أكبر عملية سطو في" وول ستريت" والسلطات تحقق

أكبر عملية سطو في" وول ستريت" والسلطات تحقق

03 ديسمبر 2014
شركات في بورصة وول ستريت تتعرض للسطو (أرشيف/getty)
+ الخط -

تحقق الشرطة الفيدرالية الأميركية "إف بي آي" في عمليات سطو إلكتروني واسع على شركات "وول ستريت"، بعد أن تسلمت ملفاً كاملاً قبل أيام من شركة متخصصة في أمن المعلومات.

وذكرت مصادر أميركية أن عصابة من قراصنة المعلومات، يبدو أنها تحالفت مع مجموعة من خبراء أسواق المال، لسرقة معلومات من 80 شركة مدرجة في سوق المال الأميركي، واستمرت عمليات سرقة المعلومات لمدة عام، قبل أن تكتشفها الشركة.

وحسب التقرير الذي أعلنت عنه شركة "فيير آي" الأميركية التي تعمل في الاستشارات الخاصة بأمن المعلومات أمس الأول، فإن هذه العصابة تحالفت مع مجموعة من خبراء المال الذين يملكون دراية ومعرفة دقيقة بسوق "وول ستريت" لخداع مدراء تنفيذيين ومحامين ومستشاري شركات، وتمكنت من الحصول منهم على معلومات سرية ومراسلات داخلية حول صفقات الدمج والاحتكار في 80 شركة.

وحتى نهاية العام الماضي، حققت سلطات البورصة الأميركية في مئات من عمليات المتاجرة من الداخل، وأدين أكثر من 207 متداولين في قضايا المتاجرة، بناء على معلومات داخلية.
وقالت شركة "فيير آي" إن المعرفة الدقيقة والأسلوب المتطور الذي استخدمته العصابة يوحي بأن بعض أفرادها كان يعمل في القطاع المالي. ولم تستبعد الشركة أن تكون هذه المعلومات التي حصلت عليها العصابة قد استخدمت في عمليات المتاجرة من الداخل لتحقيق أرباح طائلة.
 
ويشير التقرير المفصل، الذي أعلنت عنه الشركة المتخصصة عن العمليات التي نفذتها العصابة، إلى أن الأسواق المالية باتت تتعرض لموجة جديدة من عمليات المتاجرة من الداخل مختلفة عن عمليات الاحتيال السابقة، وهي عمليات لا يقودها أفراد يستخدمون علاقاتهم الخاصة مع مسؤولي الشركات للحصول معلومات داخلية بغرض المتاجرة وتحقيق أرباح، وإنما تنفذها عصابات متخصصة تتحالف مع خبراء في قطاع المال وتجارة الأسهم.

والمتاجرة من الداخل أو ما يعرف بجريمة استخدام المعلومات الداخلية تعني: الحصول مسبقاً على معلومة مهمة حول أرباح الشركة أو عمليات توسع أو اندماج على وشك التنفيذ. ويقوم المستثمر الذي يحصل على هذه المعلومات بالمضاربة على سهم الشركة، وهو ما يعطيه فرصة لتوقع توجهات سعر السهم وتحقيق أرباح.

ويقول محللون ماليون إن المتاجرة من الداخل هي من الجرائم الكبرى التي تفقد الثقة في أسواق المال، وتشوه عمليات المنافسة الحرة في بيع وشراء الأسهم والسندات.

وكانت سلطات الرقابة المالية في "وول ستريت" قد ألقت القبض خلال السنوات الأخيرة على مجموعة من الأفراد ومسؤولي شركات الوساطة المالية، وتمت محاكمتهم بجرائم المتاجرة من الداخل.

وحي وول ستريت المتواجد في مدينة نيويورك يعني الواجهة الرئيسية للسوق الأميركي؛ حيث توجد به بورصة نيويورك والعديد من المصارف والشركات المالية الأميركية الضخمة مثل جي بي مورجان.

وعادة ما تقوم السلطات الرقابية في البورصات العالمية بفحص الصفقات التي تنفذ في سوق الأسهم قبل إعلان الأرباح أو حدوث تغيير كبير في مجلس الإدارة أو القرارات ذات الأثر التجاري على مستقبل الشركات المسجلة في البورصة. وفي هذا الفحص تدقق السلطات في بعض الصفقات الكبيرة التي تسبق هذه التغييرات، وعما إذا كانت هنالك شبهة في أنها نفذت بناء على معلومات مسبقة.

ولم تستبعد شركة "فيير آي" في تقريرها قبل يومين، أن تكون عصابة القرصنة قد مررت هذه المعلومات التي حصلت عليها عبر الاحتيال والخداع وتمكنت من سرقتها من الشركات، وتمريرها إلى متاجرين في أسهم وول ستريت وشركات وساطة تتعامل معها.

وقال جان ويدون مدير شركة "فيير آي" لمكافحة التهديدات الذكية "نعتقد أن هذه العصابة ليست أجنبية، ولكنها عصابة أميركية، لأن أفرادها يملكون معلومات دقيقة عن سوق "وول ستريت".

وأضاف في تصريحات في نيويورك أن "اللغة التي استخدمها أفراد العصابة في مراسلاتهم توحي بأنهم يعرفون لغة المال، كما أن الخطابات والمراسلات المتبادلة تدلل كذلك على أنهم أميركيون".

وكانت الشركة قد قدمت المعلومات التي حصلت عليها إلى الـ"إف بي آي". ومن المتوقع أن تكون الشرطة وسلطات الرقابة المالية في "وول ستريت" بدأت التحقيق حول العصابة والشركات المتضررة.

ومن بين الشركات التي تعرضت للسطو شركات كبرى في مجال صناعة الأدوية والعقاقير. ولم تكشف قائمة الشركات التي تعرضت لسرقة المعلومات، ولكن معظمها شركات أجرت عمليات دمج واحتكار خلال الأعوام الأخيرة.

وحسب خبراء معلومات، فإن من جرائم المتاجرة من الداخل الخطيرة التي حدثت في سوق "وول ستريت"، جريمة راجا غوبتا، أحد مديري صناديق التحوط في نيويورك التي أدين فيها بجريمة المتاجرة من الداخل في أسهم شركة "إيه إم دي" للتقنية.

وتعود الجريمة المالية إلى صبيحة الحادي والعشرين من يوليو/تموز عام 2009، حيث باع غوبتا ثلث الأسهم التي اشتراها في شركة "إيه إم دي" الأميركية العملاقة للتقنية، البالغة نحو 330 ألف سهم، وبعد ساعات من الصفقة أعلنت الشركة عن نتائجها للربع الثاني، حيث أعلنت أنها خسرت 330 مليون دولار، وأن دخلها انخفض بنسبة 13%. وبهذه الصفقة تفادى المدير خسائر قدرت بنحو 140 ألف دولار.

وكان يمكن أن تمضي الصفقة على أساس أن غوبتا رجل محظوظ أو أنه ذكي، لكن سلطات البورصة حينما حققت في ملابسات الصفقة، اكتشفت أن راجا غوبتا، أجرى مكالمة مع أحد مديري شركة "إيه إم دي" قبل تنفيذ عملية البيع بدقائق. وحينما تمت محاكمة غوبتا في نيويورك، اكتشفت المحكمة أن هذه الصفقة ليست الوحيدة التي تلاعب فيها بالبورصة، وإنما هنالك صفقات أخرى جنى منها أرباحاً من عمليات المتاجرة من الداخل، بلغت قيمتها أكثر من 63 مليون دولار.

وفي لندن أدين خلال العام الماضي أكثر من مستثمر استخدم معلومات داخلية في المتاجرة وتحقيق أرباح. وتجري السلطات البريطانية تحقيقات واسعة حول قدرة الشركات المالية البريطانية بما فيها البورصة على صد هجمات القراصنة وحفظ المعلومات بعيداً عن العصابات الخطرة.

والقرصنة الإلكترونية أو المعلوماتيَّة عمليَّة اختراق لأجهزة الحاسوب تتمُّ عبْر شبكة الإنترنت غالبًا؛ أو حتَّى عَبْر شبكات داخليَّة يرتبط فيها أكثرُ من جهاز حاسوب، ويقوم بِهذه العمليَّة شخصٌ أو عدَّة أشخاص متمكِّنين في برامج الحاسوب وطرُقِ إدارتِها.

المساهمون