تضييقات أوروبية على المهاجرين تفاقم البطالة في تونس

تضييقات أوروبية على المهاجرين تفاقم البطالة في تونس

07 يونيو 2018
احتجاجات سابقة في تونس ضد البطالة (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تواجه تونس تهديدات أوروبية بترحيل آلاف المهاجرين غير الشرعيين بعد زيادة موجات المهاجرين العابرين للبحر المتوسط بحثاً عن مصادر للكسب في البلدان الأوروبية، ما قد يفاقم صعوبات البلاد في إيجاد حلول لمعضلة البطالة. 

وتمثل الهجرة غير النظامية أو المقننة من أبرز الحلول التي يلجأ لها الشباب التونسي في رحلة البحث عن مواطن الشغل بعد انسداد الأفق في بلادهم وارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى أكثر من 640 ألف عاطلا، وفق آخر البيانات الرسمية.

ويرى آلاف الشباب التونسي في الهجرة عبر قوارب الموت سبيلا لتحقيق أحلامهم وتحسين وضعهم الاقتصادي رغم التضييقات الكبيرة التي تفرضها عليهم السلطات في الدول الأوروبية.

وشهدت سواحل مدينة قرقنة التابعة لمحافظة صفاقس بداية الأسبوع غرق سفينة كانت تقل أكثر من 180 مهاجرا غير شرعي من جنسيات تونسية وأفريقية ومغاربية ما تسبب في غرق 69 مهاجراً وفق حصيلة غير نهائية، فيما لا يزال عدد آخر في عداد المفقودين، وأقال رئيس الوزراء يوسف الشاهد الأربعاء وزير الداخلية لطفي براهم بعد ثلاثة أيام من غرق سفينة مهاجرين قبالة سواحل تونس.



ولمواجهة تحديات ارتفاع عدد العاطلين عن العمل في حال ترحيل دول أوروبية لمهاجرين تونسيين دعا الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، إلى تكثيف الجهود من أجل دفع الاستثمار وتحقيق التنمية الجهوية وتوفير مقومات العيش الكريم وفرص العمل لشباب تونس، وتشجيعهم على إحداث مشاريعهم الخاصة.

وقال عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصناعة والتجارة (منظمة رجال الأعمال) حمادي الكعلي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن كسب رهان مقاومة البطالة مجهود وطني يجب أن تنخرط فيه جميع الأطراف، مشيرا إلى أن مكبلات عديدة تحول دون قيام القطاع الخاص بدوره في خلق فرص العمل منها العراقيل الإدارية وتوتر المناخ الاجتماعي وارتفاع نسبة الفساد. 

وأضاف الكعلي أن القطاع الخاص قدم أكثر من وصفة للحكومة لتحريك الاستثمار الداخلي، غير أن أغلب هذه الحلول لا تجد العناية الكافية، مشددا على ضرورة تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص في القطاعات ذات القدرة التشغيلية العالية.

وتابع عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصناعة والتجارة أن مشكلة البطالة في تونس أصبحت هيكلية، مؤكداً ضرورة تفعيل ومراجعة اتفاقات تشغيل سابقة مع دول أوروبية وعربية لتأمين عقود عمل للراغبين في الهجرة تحميهم من مخاطر الهجرة السرية.

ومؤخراً أبدت السلطات الإيطالية انزعاجًا كبيرًا من تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين التونسيين الذي وصلوا إلى أراضيها بطرق غير قانونية عبر الرحلات البحرية غير النظامية.

وتشير بيانات لجمعيات حقوقية إلى أن إيطاليا بدأت فعلا في ترحيل التونسيين غير الشرعيين من أراضيها بمعدل 80 شخصا أسبوعياً، تجري إعادتهم إلى تونس عبر رحلات جوية ترسو في مطار النفيضة من محافظة سوسة مقابل 30 عملية ترحيل سابقا.

ويطالب مراقبون ومنظمات تهتم بالهجرة بوضع خطة حكومية لإدماج الشباب المرحّل في سوق العمل وتوجيه جزء من المساعدات التي تقدمها الاتحاد الأوروبي لتونس لتمويل مشاريع خاصة بهذه الفئة من الشبان إلى جانب إدراج حرية التنقل كبند مهم في المفاوضات التي تجريها تونس حاليا مع الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاق التبادل التجاري الشامل (أليكا).

وسجلت نسبة البطالة في تونس تراجعا بنسبة 1.9% في صفوف حاملي الشهادات العليا لتتحوّل هذه النسبة من 31.3% خلال الربع الأول من سنة 2017 إلى 29.3 بالمائة خلال الربع الأول من العام الجاري.

وحسب نتائج المسح الوطني حول السكان والتشغيل المتعلقة بالربع الأول من سنة 2018، فقد انخفض عدد الباحثين عن عمل بنحو 4800 خلال ثلاثة أشهر.

ووفقاً للمؤشرات الرسمية، فقد تراجعت بذلك نسبة البطالة بشكل طفيف من 15.5% خلال الربع الرابع لسنة 2017 إلى 15.4% خلال الربع الأول من سنة 2018.



ويصف الناطق الرسمي باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر التهديدات الإيطالية بترحيل المهاجرين التونسيين بالمنتظرة بعد صعود وزير داخلية يميني، مشيراً إلى أن عمليات ترحيل التونسيين لم تتوقف وأن عددها في تزايد مستمر في مخالفة واضحة لكل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالهجرة.

وقال بن عمر في حديث لـ"العربي الجديد" إن الفرصة سانحة حاليا للحكومة التونسية لتفاوض بجدية مع الاتحاد الأوروبي حول ملف الهجرة مؤكدا على ضرورة أن تكون حرية التنقل بندا أساسيا في اتفاق التبادل التجاري الشامل المتوقع إمضاؤه مع الاتحاد الأوروبي سنة 2019.

وأضاف الناطق الرسمي باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن دول الاتحاد الأوروبي تحصر رؤيتها لدول جنوب المتوسط ولا سيما منها تونس على أن سوق لترويج سلعها مؤكداً على أن هذه الأخيرة تستميت في الدفاع عن حرية تدفق سلعها وأرباحها دون حواجز مقابل تشديد مراعاة للوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به تونس.

وطالب بن عمر بضرورة حسن إدارة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاق "اليكا" وإيجاد حلول جذرية لملف الهجرة لوقف نزيف الهجرة غير النظامية التي تستهدف حياة آلاف الشبان سنويًا وتخلف مآسيَ إنسانية وعائلية، حسب قوله.

المساهمون