بشار الأسد سرق التاريخ ودمّر الجغرافيا

بشار الأسد سرق التاريخ ودمّر الجغرافيا

17 ابريل 2015
الآثار والمتاحف لم تسلم من ضربات النظام السوري(أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
قليلاً ما تأتي التقارير الدولية على خسارة ما لا يعوّض، فغض الطرف عن قتل عشرات آلاف السوريين تحت التعذيب أو حرمان أطفال سورية من التعليم، أو حتى دفع السوريات والسورين لبيع ما يباع لمرة واحدة، تحت ضغط الحاجة والجوع، جروح لا تندمل مع السنين، بل وتوقد نيران "الثأرية" وتنذر باللاتعايش المستقبلي مع النظام وقتلته وشبيحته.

وكذا بالنسبة لتهديم الأوابد وسرقة المتاحف بهدف اغتيال الذاكرة والهوية السورية التي لا وجود للعصابة الحاكمة بدمشق فيها، فمن لا إرث وحضارة لديه يحقد، حتى على الحجارة التي تضعه بتوثيقها، في موقع الدونية مع سليلي الحضارة وأولاد التاريخ الغابر.

فكما أحرق طيران الأسد جامع خالد بن الوليد بحمص ودمر سوق المدينة المسقوف والجامع الأموي بحلب، ويحاول النيل اليوم عبر القصف المتواصل من خمس الآثار السورية الموجودة في محافظة ادلب، كلف زبانيته وشبيحته الإجهاز على ما تبقى من التاريخ، فمافيا سرقة الآثار هي الأنشط اليوم، بعد تهديم المتاحف وترك اللقى والأوابد عرضه للمرضى النكوصيين، إن بجيش الأسد أو الوافدين لنصرة زينب والحسين وطمس معالم الأمويين وبلاد الشام.

قصارى القول: قالت مديرية الآثار والمتاحف إن 59 موقعاً أثرياً تعرضت للضرر خلال الربع الأول من 2015، 20 منها مصنفة تراثا عالمياً و3 مواقع موضوعة على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي، جلها في مدينة درعا التي انسحب جيش الأسد مهزوماً من بعضها وفي مدينة حلب، التي أمطرها الأسد، ولم يزل ببراميل الحقد وصواريخ الثأرية.

وهذي النكبة الوطنية والعالمية، طالت 750 موقعاً ومبنى أثرياً منذ بداية حرب الأسد على الثورة وطلاب الحرية، ولعل الأخطر في الأمر، أن عصابة الأسد الحاكمة، وباعتراف مدير الآثار والمتاحف بسورية، مأمون عبد الكريم، أنها أفرغت المتاحف قبل انسحابها من المدن والريف والسوري، لتكون كنوز سورية وآثارها، رهينة بيد النظام ومصدر ثروة إضافياً، يبيعه ويتاجر به لتمويل حربه وبقائه على الكرسي.

نهاية القول: سورية لمن يجهل تاريخها، تنام على خمس حضارات متعاقبة، ففيها "المدن المنسية" بإدلب، والتي أهرام جبل الزاوية ومملكة ايبلا بعض شواهدها، كما فيها ممالك أوغاريت وماري وراميتا وعمريت والرصافة وبصرى الشام وسرجيلا، وكلها نالت حصتها من القصف، لتطال يد الجريمة ما فاض عن لهيب الحقد وقذائف طيران الأسد.

وربما من الإنصاف الإشارة إلى أن "الغرباء" الذين حُسبوا يوماً على المعارضة، قد عاثوا في آثار سورية تهديماً وسرقة، لكن وزر الجريمة يتحمله النظام الآثم، الذي لم تسلم من حقده، حتى دمشق القديمة وبرج الزاوية بقلعة دمشق وصحن الجامع الأموي الكبير... رغم أن لا حجة تساق ولا ذريعة ترمى على المعارضة، ما دامت دمشق تحت سيطرته منذ قبل ما الثورة وحتى اليوم.

اقرأ أيضاً:
تجارة الأعضاء البشرية أكثر ربحاً من المخدرات في العراق

المساهمون