أرامل العراق.. جيش قوامه 3 ملايين

أرامل العراق.. جيش قوامه 3 ملايين

17 مايو 2015
نساء العراق ضحايا الحرب والإهمال (الأناضول)
+ الخط -

ينقضي كل حزنٍ إلى زوال إلّا حزن الأرامل في العراق، فهذا الجيش من النساء الآخذ بالاتساع مع كل ساعة حرب جديدة في بلاد "ما بين الوجعين"، كما درج العراقيون على تسميتها أخيراً، لا يجد أي رعاية أو اهتمام من حكومة باتت عاجزة عن الالتفات لأحوال المجتمع العراقي بفعل قسوة العمليات العسكرية داخل مدن البلاد، وتركيز جهودها على كيفية الحفاظ على المدن المتبقية من خطر السقوط بيد "داعش".


ووفقا لآخر الإحصاءات المحلية فقد شهد عاما 2014 و2015 ارتفاعاً مخيفاً في أعداد الأرامل في العراق وصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين أرملة في عموم البلاد، ما يعني أن نحو ربع إناث العراق هن من الأرامل.

وتقول الباحثة الاجتماعية شيماء الملا "إنَّ أعداد الأرامل وصلت لأرقام مطابقة أو قريبة من أرقام سمعنا عنها في دول أوروبا الشرقية عقب الحرب العالمية الثانية".


وتتابع "بسبب المعارك المستمرة في مختلف المدن العراقية منذ العام 2003، فقد قتلت القوات الأميركية عشرات الآلاف من الرجال خلال عملياتها العسكرية في المدن والمحافظات العراقية، ومنذ 2003 وحتى اليوم وأعداد الأرامل في تزايد مستمر، فالحروب والمعارك والانفجارات لم تتوقف".

وتضيف الملا لـ"العربي الجديد" لدينا في العراق أكثر من 3 ملايين أرملة ليس لهن معيل وهنَّ يواجهنَ أعباء الحياة وإعالة أطفالهن وحدهن في ظل غياب الاهتمام الحكومي والجهات المعنية بهن بشكل واضح، فلا رواتب ولا إعانات سوى من بعض المنظمات الإنسانية المدنية".

وتؤكد أنه في كل يوم يترمل ما لا يقل عن 20 سيدة في العراق بفعل الحرب وأعمال العنف.


غياب الخطة الاستراتيجية
ويكشف الخبير الاستراتيجي باسل الساعدي أنَّ "العراق يشهد يومياً زيادة موجعة في أعداد الأرامل نتيجة المعارك التي تدور رحاها في مختلف المدن مع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" والانفجارات في السيارات المفخخة والعبوات الناسفة وعمليات القتل والتصفية المنظمة، حتى وصل الأمر إلى استحداث مقابر جديدة بعد امتلاء المقابر السابقة في مختلف المدن، وهذا بحد ذاته ينذر بكارثة إنسانية على مدى السنوات العشرين القادمة في العراق".


ويضيف الساعدي "هذا يعني أنَّ الفارق سيكون كبيراً جداً بين نسبة الرجال والنساء في المجتمع العراقي، وهذا سينعكس سلباً على كل تفاصيل الحياة ويلقي أعباء إضافية كبيرة على عاتق الدولة، فأكثر من أربعة ملايين أرملة وخمسة ملايين يتيم أرقام هائلة والمشكلة أنَّ الدولة لم تضع أي خطط استراتيجية لاحتواء شريحة الأرامل".

ويشير باحثون في الشأن المجتمعي إلى أنَّ أكثر من 70 في المائة من هؤلاء الأرامل فقدن أزواجهن في أعمال عنف مختلفة بعد عام 2003.


المطلوب برنامج خاص ومساعدات
رئيسة منظمة "نسوة" حياة الخزرجي للأرامل أوضحت أنَّ "70 في المائة من الأرامل في العراق فقدن أزواجهن بسبب أعمال العنف الجارية في البلد بعد الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003، وأعدادهن مستمرة بالزيادة حتى اليوم، أي أننا خلال 12 عاماً نعيش زيادة مطَّردة في أعداد الأرامل نتيجة عدم توقف أعمال العنف في البلاد منذ 2003 وحتى اللحظة".


وتتابع الخزرجي لـ"العربي الجديد" قائلة: "هؤلاء الأرامل يعشن ظروفاً قاسية فهن لا يمتلكن رواتب شهرية لإعالة أطفالهن وتحصل بعضهن أحياناً على إعانات شهرية لا تتجاوز 75 دولاراً من بعض المنظمات الإنسانية المرتبطة ببرامج إنمائية للأمم المتحدة، وهذا لا يكفي قطعاً لمجرد العيش لأسبوع واحد عدا إيجار المنزل أو الشقة ومصاريف دراسة الأطفال ومستلزمات الحياة المختلفة".

أم فؤاد إحدى هؤلاء الأرامل لديها أربعة أطفال صغار فقدت زوجها في أحد الانفجارات وسط العاصمة العراقية بغداد، فاضطرت للعمل في خياطة الملابس في منزلها لتوفر مصاريف أطفالها ومنزلها. تقول أم فؤاد "لا أحد يهتم بنا نحن الأرامل سوى بعض المنظمات الإنسانية المدنية، فالحكومة لا تهتم لحالنا وما نعانيه، ولولا وجود بعض المنظمات والناشطات لكانت الكارثة أكبر، أنا مثلاً لدي أربعة أطفال صغار في المرحلة الابتدائية قتل زوجي في انفجار سيارة مفخخة فوجدت نفسي في مواجهة الحياة لوحدي ولولا معرفتي بخياطة الملابس لما استطعت توفير حتى لقمة العيش لأطفالي".

وتطالب الناشطات في مجال حقوق المرأة الحكومة المركزية بوضع برنامج خاص لاحتواء الأرامل وتوفير رواتب شهرية لهن لمساعدتهن في إعالة أطفالهن.

اقرأ أيضاً:عراقيّات يدفعن الفدية لتحرير ذويهن من المليشيات

المساهمون