أمطار مارس ملاذ فلاحي تونس

أمطار مارس ملاذ فلاحي تونس

14 مارس 2016
مخاوف في تونس من ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية(فرانس برس)
+ الخط -
"أمطار مارس ذهب خالص"، هكذا يقول المثل الشعبي التونسي، فهذه الأمطار وفق ثقافة الفلاحين في البلاد حاسمة في تحديد نجاح الموسم الزراعي من عدمه، ما جعل من التساقطات الأخيرة مصدراً للأمل كاد يتبدد بعد انقطاع لقرابة الشهرين.
وحسب خبراء زراعيين، شهدت أغلب المحافظات في الأيام الأخيرة تساقط كميات كبيرة من الأمطار مقارنة بمعدلات الأشهر الماضية، ما خلف موجة من التفاؤل في صفوف نحو 400 ألف مزارع كانوا على امتداد شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، يتابعون يوميا أنباء الأرصاد الجوية خوفاً من أن يبدد انحباس الأمطار ما بذلوه من جهود في سبيل تأمين قوت التونسيين.
وكان الموسم الزراعي قبل أمطار الشهر الجاري يسير على وقع نقص كبير في المياه، الأمر الذي مثل تهديدا حقيقيا للمحاصيل والمواشي فضلا على الانعكاسات المحتملة للجفاف على أسعار المواد الاستهلاكية والاقتصاد عموما الذي تمثل الزراعة 10% من ناتجه المحلي.
وفي هذا السياق، يقول رئيس الاتحاد المحلي لمنظمة الفلاحين بمحافظة باجة (100 كيلومتر شمال غرب العاصمة) ناصر العمدوني، لـ "العربي الجديد"، "لقد كنا نعلق أمالاً عريضة على أمطار مارس/آذار لإنقاذ الموسم الزراعي فكانت استجابة السماء بسخاء وفي توقيت مميز تستعد فيه محاصيل الحبوب إلى بداية ولادة البذور".
ويعتبر معدل التساقطات هذه السنة ضعيفا مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي حيث تراوحت إجمالي التّساقطات في محافظات الشمال الغربي منذ بداية شهر سبتمبر/أيلول 2015 حتى 29 فبراير/شباط 2016 ما بين 175 و520 مليمترا مكعبا مسجلة نقصا قدر بنسبة 47%.
وأكد المسؤول المحلي بمنظمة الفلاحين أن تساقطات الشهر الحالي ستنعكس إيجاباً على كل الأنشطة الزراعية وتربية المواشي في محافظات الشمال وبقية محافظات الوسط التي تعوّل بدرجة كبيرة على النشاط الزراعي، لافتاً إلى أن شح الأمطار خلال الأشهر الماضية أدخل المزارعين في دوامة من القلق، ولا سيما أن جزءاً كبيراً من صغار المزارعين لم يتمكنوا بعد من تجاوز خسائر العام الماضي بعد أن أدارت المصارف التجارية وجهها لطالبي القروض الموسمية بسبب عجزهم عن تسديد أقساط القروض السابقة.

وشدد العمدوني على أهمية الأمطار في هذا الشهر من كل عام، مؤكدا على أنه أكثر أشهر الدورة الزراعية حسما في إنتاج الحبوب باعتبار أن المحاصيل تدخل في هذه الفترة مرحلة النمو الأولى للبذور التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء ليكون المحصول جيدا كمّا وكيفا.
وتعوّل تونس في إنتاج الحبوب على محافظات الشمال الغربي وجزء من محافظات الوسط التي تعد الخزّان الاستراتيجي لمياه المسطّحات المائية بالبلاد التونسية بما تحتوي عليه من سدود وبحيرات جبلية تخزّن نصف كميات المياه التي تستهلكها البلاد من المياه.
وكانت وزارة الزراعة قد انطلقت منذ شهر يناير/كانون الثاني الماضي في ضبط برنامج متحرك حسب المستجدات المناخية لمجابهة نقص الأمطار وانعكاساتها على المحصول، وترتكز الخطة الحكومية على دعم القطاعات الحيوية التي يتأثر إنتاجها بالتساقطات منها قطاع تربية الماشية وما يتطلبه من توفير للمراعي والأعلاف وأيضا قطاع الأشجار المثمرة التي تحتاج إلى برنامج ريّ.
وقال وزير الزراعة سعد الصديق، في تصريح صحافي، مؤخراً، أن تكلفة خطة مجابهة نقص الأمطار تختلف حسب حجم المياه المتوقع مستقبلاً، لافتا إلى أن الأشهر المنقضية سجلت نقصا يعادل 30%، من إجمالي المياه، ما يستوجب تخصيص ما بين 60 و70 مليون دينار (30 و35 مليون دولار)، لمجابهة تداعيات الجفاف لافتا إلى أن وزارته لا تستطيع توفير إلا 27.8 مليون دينار (13 مليون دولار) من المبلغ المطلوب، حسب تأكيده.
ودعا اتحاد الفلاحة والصيد البحري، في وقت سابق، إلى التعجيل بالتدخل الحكومي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من موسم الزراعات في هذه الفترة المهمة من نمو المحاصيل ومساعدة المنتجين على التخفيف من عبء خسائرهم نتيجة نقص الأمطار.
وقد عبر ممثلو الاتحاد عن المخاوف الجدية القائمة لدى منتجي الحبوب في عدد من الجهات وانشغالهم الكبير جراء انحباس الأمطار الفترة الماضية وتراجع المخزون المائي لا سيما أن خسائر الموسم الزراعي الماضي وصلت إلى أكثر من 450 مليون دينار (225 مليون دولار) منها 300 مليون دينار (150 مليون دولار) خسائر بسبب الجفاف.
وتعد الزراعة أحد قطاعات التشغيل الحيوي في البلاد، حيث يوفر أكثر من 36% من فرص العمل المباشر.




اقرأ أيضا: رفع سعر مياه الشرب يفاقم أزمات التونسيين