الرقص على "إيقاع" ترامب...النفط يخسر قوّته الدافعة بنهاية 2018

الرقص على "إيقاع" ترامب... النفط يخسر قوّته الدافعة بنهاية 2018

31 ديسمبر 2018
هبوط أسعار المحروقات أفرَح المستهلكين وأزعَج المنتجين (Getty)
+ الخط -

لم يكد النفط يبلغ في أكتوبر/تشرين الأول 2018 أعلى مستوياته في 4 سنوات عِجاف، بدفع من انسحاب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات على صادرات إيران النفطية، حتى عاد البرميل ليقفل السنة في فصلها الأخير على أدنى سعر له منذ عام 2014.

بكل ما للكلمة من معنى، يمكن القول إن مؤشر أسعار النفط قد رَقَص خلال العام المنصرم على "إيقاع" ترامب، الذي أطلق شرارة رسوم جمركية أوقدَت حرباً تجارية مع أصدقاء واشنطن كما مع خصومها وأعدائها، وجعلت أسعار البترول تتموّج صعوداً وهبوطاً إلى أن فقدت زخمها قبل بزوغ فجر عام 2019.

فقد مُني النفط بأكبر انخفاض فصلي يتعرّض له منذ عام 2014، في نهاية عام 2018 المضطرب، الذي هوَت خلاله الأسعار في سوق هابطة بعد أسابيع فقط من بلوغ أعلى مستوياتها في 4 سنوات.

انخفاض السعر 37% في الربع الأخير من عام 2018، دفع بالعقود الآجلة في نيويورك إلى تسجيل أول خسارة سنوية منذ عام 2015، مع ارتفاع معدل التذبذب بنسبة 100% على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، وفقاً لبيانات وكالة "بلومبيرغ" الأميركية.

غموض بين المستثمرين

في غضون ذلك، لا يزال الغموض يلف أوساط المستثمرين؛ فهم ليسوا على يقين مما إذا كانت تخفيضات الإنتاج التي تعهدت بها "منظمة الدول المصدرة للبترول" (أوبك) وحلفاؤها قادرة على مواجهة طفرة الإنتاج الأميركي.

فبينما تستعد دول "أوبك" وشركاؤها، بما فيهم روسيا، لخفض مقداره 1.2 مليون برميل يومياً بداية من يناير/كانون الثاني 2019، بغية تحقيق استقرار في السوق، فإنهم يواجهون تحدياً من الحفارات الأميركية التي تضخّ بمعدلات قياسية.

وفي الوقت ذاته، يثير النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين والسياسة النقدية التي ينتهجها "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" (البنك المركزي الأميركي)، مخاوف المراقبين إزاء التطوّرات المرتقبة للنمو الاقتصادي.

وفي حين دفعت إعادة فرض العقوبات الأميركية على النفط الإيراني، سعر البرميل إلى أعلى مستوى في 4 سنوات في أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، فإن قرار إدارة ترامب المفاجئ بمنح بعض الدول إعفاءات منها قد دفع سعر الخام إلى تدهور كبير.

في تصريح لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية، يقول محلل مؤشرات السلع في شركة "إتش.أي للاستثمار والعقود الآجلة"، شونغتشيل ويل يون، إن "ترامب ساهم في أداء السوق كمراقب نهائي لأسعار النفط هذا العام، لأن كل شيء من إعادة فرض العقوبات على إيران، إلى الحرب التجارية مع الصين، وحتى التوترات مع السعودية، يثبت تورّطه في كل ذلك"، مضيفاً: "بما أن الأسعار لا نتوقع هبوطها أكثر من المستوى الذي وصلت إليه الآن، فإن خُطى ارتفاعها ستكون تدرّجية عام 2019".

أسعار آخر جلسات 2018

في السياق، ارتفعت أسعار النفط في آخر جلسات العام، اليوم الإثنين، مقتدية بمكاسب أسواق الأسهم، لكنها بصدد أول انخفاض سنوي لها في 3 أعوام، وسط مخاوف مستمرة من تخمة في المعروض.

وبحلول الساعة 6:45 بتوقيت غرينتش، كانت العقود الآجلة لبرميل خام "برنت" مرتفعة 74 سنتاً تعادل 1.4% إلى 53.95 دولاراً. وذلك بعدما انخفض "برنت" نحو 20% عام 2018 إثر ارتفاعه عامَين، وفقاً لبيانات وكالة "رويترز".

أما عقود برميل الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط، فقد بلغ سعرها 45.84 دولاراً اليوم الإثنين، مرتفعة 51 سنتاً تعادل 1.1% عن آخر إغلاق لها، علماً أن الخام منخفض حوالي 24% هذا العام.

2018 عام التقلبات

على مدى معظم فترات 2018، كانت أسعار النفط في حال ارتفاع مدفوعة بطلب قوي وبواعث القلق بشأن المعروض، لا سيما في ما يتعلق بتأثير تجديد العقوبات الأميركية على إيران، والذي دخل حيز التطبيق في نوفمبر/تشرين الثاني الفائت.

وارتفعت عقود خام "برنت"، الذي يعتبر مؤشراً عالمياً لأسعار النفط، نحو الثلث بين يناير/كانون الثاني وأكتوبر/تشرين الأول 2018، ليصل سعر البرميل إلى 86.74 دولاراً.

وكان ذلك أعلى مستوى منذ أواخر عام 2014، عندما بدأ انحدار حاد في السوق وسط تخمة متنامية في المعروض العالمي، ليتوقع محللون كبار ومتعاملون كثيرون أن يسجل الخام 100 دولار من جديد بنهاية 2018.

لكن بدلاً من ذلك، محَت أسعار "برنت" كل مكاسب 2018 لتهوي نحو 40% عن ذروة العام وتسجل 53.25 دولاراً، فيما أصبح أحد أشد تراجعات سوق النفط على مدى العقود الثلاثة الأخيرة.

جاء ذلك بعد أن أعطت واشنطن على غير المتوقع استثناءات سخية من العقوبات لأكبر مشتري النفط الإيراني، ومع تأثر توقعات الطلب سلباً بفعل بواعث القلق من تباطؤ الاقتصاد العالمي والنزاعات التجارية بين واشنطن ومنافسيها.

توقعات 2019

مدير "تريفكتا" لاستشارات الطاقة، سوكريت فيجاياكار، تنقل عنه "رويترز" قوله إن "إنقاذ إيران هو الذي فجّر حقاً فقاعة سوق النفط الخام وقتها"، مضيفاً: "بالنسبة للمستقبل القريب، وفي غياب أي شيء جديد، فإن أول نقطة ضغط لأسواق النفط ستأتي قرب مايو/أيار 2019 أو قبلها بشهر أو نحو ذلك، عندما تتم مناقشة تمديد الإعفاءات من عقوبات إيران".

وقبل أيام، كان مسح أجرته "بلومبيرغ" قد رجّح أن يرتفع سعر "برنت" إلى نحو 70 دولاراً عام 2019، بزيادة تناهز 30% قياساً بالسعر المسجّل الخميس الماضي. كما توقع أن يسجل متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط 61.13 دولاراً في 2019.

المساهمون