدداً وأعادتهم إلى السجون بعدما سرقوا لحظات حرية قصيرة.

ففي الشهر الماضي، تحديداً في 26 فبراير/ شباط، نفذ سبعة معتقلين أحداث في سجن مدينة سلا عملية فرار مثيرة، بعد اعتدائهم على حراس السجن واحتجازهم، قبل أن يطلقوا سيقانهم للريح. لكن، سرعان ما اعتقلوا مجدداً، ووجهت لهم المحكمة تهماً تضم "الفرار من مكان مخصص للاعتقال، والاحتجاز والاختطاف والضرب والجرح في حق موظفين بواسطة السلاح الأبيض".

من أشهر عمليات الهروب فرار تاجر المخدرات المعروف بـ"النيني"، وكذلك فرار معتقلين سلفيين، وسجناء أحداث أخيراً.

بارون المخدرات المعروف بلقب "النيني" اعتقل عام 2003، وأودع في سجن مدينة القنيطرة، غرب البلاد، وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات نافذة، لكن استفاق المغاربة في أحد أيام عام 2008 على خبر فرار بارون المخدرات من السجن في غفلة عن الحراس.

ظلت عملية هروب "النيني" لغزاً محيراً حتى اليوم، إذ لم يكشف عن طريقة هروبه من السجن، وهل كانت بتواطؤ مع أحد الحراس بإغراء مالي أم غير ذلك. لكنّ المؤكد أنّه هرب من سجنه بالقنيطرة إلى مدينة سبتة الواقعة في التراب المغربي تحت السيادة الاسبانية، قبل أن تعتقله السلطات الإسبانية هناك.

فرّ "النيني" من السجن في مغامرة يلفّها كثير من الغموضّ، بالرغم من أنّه كان يعيش حياة "رفاهية" داخل السجن. ومن الشائع أنّه كان يحظى هناك بامتيازات كثيرة، منها استفادته من ثلاث غرف وحده، وامتلاكه جهاز كومبيوتر متصلا بالإنترنت، وغير ذلك من الامتيازات نظراً إلى ثرائه الفاحش ونفوذه.

فرار "هوليوودي" آخر أبطاله تسعة معتقلين سلفيين في أحد أيام شهر إبريل/نيسان 2008. هرب هؤلاء من السجن نفسه الذي كان فيه "النيني" وذلك عبر نفق أرضي أوصلهم إلى خارج الأسوار. نجحت عملية هروب المعتقلين الإسلاميين من السجن، لكنّهم لم ينعموا بنسائم الحرية إلاّ فترة قصيرة قبل أن يعتقلوا مجدداً ويحاكموا. لكن، تبقى طريقة فرارهم هي الأكثر إثارة، باعتبارهم خططوا للعملية مدة زمنية طويلة.

كان الفارون في غرفتين متلاصقتين في السجن. وكانت الغرفتان قريبتين من مسكن مدير السجن، فحفروا نفقاً بعمق ثلاثة أمتار، وطول يصل إلى عشرين متراً، يؤدي مباشرة إلى حديقة مسكن المدير، لكنّ الغامض في القضية هو المكان الذي كانوا يتخلصون به من الأتربة والوقت الذي استغرقته عملية الحفر.

في مارس/ آذار 2010، حاول معتقلون إسلاميون أيضاً الفرار من السجن نفسه. كان بعضهم محكوماً بالسجن عشرين عاماً وبعضهم بالإعدام. لكنّ محاولتهم باءت بالفشل، بعد رصد كاميرات السجن تحركاتهم قرب الجدار الإسمنتي المحيط بالمؤسسة السجنية.

في هذا الإطار، يقول مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان عبد الإله الخضري لـ"العربي الجديد" إنّ فرار السجناء في المغرب ارتبط في أغلب الأحداث بكبار المجرمين، وتجار المخدرات، وفي بعض الأحيان بقاصرين. يشير إلى أنّ "معدل الحوادث تلك سنوياً، بحسب المعطيات التي سجلها المركز، يتراوح بين 8 و15 حالة بين فرار ومحاولة فرار، وبالتالي، يرى أنّها لا ترقى إلى هاجس حقيقي، كما أنّ كلّ الحالات تقريباً جرت السيطرة عليها في نهاية المطاف".

يعزو المتحدث فرار السجناء أو محاولات فرارهم إلى "النزعة الإجرامية والعدوانية لدى أصحاب تلك المحاولات، أو الارتباطات خارج السجن وشبكات علاقاتهم، وفي المقابل، مظاهر الفساد والممارسات التفضيلية، والتعامل اللاإنساني لبعض القائمين على السجون، والاكتظاظ، والظروف المزرية التي تحطّ من كرامة السجين في بعض المرافق السجنية، كلّها عوامل تحفيز على الهرب".

يلفت الخضري إلى أنّ السياسة العامة المتبعة من قبل المندوبية العامة للسجون، في إدارة المؤسسات السجنية، شهدت تطوراً ملموساً، إذ بات للمقاربة الحقوقية مكانة هناك بالرغم من محدوديتها على أرض الواقع، بسبب حجم التحديات الذي ما زال كبيراً جداً، بالنظر إلى العوائق الأساسية في السجون خصوصاً الاكتظاظ، وضعف الرعاية الطبية والنفسية للسجين. ويدعو المسؤولين إلى تأهيل حراس الأمن حول الطرق الأمثل في التعامل مع المعتقلين، من خلال دورات تكوينية مكثفة ومركزة، تراعى مبادئ حقوق الإنسان.