الاحتلال يشدد الحصار على الفلسطينيين ويضغط بالأوراق الاقتصادية

الاحتلال يشدد الحصار على الفلسطينيين ويضغط بالأوراق الاقتصادية

03 فبراير 2018
غزّيون في إحدى أسواق القطاع (مصطفى حسونة/الأناضول)
+ الخط -
تبدو القضية الفلسطينية على أعتاب مرحلة جديدة مع إعلان الرئيس، محمود عباس، موتَ "اتفاق أوسلو" الذي أسّس لقيام السلطة الفلسطينية، في وقت تُلوّح الإدارة الأميركية بعقوبات جديدة تطاول السلطة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، بزعم أن الجانب الفلسطيني يرفض العودة إلى المفاوضات مع إسرائيل.
ومنذ إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، القدس عاصمة لدولة الاحتلال، في 7 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تكررت تصريحات مسؤولين فلسطينيين عن "إجراءات بحجم الجريمة"، رداً على الخطوة الأميركية العدائية، بما يشمل إعادة صياغة العلاقة السياسية والأمنية والاقتصادية مع إسرائيل، وإخراج الولايات المتحدة من رعاية ما تسمى "عملية السلام"، إلا أن مراقبين يرون أن الواقع على الأرض، والاعتبارات الاقتصادية المعقدة، والضغط السلبي من بعض الدول العربية على الفلسطينيين، عوامل تُضيّق الخيارات السياسية المتاحة.

وتملك إسرائيل أوراقاً اقتصادية عدة من شأنها الحؤول دون قلب الجانب الفلسطيني الطاولة سياسياً، أو تدفيعه ثمناً باهظاً في حال اتخذ خطوات غير تقليدية، مثل رفع قضايا على قادة الاحتلال في محكمة الجنايات الدولية.

تحديات تتخطى الطموح

كان من بين قرارات المجلس المركزي الفلسطيني (برلمان منظمة التحرير الفلسطينية) الذي انعقد منتصف الشهر الجاري في رام الله، "الانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية لدولة الاحتلال والتي كرسها بروتوكول باريس الاقتصادي، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي للدولة الفلسطينية"، كما طلب المجلس من المؤسسات الرسمية الفلسطينية، بدء الإجراءات التنفيذية لذلك.
ويُنظر إلى "بروتوكول باريس"، وهو الشق الاقتصادي لاتفاقية أوسلو، على أنه عمّق تبعية الاقتصاد الفلسطيني لإسرائيل، وجعل الغلاف الجمركي موحداً، وحرم التجار الفلسطينيين من الاستيراد المباشر لأصناف كثيرة من السلع، وهو ما يمنع نمو القاعدة الإنتاجية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

لكن الواقع على الأرض يبدو أكبر من قدرة الفلسطينيين وحدهم على مواجهة تبعات قرار كهذا، بخاصةٍ أن إسرائيل هي المسيطرة وحدها على كافة المعابر والمنافذ التجارية، وتجبي الضرائب (أموال المقاصة) على البضائع المستوردة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحولها إلى الخزينة الفلسطينية لقاء عمولة 3% شهرياً، وتشكل هذه الضرائب 70% من الإيرادات الفلسطينية العامة.
كما أن فلسطين تعتمد في التزوّد بالوقود والكهرباء على دولة الاحتلال رغم أن "بروتوكول باريس" أتاح استيراد الوقود من مصادر أخرى، إلا أن الحكومة الفلسطينية لا تمتلك إمكانات لوجستية للتزود من إحدى الدول العربية، وليس هناك ضمانة بألا تعيق إسرائيل توجهات كهذه بذرائع أمنية واهية.
ومن التحديات الاقتصادية الضاغطة على الفلسطينيين، تحكّم إسرائيل خلال السنوات الأخيرة مباشرة أو على نحو غير مباشر، بالدورة المالية في السوق الفلسطينية، من خلال أموال المقاصة وأجور العمال الفلسطينيين في السوق الإسرائيلية، وعددهم يتجاوز 100 ألف، ويبلغ إجمالي دخلهم السنوي قرابة ملياري دولار تعادل 15% من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني. 
ويرى الخبير الاقتصادي نصر عبدالكريم، أن إلغاء "بروتوكول باريس" يعني عملياً إلغاء اتفاق أوسلو، و"هذا لا يمكن أن يتم بقرار من إطار قيادي فلسطيني، لأن العلاقة الاقتصادية الفلسطينية مع إسرائيل ليست نتيجة اتفاق، بل هي عبارة عن إلحاق قصري عمره أكثر من 50 عاماً".

أزمة "أونروا"

وفيما تشهد المخيمات الفلسطينية، في الضفة الغربية احتجاجات متواصلة، على "تقليص الخدمات التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، شرعت "أونروا" بحملة تبرعات دولية من أجل سد فجوة التمويل، بعدما حجبت الولايات المتحدة 65 مليون دولار كانت مخصصة لها، لكن القرار الأميركي، وضع الوكالة الأممية أمام خيارات صعبة.
ورداً على الخطوة الأميركية أكد الناطق باسمها، سامي مشعشع لـ"العربي الجديد" أن الخدمات ستُقلص كمّاً ونوعاً في المستقبل القريب.
وتمكن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، من انتزاع تعهد من دول الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعه الأخير معهم في بروكسل، الاستمرار بدعم "الأونروا" مالياً، والمساهمة في حل أزمة التمويل التي تواجه الوكالة، في وقت يُستبعد أن تزيد الدول العربية مساهماتها المالية للوكالة. لكن لا يُعرف، حتى الآن، ما إذا كان ذلك سيسد الفجوة التمويلية في ميزانية "الأونروا" التي يبلغ إجمالي نفقاتها مليار دولار سنوياً.



المساهمون