البطالة تعاكس الجهود الحكومية في تونس

البطالة تعاكس الجهود الحكومية في تونس

04 يوليو 2018
تشكل البطالة التحدي الاكبر للحكومة في تونس (Getty)
+ الخط -
تسعى حكومة تونس إلى تطويق أزمة البطالة المتفاقمة عبر توفير حوافز ومساعدات لمؤسسات القطاع الخاص. ورغم الجهود التي تبذلها الحكومة لتقليص نسب البطالة، لا تسجل المؤشرات التي يكشف عنها معهد الإحصاء نهاية كل ربع من العام تحسنا.
وتراوح نسبة البطالة البالغة 15.5% مكانها منذ سنوات وسط توقعات باستقرار الوضع على ما هو عليه خلال بقية العام الحالي، بينما يتوقع صندوق النقد الدولي في تقرير حديث أن تتراجع النسبة خلال العام المقبل إلى 14.6%.

ويصف مراقبون مشكلة البطالة بالهيكلية، بسبب عدم أقلمة الاختصاصات التعليمية مع الاحاجيات الحقيقية لسوق العمل وتعطل محركات الإنتاج في قطاعات حيوية خلال السنوات السبع الماضية، ما أدى إلى نزول نسبة النمو إلى ما دون الصفر خلال العام 2013 .

وتشير بيانات معهد الإحصاء الحكومي، على مدى السنوات الثماني الماضية، إلى أن عدد العاطلين عن العمل سجّل قفزة ضخمة في الفترة المتراوحة بين 2010 و2011، حيث قفز العدد من 401 ألف عاطل إلى 738 ألفا قبل أن يتراجع من جديد عام 2012، ليستقر في حدود 653 ألفا مدفوعا بمجمل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة حينها لامتصاص أمواج الغضب من العاطلين والوضع الاجتماعي المتردي.

وبحسب البيانات ذاتها، سجلت سنة 2013 تراجعا في البطالة حيث بلغ عدد العاطلين 609 آلاف قبل أن تعود إلى الصعود مجددا إلى 634 ألفا خلال الربع الأول من العام الجاري.
وقادت وزارة التشغيل على امتداد شهر مايو/ أيار الماضي حملة تشجيعية استهدفت 141 منشأة ذات طاقة تشغيلية عالية، للتعريف بالحوافز والآليات التي تضعها الدولة للمنشآت التي تفتح آفاقاً للتشغيل انتهت بالحصول على وعود بتوفير قرابة 19 ألف فرصة عمل.

وتشير الأرقام الصادرة عن معهد الإحصاء إلى أن عدد العاطلات عن العمل بلغ 271 ألفا سنة 2017، مع تسجيل ذروة الطلب النسائي على العمل في سنتي 2011 و2012.
ويفسر مراقبون ضعف البطالة في صفوف الإناث مقارنة بنسبها لدى الشباب بقبول الإناث بمعظم أشكال التشغيل المتوفرة بما في ذلك الهشة منها أو القبول بوظائف دون مؤهلاتهن التعليمية.

وتشكل البطالة التي تضرب أكثر من 30% من الشباب الحاصل على الشهادات الجامعية التحدّي الأكبر للحكومة في سعيها نحو توفير مزيد من فرص العمل للخريجين الجدد، الذين ارتفع عددهم إلى نحو 70 ألفا سنويا، بعد أن كان لا يتجاوز 40 ألفا في فترات سابقة.
ونتيجةً لذلك، فإن حصة الباحثين عن العمل من ذوي التعليم العالي ارتفعت من ‌20% عام 2000، إلى أكثر من 55% نهاية عام 2010.

ولم يواكب هذا التغيير الجوهري في مؤهلات الداخلين الجدد إلى سوق العمل في تونس تطور الطلب على اليد العاملة، حيث استمرّت القطاعات ذاتها في توليد الفرص.
ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة تونس محمود بن رمضان لـ"العربي الجديد"، إن أحد الأسباب الحقيقية التي أدّت إلى زيادة معدلات البطالة في صفوف الشباب المتعلم والجامعيين، هو تسهيل الحصول على الشهادة الثانوية من خلال رفع معدّل النجاح بالثانوية بنسبة 25% ما تسبب في ارتفاع نسبة النجاح في المرحلة الثانوية إلى 70 % في بعض السنوات، مقابل 35 % خلال الثمانينيات.


ويتابع بن رمضان قائلاً: "بين عامي 2008 و2010، كان يصل إلى سوق العمل سنوياً ما يقارب 75 ألف حاملٍ شهادة تعليم عالٍ، قياساً بثمانية آلاف فقط في الثمانينيات وهو ما ولّد بطالة هيكلية تراكمت على امتداد أكثر من عقدين لتجد كل الحكومات التي تعاقبت على البلاد بعد الثورة نفسها عاجزة عن إيقاف نزيف سيظل يهدد المجتمع طالما لم تتحقق أهداف الثورة التي كان التشغيل على رأس أولوياتها.
ومن المتوقع أن تزيد الضغوط على الحكومة بسبب أزمة البطالة، لاسيما أنها تتجه العام القادم لوقف التوظيف الحكومي، للعام الثالث على التوالي ضمن اعتماد خطة تقشفية لضبط الموازنة تعتمد على الاستغناء عن التوظيف في القطاع الحكومي والاكتفاء ببعض التعيينات الخاصة.

وكان الوزير المكلف بمتابعة الإصلاحات الكبرى توفيق الراجحي، قد قال في تصريحات لـ"العربي الجديد" في يونيو/حزيران الماضي إن الحكومة ستطلق ابتداء من يوليو/تموز دورة جديدة للتسريح الاختياري لموظفي القطاع الحكومي لبلوغ الأهداف المرسومة ضمن برنامج يستهدف إلى خفض عدد موظفي القطاع العام بنحو 20 ألف موظف قبل نهاية العام الحالي.
وأكد الراجحي عدم تحقيق الدورة الأولى من برنامج التسريح أهدافها، معتبرا أن عدم إقبال الموظفين على هذا البرنامج مردّه غياب التعريف بخطة الحكومة في هذا المجال وتأخر البرلمان في التصديق على القانون الخاص بالمغادرة الطوعية للموظفين.

المساهمون