أمّة العجز المالي

أمّة العجز المالي

23 ديسمبر 2015
من المسؤول عن المأزق الذي تعانيه الموازنات العربية؟(فرانس برس)
+ الخط -

من المغرب والجزائر غرباً وحتى دول الخليج شرقاً، ومن اليمن والسودان جنوباً حتى سورية والعراق شمالاً، ومروراً بليبيا ومصر وتونس والأردن وغيرها من الدول العربية، بات العجز المالي أبرز السمات التي تميز الموازنات العامة لهذه الدول سواء في العام الجاري 2015 أو العام الآتي 2016، وربما لسنوات مقبلة، ولن أتحدث هنا عن دول بلا ميزانيات أصلاً منذ سنوات.

أرقام العجز بالموازنات العربية التي من المفروض أن تخصص مواردها لتوفير حياه كريمة للمواطنين صادمة ومفزعة سواء عن الفترة الحالية أو المستقبل، خاصة إذا ما علمنا أن صندوق النقد الدولي توقع في تقرير حديث، أن تسجل دول الخليج وحدها عجزاً بالموازنات العامة، قيمته 145 مليار دولار في العام الجاري 2015، وأكثر من 750 مليار دولار خلال 5 سنوات وبين عامي 2015 و2020، في حال استمرار انخفاض أسعار النفط.

علماً بأن هذه الأرقام مرشحة للزيادة في ظل توقعات قوية باستمرار تهاوى أسعار النفط، المصدر الرئيسي لموازنات دول الخليج وغيرها من الدول مثل العراق والجزائر، وهروب الاستثمارات الأجنبية من المنطقة بسبب زيادة المخاطر الجيوسياسية وارتفاع الإنفاق على الأمن والدفاع، إضافة لانتشار الفساد والرشى والمحسوبية والتهرب الضريبي والجمركي وغيرها من الأمراض الاجتماعية التي تنخر في عصب الاقتصادات العربية وبالتالي موازناتها العامة.

مشكلة العجز في موازنات الدول العربية باتت تتفاقم في ظل عجز الحكومات العربية عن احتوائها والتعامل بحرفية معها، وبات العنوان العام لهذه الموازنات هو التقشف وزيادة معاناة المواطنين ورفع الضرائب وأسعار السلع واللجوء للاقتراض الخارجي والمحلى لمواجهة العجز المالي.

واللافت هنا أن الشعوب العربية لم تستفد من الطفرة التي شهدتها اقتصادات بعض هذه الدول مع ارتفاع أسعار النفط القياسي خاصة عقب اندلاع الأزمة المالية العالمية في أغسطس/آب من العام 2008 وتدفق الاستثمارات الخارجية على بعض دول المنطقة، وذلك بسبب إساءة استخدام الموارد وسياسة دعم الحكومات العربية للأثرياء على حساب الفقراء، ومنح مميزات مالية وأراض لكبار رجال الأعمال والمستثمرين، ودعم المصدرين والشركات الأجنبية بالوقود وسعر صرف منخفض للدولار.

لقد بتنا أمة العجز المالي رغم امتلاكنا للحصة الأكبر من النفط والغاز والثروات المعدنية والبشرية حول العالم.

السؤال هنا هو: من المسؤول عن المأزق الذي تعانيه الموازنات العربية والذي انعكس سلباً على المواطن العربي ورفع معدلات الفقر والبطالة والتضخم داخل دول المنطقة؟

هل المواطن الذي لا حول له ولا قوة والذي توفر له الحكومات قوت يومه بالكاد، أم الحكومات نفسها التي تحرم شعوبها من ثرواتها في أوقات الرخاء المالي، وتحملهم الأعباء في أوقات التعثر.

اقرأ أيضا: العجز يخترق موازنات العرب في 2016

المساهمون