هنيئاً لأصحاب المعاشات الـ 20 جنيهاً

حقيقي.. "صبرتم ونلتم" وفزتم بالجائزة الكبرى والصفقة الضخمة في هذه الأيام المباركة، والذين صبروا هم أصحاب المعاشات في مصر، والبالغ عددهم نحو 9 ملايين، فهؤلاء انتزعوا أخيرا موافقة البرلمان والحكومة على زيادة الحد الأدنى لمعاشهم الشهري بقيمة تاريخية لم يحلم بها الكثيرون منهم، خصوصاً هؤلاء الذين خاضوا معارك لانتزاع حقوقهم المهضومة طوال السنوات الماضية.

فقد وافق البرلمان المصري، اليوم، بصفة نهائية، على مشروع قانون يقضي بزيادة الحد الأدني الخاص بأصحاب المعاشات بنسبة 15% شهريا، ولنا أن نتخيل بداية هذه النسبة المرتفعة، لكن سنصدم إذا حوّلنا النسبة المئوية لقيمة نقدية حيث تبلغ الزيادة الجديدة للحد الأدنى 20 جنيها مرة واحدة، وهذا الرقم يعادل 1.1 دولارا.

ويترتب على قرار البرلمان زيادة الحد الأدنى لمعاش التقاعد من 130 جنيها إلى 150 جنيها شهريا وبما يعادل 33 دولارا، على أن يضاف مبلغ الحد الأدنى للمعاش الأصلي الذي يتقاضاه أصحاب المعاشات.

ليست المفاجأة في الضعف الشديد في قيمة الزيادة الجديدة المضافة للحد الأدنى للمعاش الذي لا يكفي لشراء علبة سجائر أو ربع كيلو لحمة، ولا يكفي لشراء نصف كيلو دجاج، ولا يكفي لتغطية تكلفة جلسة على مقهى شعبي.

ولن أتحدث هنا عن مقارنة قيمة الزيادة بالحد الأدنى للمعاش بالزيادات القياسية في الأسعار ومعدلات تضخم يفوق معدلها 30%، ولن أقارن أيضاً بين قيمة المعاش الكلي الذي قد لا يكفي لشراء 10 كيلو لحمة، بل تكمن المفاجأة في أسلوب انتزاع أصحاب المعاشات هذه الزيادة التاريخية في الحد الأدنى الذي ارتفاع من 130 إلى 150 جنيهاً.

وحسب الأحداث والروايات التي جاءت على لسان كبار المسؤولين في البلاد اليوم الإثنين، فإن زيادة العشرين جنيهاً بالحد الأدنى للمعاشات جاءت بعد مفاوضات مكثفة ودراسات مطولة وجولات مكوكية شارك فيها رئيس الوزراء، ووزيرا المالية والتضامن الاجتماعي، ورئيس ائتلاف دعم مصر في البرلمان، كما جاء على لسان علي عبد العال رئيس البرلمان.

ويبدو أن عملية تمرير زيادة العشرين جنيها كانت صعبة جداً ومعقدة، فرئيس البرلمان كشف أيضاً عن أنه كان طرفاً في محادثات وصفها بـ"الماراثونية"، مع الحكومة بشأن "زيادة العشرين جنيهاً".

بل إن عمرو الجارحي وزير المالية، كشف عن مفاوضات حكومية برلمانية مكثفة لإقرار الزيادة الجديدة، إذ قال في جلسة البرلمان، اليوم الإثنين، إنه عرض الاقتراح على رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، الذي عرضه بدوره على السيسي، الذي وجه الحكومة بزيادة الحد الأدنى لأصحاب المعاشات ليرتفع من 130 إلى 150 جنيها.

ولأن الخطوة تاريخية، خصوصاً أن الحكومة والبرلمان لا يعيران أصحاب المعاشات أي اهتمام ولا يستجيبان لنداءاتهم المتكررة، وتحديداً المتعلقة بتحسين الرواتب والمساعدة في مواجهة الزيادات القياسية في الأسعار، لذا وجّه عبد العال الشكر للجميع على المجهود الكبير لتمرير الزيادة بالحد الأدنى، حيث قال عقب إقرار العشرين جنيها "الشكر موصول لكل من ساهم في زيادة الحد الأدنى لزيادة المعاشات بقيمة 20 جنيها، وبخاصة رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء".

إلى هذا الحد كان تمرير الزيادة الجديدة صعباً ومعقداً واحتاج لكل هذا المجهود الكبير.

أنا أنصح أصحاب المعاشات بتوجيه الشكر لكل يد بيضاء امتدت إليهم وصنعت لهم هذا الحدث التاريخي، وأن يشاركوا في "حفل الشكر" على الزيادة الجديدة في الحد الأدنى، وأن يجهزوا حملة إعلانية ضخمة في الصحف والفضائيات والشوارع يتم من خلالها شكر كل من شارك في صناعة هذا القرار المهم.

وهنا قد يجد أصحاب المعاشات أنفسهم في مأزق شديد، لأن تكلفة مثل هذه الحملة قد تفوق ليس فقط مبلغ الزيادة في الحد الأدني البالغ قيمتها 20 جنيهاً ولا قيمة المعاشات الشهرية التي يحصلون عليها، ولكن قد تتجاوز تكاليف الحملة قيمة معاش هؤلاء لمدة عام كامل.