خطة بخفض الضرائب على الشركات وتحرير عمل المصارف بأميركا

خطة بخفض الضرائب على الشركات وتحرير عمل المصارف بأميركا

10 نوفمبر 2014
الحزب الجمهوري يطالب بإصلاحات لإنعاش سوق المال (أرشيف/getty)
+ الخط -

هل ينقذ الجمهوريون الذين فازوا بالأغلبية في الكونجرس الأميركي في انتخابات التجديد النصفي، الاقتصاد الأميركي، وما يترتب عليه من جذب العالم من هاوية الركود؟ هذا سؤال الترليون دولار الذي يتسابق خبراء المال والسياسة على الإجابة عنه خلال الأشهر المقبلة.

فقد وعد أعضاء الكونجرس الجدد من الحزب الجمهوري بالضغط على الرئيس الديمقراطي، باراك أوباما، لإجراء إصلاحات أساسية تصب في صالح الأعمال التجارية والشركات الأميركية، من بين هذه الإصلاحات التي يطالب بها الجمهوريون خفض الضرائب على الشركات ورفع الإجراءات التي تخنق قطاع الطاقة، وإلغاء القوانين المقيدة لعمل المصارف التي أقرت عقب أزمة المال.

وجميع هذه الإجراءات تصب في صالح انتعاش أرباح الشركات الأميركية التي يعول عليها الاقتصاديون في زيادة عدد الوظائف، وجذب استثمارات أجنبية أكثر للاقتصاد الأميركي.

ووسط النمو الضعيف للاقتصاد الصيني واقتراب أوروبا من الدخول في دورة ركود اقتصادي، يراهن خبراء المال على الاقتصاد الأميركي ليقوم بدور الماكينة المحركة للاقتصاد العالمي. في خضم هذا المحيط المضطرب الذي تتقاذفه الأمواج، يقول مستثمرون وخبراء مال، إن السوق الأميركية هي الوحيدة القادرة على انتشال العالم من الوقوع في وهدة كساد جديدة.

ويشيرون في هذا الصدد، إلى أن السوق الأميركية، تدعمها قوة شرائية تقدر بحوالى 11 ترليون دولار سنويّاً. ومثل هذه القوة تفتقدها اقتصادات أوروبا التي دخلت في أزمة اليورو عقب الانفراجة البسيطة التي عاشتها في إثر أزمة المال العالمية.

ورغم الهزات الأخيرة التي ضربت أسواق المال، خلال الشهر الماضي، تبدو السوق الأميركية الأكثر قدرة على تحريك الاقتصاد العالمي، وسط توقعات إيجابية للنمو ونتائج إيجابية للشركات الكبرى، وتحسن مستمر في سوق العمل والوظائف الجديدة.

ولكن مع هذه البشائر الإيجابية، تبدو هنالك نذر ضعف ربما تؤثر على الاقتصاد الأميركي خلال العام المقبل، وعلى رأس هذه النذر، قوة الدولار الأميركي مقابل عملات الدول الصناعية الأخرى. فالدولار القوي، رغم أنه مغنطيس جاذب للاستثمارات الأجنبية، ولكنه في المقابل، يقلل من تنافسية البضائع الأميركية ويمنح البضائع الآسيوية جاذبية سعرية في السوق الأميركية.

أما نقطة الضعف الأخرى، فتتمثل في تباطؤ الاقتصادات الأوروبية التي تعدّ إحدى أهم الأسواق الخارجية للبضائع الأميركية.

وبالتالي فإن أي تباطؤ في السوق الأوروبية سينعكس سلباً على الصادرات الأميركية، من دون هذين العاملين، فإن عوامل أسس الاقتصاد الكلي تدعم نمو الاقتصاد الأميركي بقوة خلال العام المقبل، خصوصاً إذا تمكن الحزب الجمهوري من إجبار الرئيس، أوباما، على تطبيق الإصلاحات الخاصة بقوانين الضرائب على الشركات ورفع القيود والغرامات عن كاهل النظام المصرفي الأميركي.

ويقدر حجم سوق المال الأميركية بحوالى 21.34 ترليون دولار، ويتشكل من أسهم الشركات بأنواعها والأدوات الثابتة مثل سندات الخزانة والأوراق المالية قصيرة الأجل، وسندات الشركات والقطاعات الحكومية الأخرى. وحجم سوق المال الأميركية يعادل حاليّاً نسبة 125% من إجمالي الناتج المحلي الأميركي.

كما يعادل كذلك نسبة 51% من إجمالي أسواق المال العالمية. وتكمن أهمية سوق المال العالمية بالنسبة للمستثمرين الأجانب، بأنها السوق الوحيدة التي توفر دخلاً بالدولار، كما أن الحكومة الأميركية، رغم ما تعانيه من ديون تقدر بأكثر من 17 ترليون دولار، حافظت على الإيفاء بالتزاماتها المالية، وتنعم بالتصنيف الائتماني الممتاز" تربل أيه".

وبالتالي فالمستثمر يفضل وضع فلوسه في السوق الأميركية وشراء السندات الأميركية، رغم انخفاض عائدها. وذلك لأسباب عدة، أهمها الحفاظ على قيمة موجوداته في ظل اضطراب عملات الصرف.

وثانياً: فإن العائد على الاستثمارات مضمون وسط مخاوف الإفلاسات وتجارب المستثمرين في دول اليورو، حيث فقد المستثمرون نسباً من ثرواتهم تراوحت بين 20 إلى 40% حينما أفلست اليونان وأجبروا على التخلي عن جزء من ودائعهم، وحينما أفلست قبرص. هذه التجارب وغيرها في دول أميركا اللاتينية، جعلت المستثمرين في أنحاء العالم ينظرون إلى استثماراتهم في أميركا على أساس أنها استثمارات مضمونة، وأن العائد على السندات أو أدوات الدين الأخرى ، كذلك عائد مضمون.

مؤشرات سوق المال:

تشير إحصائيات البورصة الأميركية إلى أن أكثر من 81 شركة من الشركات التي تشكل مؤشر "ستاندرد آند بوورز" الذي يضم 500 شركة أعلنت نتائجها للربع الثالث من العام حتى الآن. ومعظم هذه الشركات حققت نتائج فاقت التوقعات، وهو مايعني أن الاقتصاد الأميركي بدأ رحلة انتعاش منذ أزمة المال العالمية في عام 2008.

ومن بين الشركات التي حققت نتائج ممتازة في الربع الثالث شركات مثل كاتربيلر وإكسون موبيل. وهذا المعدل من الأرباح يعد الأعلى منذ الربع الأول من عام 2010، كما يتفوق على نتائج الشركات الكبرى التي تشكل مؤشرات أوروبا وآسيا. وتشير الإحصائيات الأخيرة الى تحسن ملحوظ في سوق العمل الأميركية.

وكانت وزارة العمل الأميركية قد ذكرت، يوم الجمعة الماضي، ارتفاع أعداد الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة بمقدار 214 ألف وظيفة، خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، وانخفاض معدل البطالة لأدنى مستوياته في ست سنوات.

ويتصاحب هذا التحسن في أعداد البطالة مع انخفاض أسعار الغاز الطبيعي إلى دون 4 دولارات لمليون وحدة من وحدات الحرارة البريطانية وكذلك انخفاض أسعار الوقود.

وهذه العوامل سترفع من تنافسية الصادرات الأميركية مقارنة مع الدول الصناعية الأخرى في آسيا وأوروبا، حيث سيترجم رخص الوقود والغاز في انخفاض كلفة الوحدة المصنعة في أميركا، وبالتالي زيادة صادرات البضائع الأميركية إلى أنحاء العالم.

ومنذ سنوات تستفيد الشركات الأميركية من التقنية المتقدمة المتوافرة لها في خفض كلف الإنتاج وزيادة الأرباح من منتجاتها المصنعة.

ويلاحظ أن الشركات النفطية الكبرى مثل شيفرون وإكسون موبيل تمكنت من زيادة أرباحها رغم انخفاض أسعار النفط عالميّاً.

وتشير أرقام"وول ستريت" إلى أن مؤشرات الأسهم الأميركية ارتفعت في نهاية تعاملات الإسبوع الماضي، وإن كان بنسبة طفيفة، حيث سجل ارتفاع مؤشر "الداوجونز" الصناعي بنسبة 0.1% أو بمقدار 20 نقطة إلى 17574 نقطة، كما ارتفع مؤشر "S&P 500" الأوسع نطاقاً بنقطة واحدة إلى 2032 نقطة، بينما هبط مؤشر "النازداك" (- 5 نقاط) إلى 4633 نقطة.

وهذه كلها مؤشرات تدعم فكرة أن الاقتصاد الإميركي يمكن أن ينقذ الاقتصاد العالمي، إن لم تحدث كارثة عالمية أخرى تجر الاقتصاد العالمي إلى قاع الركود.

المساهمون