موسم الأعراس: إقبال على الذهب في الضفة وعزوف بغزة

موسم الأعراس: إقبال على الذهب في الضفة وعزوف بغزة

29 يوليو 2015
محل للذهب في فلسطين (أرشيف/Getty)
+ الخط -

تشهد معارض بيع الذهب في الضفة الغربية إقبالاً ملحوظاً على الشراء، بسبب موسم الأعراس خلال فصل الصيف، وتراجع أسعار المعدن النفيس عالميًا، بما يحفز على ادخاره، فيما حالت الأوضاع الاقتصادية في غزة دون استفادة المواطنين من تراجع أسعار المعدن.

ويتفاجأ معظم رواد المعارض من أثر غير ملموس محليًا للانخفاض الملحوظ في أسعار الذهب عالميًا، ووصولها إلى الحد الأدنى في أكثر من 5 سنوات لحدود 1100 دولار للأونصة.

ويعزو المختصون هذه المفارقة لأسباب تتعلق بتحكم إسرائيل في استيراد الذهب الخام إلى الأراضي الفلسطينية، وعوامل أخرى مرتبطة بالعرض والطلب، إضافة إلى حجم المخاطرة الناجمة عن المتاجرة بالمعدن النفيس في بلاد غير مستقرة سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا.

وتتعامل إسرائيل مع الذهب على أنه سلعة تخضع كغيرها من السلع للضرائب، في حين يصنف القانون الفلسطيني المعدن الأصفر على أنه (نقد) لا يخضع لأي من أصناف الضرائب، إلا أن الغلاف الجمركي الموحد بين الجانبين وسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على المنافذ الحدودية جعلا الذهب الخام المستورد إلى الطرفين خاضعًا لضريبة القيمة المضافة وقدرها 17 %.

ويباع غرام الذهب من عيار (21) للمستهلك في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية هذه الأيام بما بين (36- 38 دولارًا)، وهو سعر مرتفع مقارنة مع دول الجوار، مثل مصر والأردن اللتين تعتبران المعدن النفيس (نقدا) لا يخضع للضرائب وتتحكمان في عمليات الاستيراد من دون أية قيود.

ويعزو مدير مديرية المعادن الثمينة الفلسطينية، يعقوب شاهين، في مقابلة مع "العربي الجديد" زيادة الطلب على الذهب في الأسابيع الأخيرة في الضفة الغربية ورام الله، إلى موسم الأعراس خلال فصل الصيف، إضافة إلى رغبة بعض المدخرين في استغلال هذه المرحلة "لقناعتهم بأن أسعار المعدن النفيس ستعود إلى التحليق من جديد".

ويشهد المجتمع الفلسطيني ما بين 40 و50 ألف حالة زواج سنويًا، ويستهلك خلالها قرابة 5 أطنان من الذهب.

وتفيد تقديرات وزارة الاقتصاد الفلسطينية بأن كمية الذهب التي يكنزها الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة تصل إلى 80 طنًا، تبلغ قيمتها السوقية 3.5 مليارات دولار.

اقرأ أيضاً: فلسطين تحقق مع تجار يبيعون ذهباً مغشوشاً
 
وقال شاهين إن "مقترحات لاستثمار هذه الثروة، لم تجد إرادة لتتحول إلى مشاريع قائمة على الأرض، مثل إنشاء بنك الذهب، بحيث تكون أرصدة العملاء فيه من الذهب الذي يمكن استثماره، بدلاً من الاحتفاظ به في المنازل، بينما تتعرض قيمته السوقية لتقلبات الأسعار عالميًا".

ويتفق تاجر الذهب بيان جبارة، مع شاهين، في أن زيادة الطلب تعود إلى تزامن موسم الأعراس مع هبوط الأسعار، لافتًا إلى أن معظم زوار المعارض هذه الأيام يقومون بالشراء، بينما ترغب نسبة قليلة منهم في بيع ما لديها من مدخرات ذهبية.

وقدّر جبارة، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن 70% من المواطنين الفلسطينيين يشترون الذهب هذه الأيام لاستخدامه كـ (حُلي) في الأعراس، "في حين يرغب 30% من الزبائن في تحويل مدخراتهم من الأموال إلى ذهب، أملاً منهم في عودة أسعاره إلى الارتفاع قريبًا".

أما في غزة، فتبدو الحركة التجارية في أشهر أسواق الذهب، وسط المدينة، شبه معدومة، إلا من بعض المواطنين، الذين يقصدون السوق من أجل إلقاء نظرت سريعة على بريق الذهب اللامع، من دون أن يتخذوا قرار الشراء، رغم انخفاض أسعار الذهب في الأسواق العالمية.

وأوضح بائع المجوهرات، محمود سامي، أن أسعار الذهب الحالية متناسبة مع الظروف الحياتية السائدة داخل القطاع، ولكن رغبة المواطنين في الانتظار لبضعة أيام أو أسابيع، إلى حين حدوث تراجع أكبر على أسعار الذهب، هي السبب الرئيس في ضعف الحركة الشرائية في محلات بيع الذهب.

وقال سامي لـ"العربي الجديد": إن العديد من تجار الذهب المحليين، باتوا يحجمون عن شراء الذهب خلال الفترة الجارية، خشية تراجع أسعاره في الفترة المقبلة، وعلى إثر ذلك يتكبدون خسائر مالية جديدة بجانب خسائرهم الحالية، الناتجة عن ضعف الإقبال وتراجع معدلات البيع، رغم انخفاض أسعار الذهب.

وبيّن بائع المجوهرات أن شهري يوليو/تموز، وأغسطس/آب، من كل عام، يشهدان ارتفاع مستوى البيع وزيادة معدلات الإقبال؛ بسبب مواسم الأفراح المعتادة، وكذلك الإجازة الصيفية، ولكن خلال العام الجاري، اقتصر البيع على كميات قليلة، وغالبا ما تكون لتجهيز العرائس.

أما المواطن عبدالله كفاح، فربط بين تردي الأوضاع الاقتصادية نتيجة تشديد الحصار الإسرائيلي، وتأخر عملية إعادة الإعمار، فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وبين ضعف الحركة الشرائية للمواطنين داخل الأسواق الغزية المخصصة لبيع الذهب.
 
وذكر كفاح لـ"العربي الجديد"، أن بعض المواطنين قد يجبرون على بيع بعض الذهب المدخر لديهم رغم انخفاض سعره، وذلك من أجل مجابهة الظروف الحياتية القاسية التي يعيشونها في غزة. وفي مقابل ذلك تنتظر العديد من العائلات انخفاض أسعار الذهب بمعدلات أكبر، لكي تأخذ قرار شراء الذهب ومستلزماته المتعددة.


اقرأ أيضاً:
8.3 أطنان من الذهب دخلت إلى فلسطين في 2014
الحكومة الفلسطينية تحيل 28 تاجراً إلى النيابة لتلاعبهم بالأسعار