تسيبراس يرقص على رؤوس الثعابين

تسيبراس يرقص على رؤوس الثعابين

04 ابريل 2015
تسيبراس أصبح رئيساً للوزراء ومفاتيح الحكم في بروكسل(Getty)
+ الخط -
رئيس الوزراء اليوناني اليساري أليكسيس تسيبراس، في موقف لا يحسد عليه، فمنذ انتخابه رئيساً للوزراء يتعرض للامتحان تلو الامتحان من قبل المفوضية الأوروبية التي تطالبه بتطبيق شروط التقشف التي انتخبته الجماهير من أجل إلغائها. ورغم أن زعماء منطقة اليورو لا يقولون له "لا نريد التعامل معك"، ولكنهم يضعون أمامه العقبات الكأداء التي تمنعه حتى من تسيير الشؤون اليومية لحكومته، ويتركونه يرقص على رؤوس الثعابين، على أمل أن يسقط فريسة لها في أية لحظة. ويلاحظ أن تسيبراس كلما قدم خطة بديلة للتقشف، يطالبه زعماء منطقة اليورو بخطة بديلة.
وفيما قدمت الحكومة اليونانية، يوم الأربعاء، مسودة جديدة من 26 صفحة للإصلاحات الاقتصادية التي تنوي تنفيذها، أثيرت تساؤلات حول ما إذا كانت اليونان ستتمكن من تسديد التزاماتها للدائنين المستحقة خلال شهر أبريل/ نيسان الجاري.
وقال مسؤول بوزارة المالية اليونانية، يوم الأربعاء، إن أثينا أرسلت قائمة محدثة بالإصلاحات المقترحة للدائنين على أمل التوصل إلى اتفاق من شأنه الإفراج عن الدفعة التالية من المساعدات المالية لتجنب التعثر في سداد ديونها.
وتهدف الإصلاحات التي اقترحتها الحكومة اليونانية إلى زيادة الدخل الحكومي من الضرائب ورسوم التحويل بحوالي 6 مليارات يورو، ولكنها لم تتحدث عن أية خطوات لخفض الإنفاق. وهو ما يعني أن رئيس الوزراء اليوناني اليساري أليكسيس تسيبراس، يسعى إلى تفادي تنفيذ بنود التقشف الواردة في خطة الإنقاذ التي وقعتها اليونان مع كل من المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي.

وتطالب خطة التقشف اليونان بخفض الإنفاق الحكومي وتخصيص المؤسسات الحكومية عبر بيعها للقطاع الخاص والتحوّل السريع لنظام السوق، عبر تحرير الاقتصاد. وكان تسيبراس قد صعد إلى الحكم عبر وعود قطعها للجماهير اليونانية بإلغاء هذه الخطة.
وحسب مصادر أوروبية، فإن مسودة الإصلاحات الجديدة التي قدمتها حكومة تسيبراس لم تشتمل على أي بند يخص تقليص النفقات أو إلغاء الدعم الحكومي المتضمن في برنامج التقشف. وقالت المصادر الأوروبية إن "مسودة الإصلاحات الجديدة" التي قدمتها اليونان شملت تشديد قوانين التهرب الضريبي وتدقيق حسابات الأموال المحولة من اليونان إلى الخارج وإدخال ضريبة جديدة على السلع الفارهة. ولكن مصادر أوروبية في لندن ترى أن "مسودة الإصلاحات اليونانية الجديدة، لن تكون كافية لإقناع قادة منطقة اليورو، لأنها لم تشتمل على خطط لتحرير سوق العمل أو لإصلاح نظام المعاشات".
وذكرت تقارير سابقة أن السيولة النقدية لدى الحكومة اليونانية على وشك النفاد وربما تنفد في غضون أسابيع قليلة. وتحدث أزمة السيولة في وقت يرفض فيه الدائنون الدوليون صرف أي مساعدات في إطار برنامج الإنقاذ المالي الطارئ الذي تنفذه المفوضية الأوروبية لتقديم دفعات مالية للحكومة ويقوم بموجبه "البنك المركزي الأوروبي" بتوفير السيولة للبنوك التجارية في اليونان. وتواجه البنوك، منذ إرهاصات فوز حزب "سيريزا" الذي يمثل اليسار الراديكالي في اليونان، موجة من سحب الإيداعات.
وحسب تقرير وكالة التصنيف الائتماني الأميركية، "فيتش"، الأخير، فإن حجم الأموال التي سحبت من البنوك التجارية اليونانية بلغت نسبة 15% من إجمالي إيداعاتها. ويلاحظ أن "المركزي الأوروبي" قدم حوالى 700 مليون يورو في شكل تسهيلات منذ صعود رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس للحكم.
وفي إشارة إلى تدهور الاقتصاد اليوناني، قالت بيانات رسمية يونانية، يوم الخميس، إن معدل النمو الاقتصادي في اليونان ربما يتراجع إلى 1.4% خلال العام الجاري، وذلك مقارنة بتوقعات سابقة قدّرت أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي 2.9% خلال العام 2015.
وسط هذه الضغوط المالية، هددت الحكومة اليونانية بأنها لن تتمكن من تسديد قسط دين لصندوق النقد الدولي يحل أجل سداده في 9 أبريل/ نيسان الجاري ويقدّر بحوالى 450 مليون يورو، ما لم تحصل على الدفعة الجديدة من أموال حزمة الإنقاذ.
ونسبت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية إلى وزير الداخلية اليوناني قوله: "إذا لم تدفع أموال حزمة الإنقاذ المستحقة لليونان، فإننا سنقوم أولاً بدفع أجور موظفي الدولة وأصحاب المعاشات، وسنطلب من شركائنا في أوروبا النظر في تأجيل دفع قسط الدين المستحق لصندوق النقد الدولي".

احتمال العودة للدراخما

في سبيل الخروج من الأزمة المالية التي تواجهها الحكومة اليونانية، اقترح زعيم المعارضة اليونانية، أنطونيوس سامراس، تشكيل "حكومة وحدة وطنية"، لضمان حصول اليونان على حزمات الإنقاذ الطارئة من المفوضية الأوروبية، حتى لا تقع اليونان في براثن الإفلاس. ولكن سامراس شكك، في لقاء تلفزيوني بأثينا يوم الأربعاء، بمدى التزام تسيبراس ببقاء أثينا في العملة الأوروبية الموحدة "اليورو".
وكان اقتصاديون قد اقترحوا أن تخرج اليونان مؤقتاً من عملة اليورو والعودة إلى عملتها السابقة، "الدراخما"، إلى حين تجاوز أزمتها المالية ثم العودة بعد ذلك لمنطقة اليورو. ويعللون ذلك بنجاعة الوصفات العلاجية التي اقترحها صندوق النقد الدولي للدول التي مرت بأزمات مشابهة، مثل تركيا التي خفضت سعر صرف الليرة بنسبة كبيرة في أعقاب الأزمة المالية التي ضربتها في العام 2000، ودول أميركا اللاتينية التي اتخذت إجراءات مماثلة. ووصفة خفض العملة تساعد الدول التي تمر بأزمات مالية على رفع تنافسية الصادرات وجاذبية السياحة.
ولكن بالنسبة لليونان المرتبطة بعملة اليورو، لا تستطيع فعل ذلك ما لم تعدّل قوانين منطقة اليورو. ومن هذا المنطلق، يقول اقتصاديون في لندن إن العودة إلى الدراخما التي سيكون سعر صرفها منخفضاً مقابل الدولار واليورو، سيعمل تلقائياً على زيادة الصادرات اليونانية إلى منطقة اليورو وبالتالي تحريك ماكينة الإنتاج في اليونان، وهو ما سيعني زيادة نسبة العمالة وخفض البطالة. كما سيقود سعر صرف الدراخما المنخفض إلى زيادة جاذبية اليونان السياحية بالنسبة للسياح الأوروبيين والأميركيين. وهذا العامل سيزيد كذلك من عمليات الإشغال للفنادق والمطاعم ويرفع دخل الدولة اليونانية من رسوم المتاحف والآثار التاريخية. ولكن في مقابل هذه الفوائد، يتخوّف اقتصاديون آخرون من سلبيات الخروج من اليورو، ويقولون إن الاقتصاد اليوناني سينهار، لأن الإيداعات ستهرب من اليونان وكذلك المستثمرون وأصحاب الأعمال التجارية، وبالتالي ستفلس البنوك اليونانية واليونان معاً.

اقرأ أيضا:
اليونان تهدد بخروج المستثمرين من سندات اليورو
وكالة فيتش تخفض التصنيف السيادي لليونان

المساهمون