تسيبراس يهرب من دُوّامة أوروبا.. ويُبحر باليونان عبر موسكو

تسيبراس يهرب من دُوّامة أوروبا.. ويُبحر باليونان عبر موسكو

08 ابريل 2015
يأمل تسيبراس في إنهاء إجراءات التقشف (أرشيف/Getty)
+ الخط -

تحاول أثينا رفع الحظر الذي فرضته موسكو على منتجاتها الزراعية، النباتية والحيوانية والسمكية، وضمان مد أنبوب "السيل التركي" لنقل الغاز عبر أراضيها، ولتحقيق ذلك، تطالب موسكو بثمن سياسي، وتضغط نحو تعاون أكبر لأثينا مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، فيما يرى خبراء أن اليونان مصيرها الموت البطيء في منطقة اليورو، وقد يكون الاتحاد الأوراسي منقذا لاقتصادها الذي يعاني صعوبات جدية.

ويلتقى رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، في موسكو.

وتقول الحكومة الروسية، إن الزيارة تهدف للتباحث في عدد من مجالات التعاون بين البلدين

بما في ذلك التعاون التجاري والاقتصادي والاستثمار والعلاقات الإنسانية الثقافية والمسائل الدولية الملحة.

مساعدات مالية

وتأتي هذه الزيارة على خلفية صعوبات اقتصادية جدية تعانيها أثينا. فعلى اليونان أن تسدد، غدا الخميس، مبلغ 455 مليون دولار من ديونها المستحقة لصندوق النقد الدولي. ورغم تعهد اليونان بسداد هذه الدفعة، نقلت وكالة "بلومبيرغ" عن موظفين في صندوق النقد أن اليونان هي "العميل الأصعب" الذي تعامل معه الصندوق على مدى سبعين عاما من تاريخه.

ويلاحظ بين المسؤولين والمحللين الأوروبيين قلق متزايد من سياسة الحكومة اليونانية، برئاسة أليكسيس تسيبراس، التي قد تؤدي إلى خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي.

وفي السياق، ينتظر أن يطلب المسؤولون اليونانيون مساعدة اقتصادية من موسكو، وذلك ما أكدته مجلة "دير شبيغل" الألمانية. وكان وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، قد صرّح في فبراير/شباط الماضي، أن روسيا سوف تنظر في تقديم أموال لليونان إذا ما طلبت الأخيرة ذلك.

رفع حظر الواردات

وقال وزير المالية الروسي، سيلوانوف، إن وزارته سوف تأخذ بعين الاعتبار، أثناء دراسة الطلب الخاص بالمساعدات المالية، جميع العوامل في العلاقة بين البلدين. وبالتالي، فيمكن لموسكو أن تتفاوض مع أثينا على رفع الحظر عن استيراد المنتجات الزراعية اليونانية، الذي أعقب فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على موسكو نتيجة سياساتها في أوكرانيا.

وكانت روسيا تستورد من اليونان، بصورة منتظمة، الفواكه ومشتقات الحليب والمنتجات البحرية، وتصدّر إلى هناك مصادر الطاقة والمعادن ومستلزمات الصناعات الكيميائية.

اقرأ أيضاً:
تسيبراس يرقص على رؤوس الثعابين

وجاءت اليونان في المرتبة 33 بين شركاء روسيا التجاريين العام الماضي، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين، وفق البيانات الروسية، 4.17 مليارات دولار، منخفضا 39% عن مستواه في عام 2013.

ويعود الانخفاض المسجل سنة 2014 إلى تراجع صادرات الغاز والنفط الروسي ومشتقاته

إلى النصف تقريبا، وفق بيانات رسمية روسية. بالتزامن مع ذلك، تراجع استيراد روسيا للأسماك من اليونان ستة أضعاف، إلى 3.4 ملايين دولار، كما تراجع تصدير الفراولة والكيوي والأدوية إلى روسيا بدرجة كبيرة.

ومما يؤكد ذلك، تصريح الممثل الرسمي للحكومة اليونانية، غابرييل ساكيلاريديس، لوكالة "تاس" بأن "فرض روسيا حظرا على استيراد المنتجات الزراعية اليونانية وجه ضربة قوية

(للاقتصاد اليوناني). أي أن هناك قضايا يمكن مناقشتها وحلها أثناء هذه الزيارة، الأمر الذي يسمح بتقديم مساندة عاجلة للاقتصاد اليوناني".

وفي مقابلة أجرتها معه وكالة "تاس" الروسية، قال رئيس الوزراء اليوناني تسيبراس: "يمكننا أن نصل إلى تعاون مهم يتيح لليونان تصدير المنتجات الزراعية إلى روسيا الاتحادية. فأنتم تعلمون أن هذه العلاقات تعرضت في الفترة الأخيرة إلى ضربة ناجمة عن أن الحكومة السابقة في بلدي لم تفعل ما كان يمكنها فعله لتجنب سياسة العقوبات العقيمة، من وجهة نظري، بسبب التوتر في أوكرانيا. ونتيجة ذلك، تم فرض حظر على المنتجات الزراعية اليونانية، الأمر الذي تسبب بخسائر كبيرة للاقتصاد اليوناني".

خط الغاز التركي

وكان وزير الطاقة اليوناني، باناجيوتيس لافازانيس، قد زار موسكو في نهاية مارس/آذار الماضي، تمهيدا لزيارة رئيس حكومته العاصمة الروسية، وعبّر عن أمله خلال الزيارة في التوصل إلى اتفاق حول أنبوب نقل الغاز "السيل التركي".

ونقلت صحيفة "إيفغي" اليونانية عن لافازانيس قوله: "لدي إحساس بأن زيارة تسيبراس لموسكو ولقاءه مع بوتين يمكن أن تشكل معلما مهما في هذا الاتجاه. فمن شأن فتح فصل جديد من التعاون بين اليونان وروسيا، يتضمن مد أنبوب نقل الغاز الروسي عبر الأراضي اليونانية، أن يغيّر بشكل جدي، وفي منحى إيجابي جدا، المشهد السياسي وصورة إقليمنا وأوروبا".

وتتناقض آراء الخبراء الاقتصاديين، بشأن آمال أثينا في علاقتها بموسكو ومحاولات موسكو تحريرها من رهانات أوروبا المرهونة بدورها لواشنطن.

وقال مدير مركز الأبحاث السياسية بمعهد العولمة والحركات الاجتماعية الروسي، فاسيلي كولتاشوف، في مقابلة أمس، مع إذاعة "سبوتنيك": "هناك ما يمكن أن نتفق عليه، ولكن ينبغي على موسكو أن تطالب اليونان بسياسة أكثر منهجية مقابل ذلك.

والأهم هو أن موسكو يمكنها أن تقترح تعاونا اقتصاديا واسعا وينبغي عليها فعل ذلك، في إطار

ثنائي كما في إطار الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. وعلى الرغم من أن هذا التعاون سوف يتناقض مع وضع اليونان في الاتحاد الأوروبي ومفاوضاتها مع بروكسل، إلا أنّ اليونان لا ينتظرها في منطقة اليورو سوى الموت البطيء.

وأما في تطوير تعاونها مع بلدان الاتحاد الاقتصادي الأوراسي فإنقاذ لها وفرصة للاقتصاد اليوناني. ولروسيا مصلحة في تعاون اقتصادي مديد مع اليونان".

وعلى النقيض من ذلك، ترى مينا أندرييفا، ممثلة المفوضية الأوروبية أن المكان الطبيعي لليونان هو في منطقة اليورو، فقد نقلت عنها وكالة "تاس" قولها: "روسيا ليست بديلا بالنسبة لليونان. فمكان اليونان هو منطقة اليورو".

وأكدت أن تسيبراس لا يقصر نشاطه على التواصل مع موسكو، فهو "يولي كذلك اهتماما كبيرا للعلاقات مع أوروبا والتواصل مع الزعماء الأوروبيين والمفوضية الأوروبية".

وهكذا، فلا ينبغي انتظار أن يدير تسيبراس ظهره لأوروبا نحو روسيا، على الرغم من أن لليونان مكانة دينية وتاريخية خاصة لدى الروس، فهل يفيد ذلك في جرعة مال تقدمها موسكو لأثينا، بانتظار أن تجد الأخيرة مخرجا لأزمتها، علما أن الاقتصاد الروسي نفسه ليس في أحسن أحواله، وموسكو نفسها تبحث عن أساليب لسد العجز المالي الناجم عن انخفاض أسعار النفط؟



اقرأ أيضاً:
اليونان تتوقع الاتفاق مع الدائنين الأسبوع المقبل

المساهمون