القمح المصري يتكدس على الطرقات بانتظار التوريد

القمح المصري يتكدس على الطرقات بانتظار التوريد

04 مايو 2017
الحكومة تشتري المحصول بأقل من السعر العالمي (Getty)
+ الخط -
يواجه مزارعو القمح بمصر تملُصاً حكومياً من عدم الالتزام بشراء المحصول الذي تراهن الحكومة على عدم التفريط في حبة واحدة منه لصالح القطاع الخاص في موسم هذا العام الذي بدأ في أبريل/نيسان.

ويصطف العشرات من مزارعي القمح، أمام الصوامع والشون المؤهلة لاستلام القمح منهم، لكن دون تجاوب حكومي، فعمليات التوريد تجري بصورة تكاد تكون جامدة، ما دفع المزارعين إلى تنزيل حمولات القمح أمام الصوامع، بعدما تكبدوا خسائر باهظة نتيجة دفع نفقات نقل مُضاعفة لسيارات شحن المحصول التي تتعطل لأيام أمام الشون محملة بمحاصيل المزارعين.

ورفض وزير التموين علي مصليحي، استلام 389 طن قمح من المزارعين بحجة أن بها شوائب، الأمر الذي أحدث حالة من الغضب بين هؤلاء، بسبب ارتفاع تكاليف زراعة القمح، من سماد وري وبذور، وارتفاع في أجور العمالة اللازمة للحصاد، فيما يطالب المزارعون بتدخل عاجل من جانب الحكومة لحل تلك الأزمة المتكررة كل عام مع بداية حصاد محصول القمح.

ولجأ عدد من المزارعين بالمحافظات، إلى تعبئة المحصول في أجولة بلاستيكية -رغم أن هذا يعرض القمح للتلف والسرقة على حد وصف بعضهم- بعد فشل جهودهم في توريد تلك الكميات الكبيرة إلى الشون التي لا تستوعب كميات القمح.

ووصلت الأزمة إلى حد توريد القمح بالوساطة والمحسوبية. وقال مصدر مسؤول بوزارة التموين إن تلك المشكلة المتكررة سنوياً في تزايد، خاصة هذا العام بعد قرار الحكومة إلغاء توريد القمح بالشون ( مخازن) الترابية بسبب تلوثها، وإغلاق بعض الشون بسبب عدم الصيانة، رغم أن الصيانة يجب أن تكون قبل موسم حصاد القمح.

وأضاف المصدر أن من المشاكل المتوقعة هذا العام في جمع وتشوين القمح، ارتفاع تكلفة النقل نتيجة زيادة أسعار السولار، كما أن تكدس شاحنات النقل وبقاءها ساعات وربما أياماً، أمام الصوامع والشون، يكلّف المزارعين نفقات إضافية.

وتشترط الصوامع توفر المزارع على حيازة زراعية بأرضه، للموافقة على تسلم محصول القمح، ما يمثل عبئا كبيرا على المزارعين ويعرقل مساعيهم لتوريد المحصول.
وقال المسؤول في وزارة التموين: "هذه أزمة حقيقية، فلا يملك حيازة زراعية سوى 5% فقط من الفلاحين، إذ إن معظمهم مستأجرون وليس لديهم حيازات".

أزمة أخرى لفت إليها المسؤول، الذي اشترط عدم نشر اسمه، وهي ضعف السيولة لدى الحكومة لشراء المحاصيل.

وحدد مجلس الوزراء المصري، في مارس/آذار الماضي، أسعار توريد القمح من المزارعين للحكومة، ليتراوح سعر الأردب (150 كيلوغراما) بين 555 جنيهاً و575 جنيهاً حسب الجودة، وهو ما يرفضه المزارعون وممثلوهم في البرلمان، نظراً لارتفاع كلفة الزراعة، عقب تحرير سعر الصرف وما تبعه من زيادة أسعار الأسمدة والوقود.

وحرر البنك المركزي المصري سعر الصرف في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ما أدى إلى قفزات في سعر الدولار أمام الجنيه الضعيف، متجاوزاً 20 جنيها في أيام معدودة مقابل 8.88 جنيهات قبل هذه الخطوة، ليشهد منذ ذلك الحين تذبذبا، لكنه استقر خلال الأيام الأخيرة قرب 18 جنيهاً.

وكانت الحكومات المتعاقبة في مصر تشتري القمح من المزارعين بأسعار تفوق أسعار السوق العالمية بنحو الربع، في مسعى لتشجيعهم على زراعة المحصول الاستراتيجي، وتوفير النقد الأجنبي، إلا أنه وفق الأسعار الأخيرة، فإن قيمة التوريد من المزارعين تقل عن الأسعار العالمية بنحو الثلث.

ووفق القرار الحكومي، تشتري الحكومة طن القمح من المزارعين بنحو 3833 جنيها، بينما سعر الطن عالمياً وفق الأسعار الحالية، يصل إلى 290 دولاراً (5220 جنيها)، وفق متوسط سعر الصرف حالياً في مصر.

وأمام التحديات التي تواجه المزارع المصري من زراعة القمح، يقوم البعض بتوريده لتجار السوق السوداء، أو تخزين بعضه إما لطحنه وتحويله لدقيق لإعداد الخبز أو تحويله علفا للماشية والدواجن والطيور بديلاً عن شراء الردة بعد ارتفاع سعر الأعلاف.

وشهدت محافظة المنيا (جنوب) مؤخرا موجة احتجاجات من قبل المزارعين، بسبب رفض الشون والبنوك تسلم محصول القمح. وفي محافظة أسيوط (جنوب) اشتكى فلاحون من عدم وجود شون في نطاقاتهم الجغرافية لتسلم المحصول، ما يدفعهم إلى السفر لمسافات طويلة لتوريد القمح، الأمر الذي يكلفهم مبالغ كبيرة في النقل.

وسيطرت حالة من الاستياء على عدد من مزارعي القمح في قنا (جنوب) بعد فشلهم أيضا، في توريد المحصول للمطاحن بسبب التعقيدات الروتينية، حسب وصف المزارعين، أبرزها ضرورة تقديم الحيازة الزراعية للأرض المزروعة بمحصول القمح.

ومصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وتشتري عادةً حوالي 10 ملايين طن سنوياً من الأسواق الدولية، وتستخدم خليطاً من القمح المحلي والمستورد لبرنامجها للخبز المدعوم، ويتجاوز السعر الذي تدفعه لشراء القمح من الأسواق الدولية 200 دولار للطن.

المساهمون