تونس تبحث عن متنفس في محيطها المغاربي

تونس تبحث عن متنفس في محيطها المغاربي

08 مايو 2016
سوق في تونس (فرانس برس)
+ الخط -
تكثف الحكومة التونسية تحركاتها الاقتصادية في محيطها المغاربي، في محاولة لتفعيل شراكات مع دول الجوار، من شأنها تنشيط الاستثمار والتبادل التجاري للخروج من المأزق الاقتصادي للبلاد.
ويلتقي وفد من المسؤولين التونسيين مع نظرائهم الجزائريين، اليوم الأحد، في الجزائر، ضمن أعمال اللجنة التجارية المشتركة بين البلدين، بهدف تعزيز التبادل التجاري مع الجزائر.
وتأتي هذه الزيارة بعد يومين من توجه رئيس الحكومة التونسية، الحبيب الصيد، إلى ليبيا، حيث التقى، يوم الجمعة الماضي، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، فائز السراج.
ورغم أن الطابع السياسي والأمني طغى أكثر على زيارة الصيد إلى ليبيا، إلا أن المراقبين للشأن الاقتصادي، يعتبرون أن عودة العلاقات الرسمية مع طرف حكومي واضح في ليبيا ستكون لها انعكاسات اقتصادية مهمة، ولا سيما أن اللقاء بين الطرفين تطرق إلى تأمين الحدود والتصدي المشترك للإرهاب، الذي ساهم بشكل كبير في تقليص الحركة التجارية البرية بين البلدين، بسبب غلق المعابر الحدودية في مناسبات عدة.
وقال راضي المؤدب، الخبير الاقتصادي التونسي، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن تونس تحتاج إلى اقتصاد أكثر تضامنا، مشيرا إلى أن دول الجوار المغاربية توفر فرص استثمار هامة، فضلا عن مزايا التنسيق الاقتصادي بين البلدان في كبح جماح التهريب والاقتصاد الموازي (غير الرسمي).
ولفت الخبير التونسي إلى أهمية الإسرع في إصدار قانون استثمار يكون حافزاً قويا للاستثمار المحلي والأجنبي، وإعادة هيكلة الضرائب، مؤكدا أن الدخول في مناقشات مع الدول المغاربية أو الاتحاد الأوروبي وتفعيل اتفاقيات التبادل التجاري المشترك تبعث دماء جديدة في الاقتصاد التونسي.


ومن المنتظر أن تناقش اللجنة العليا التجارية المشتركة بين تونس والجزائر، اليوم، إمكانيات تكثيف التبادل التجاري بين البلدين، مع وضع خارطة طريق لإنشاء منطقة تجارية حرة على الحدود الغربية، بما يمكّن من تقليص النشاط غير الرسمي، فضلا عن توفير الأرضية القانونية والضريبية الملائمة لرجال الأعمال لإقامة مشاريع مشتركة في البلدين.
ويعد مشروع إنشاء منطقة التبادل الحر بين البلدين من أهم الملفات، خاصة أن الاتفاق التجاري التفاضلي الذي دخل طور التنفيذ مع بداية 2014 لم يغيّر كثيرا في التعاون الاقتصادي بين البلدين حتى الآن، وفق البيانات الرسمية.

وشهدت المبادلات التجارية مع الجزائر خلال العام الماضي 2015، تراجعا كبيرا مقارنة بفترة ما قبل عام 2011، حيث تراجع إجمالي المبادلات التجارية إلى مستوى 2.8 مليار دينار تونسي (1.6 مليار دولار)، مقابل قرابة 4 مليارات دينار ( مليارا دولار) قبل 5 سنوات، بانخفاض بلغت نسبته 25%.
ويعود تراجع التبادل التجاري مع الجزائر، وفق خبراء اقتصاد ورجال أعمال، إلى هيمنة القطاع غير الرسمي على أغلب عناصر المبادلات التجارية، بينما باتت التجارة المنظمة تقتصر على المواد الغذائية بشكل أساسي، فيما يوفر نشاط السوق السوداء أكثر من 50% من السلع القادمة عبر الحدود الغربية.
وجاء تنشيط المباحثات مع الشركاء التجاريين في الجزائر، متزامنا مع تحركات رسمية تجاه ليبيا. واتفق رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد، مع نظيره الليبي فائز السراج، على عودة رحلات الطيران الليبية إلى مطار قرطاج في تونس قبل نهاية مايو/ أيار الجاري.
وتمثل التعاملات التجارية والاستثماريّة مع ليبيا الحصة الأهم في المبادلات بين تونس وبلدان المغرب العربي بنسبة 44% من الصادرات.
كما تنشط 165 مؤسسة مشتركة بين البلدين بأرقام معاملات مستقرة وهامة، رغم الأزمة الليبية والركود الذي يشهده الاقتصاد الوطني منذ سنوات.
وأظهرت بيانات نشرها أخيرا المعهد الوطني للإحصاء في تونس (حكومي)، تراجع الصادرات إلى ليبيا بنسبة 25.5% خلال الربع الأول من العام الحالي، بسبب العوامل الأمنية وكذلك لعوامل أخرى، على غرار ضعف السيولة النقدية في ليبيا.
وقال علي الذوادي، رئيس الغرفة التجارية التونسية الليبية، إن المبادلات التجارية بين البلدين تأثرت بالأوضاع الأمنية الصعبة التي تعيشها ليبيا، لتصبح موجهة أكثر نحو السلع الضرورية من مواد غذائية وأدوية.
وأشار الذوادي في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أهمية إعادة فتح المجال الجوي بين البلدين لتسهيل تنقلات رجال الأعمال وبحث فرص استثمار جديدة في ليبيا التي تعد أحسن متنفس اقتصادي لتونس.

المساهمون