انطلاق ماراثون "العضلات التجارية" بين بكين وواشنطن

انطلاق ماراثون "العضلات التجارية" بين بكين وواشنطن

03 مايو 2018
الرئيسان ترامب والصيني شي جين بينغ في بكين (Getty)
+ الخط -



فيما يشبه مارثون"العضلات التجارية"، انطلقت في بكين أولى المفاوضات المباشرة على مستوى رفيع لحل النزاع التجاري بين بكين وواشنطن، حيث وصل وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، إلى العاصمة الصينية، اليوم الخميس، على رأس وفد تجاري يضم كلا من كبير مستشاري الاقتصاد في الإدارة الأميركية لاري كودلو، والممثل التجاري روبرت لايتزار، ووزير التجارة ويلبر روس، ومستشار البيت الأبيض للشؤون التجارية بيتر نافارو.

وسيعقد الوفد التجاري الأميركي مفاوضات مع كبار مسؤولي التجارة في الصين، وعلى رأسهم نائب رئيس الوزراء الصيني للشؤون التجارية والاقتصادية ليو هي، كما سيلتقي كذلك الرئيس الصيني شي جين بينغ.

وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، فإن هذه المحادثات ستكون تمهيدية لحصر نقاط الاختلاف التجارية بين البلدين، ووضع جدول زمني، أكثر منها مفاوضات نهائية لحل النزاع التجاري الذي يهدد العالم باندلاع حرب تجارية.

وحسب مصادر مصرفية، فإن الحكومة الأميركية تطالب الصين بخفض العجز التجاري معها بحوالى 100 مليار دولار، كما تطالبها بوقف مشاريع التقنية العالية المدرجة ضمن خطة "صنع في الصين 2025"، التي تزعج الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

كما تطالب الإدارة الأميركية بكين، كذلك، بحماية الملكية الفكرية وإنهاء السياسات التي تقول واشنطن إنها تصب لصالح الشركات الصينية الضخمة وتضر بالشركات الأميركية.

من جانبها، تقترح بكين خفض العجز التجاري عبر زيادة المشتريات من السلع الأميركية، وتحديدا مشتريات الطائرات التجارية والغاز الطبيعي. وكانت بكين قد نفّذت بعض الإجراءات على صعيد فتح أسواقها لإرضاء واشنطن، ومن بين هذه الخطوات فتح القطاع المالي أمام المستثمرين الأجانب وفتح قطاع السيارات. ولكن واشنطن ترى أن ذلك غير كاف.
وحسب تصريحات مسؤول في البيت الأبيض لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن ترامب قلق من خطة الصين لبناء 10 مناطق صناعية للتقنية العالية، ضمن خطة "صنع في الصين 2025"، من بينها صناعة الروبوتات وأشباه الموصلات.

وكان مستشار الرئيس التجاري، بيتر نافارو، قد كتب مقالاً في صحيفة "وول ستريت جورنال"، في الشهر الماضي، قال فيه "إن الصين تعمل على الهيمنة على الصناعات المستقبلية، مثل الذكاء الاصطناعي وصناعة السيارات ونظم البلوكتشين والروبوتات وصناعة السفن ذات التقنيات العالية".

ويرى نافارو أن توجه الصين نحو الهيمنة على هذه التقنيات العالية يهدد العالم ويمكن أن يقود إلى مواجهة عسكرية. ويدعم نافارو بقوة فرض رسوم عقابية على الصين، لأنها استغلت حقوق الملكية للشركات الأميركية.

ويذكر أن العجز التجاري الأميركي، الذي يطالب ترامب بخفضه، قد ارتفع، في فبراير/شباط، إلى أعلى مستوى له في نحو تسعة أعوام ونصف العام، مع ارتفاع الصادرات والواردات إلى مستويات قياسية، لكن العجز مع الصين تقلص كثيراً. بسبب نشاط الشركات الصينية في شراء شحنات الغاز المسال الأميركي. وقالت وزارة التجارة الأميركية، في بيان الشهر الماضي، إن العجز التجاري زاد 1.6% إلى 57.6 مليار دولار، وهو أعلى مستوى له منذ أكتوبر/تشرين الأول 2008.
وحسب رويترز، ليس من المرجح بشكل كبير التوصل إلى اتفاق لتغيير السياسات الاقتصادية للصين بشكل جوهري، خلال الزيارة التي تستغرق يومين، رغم أن قيام الصين بحزمة إجراءات قصيرة الأمد قد ترجئ قراراً أميركياً بفرض رسوم جمركية على صادرات صينية قيمتها حوالي 50 مليار دولار.

ومن المتوقع أن تغطي المناقشات التي يقودها وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، ونائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي، عددا كبيرا من الشكاوى الأميركية بشأن الممارسات التجارية الصينية. وقال منوتشين للصحافيين لدى وصوله إلى بكين، عندما سئل إن كان يتوقع إحراز تقدم "أشعر بسعادة غامرة لكوني هنا. أشكركم".

وقالت صحيفة "تشاينا ديلي" الرسمية الصادرة في بكين، في افتتاحية أمس، إن بكين تريد أن تسفر المحادثات عن "حلول عملية لإنهاء النزاع الراهن"، وإن المحادثات قد تسير على نحو جيد إذا توفرت لدى الوفد الأميركي الرغبة الحقيقية للاستماع وليس الحديث فقط.

وأضافت الصحيفة الصادرة بالإنجليزية، أن الصين "ستقف في وجه الغطرسة الأميركية، إذا دعت الضرورة. وستنال الصين دعماً قوياً من المجتمع الدولي، كونها من أنصار العولمة والتجارة الحرة والتعددية".

وقالت إن الصين تتوقع مقابل ذلك أن ترد واشنطن بالمثل وتفتح أسواقها أمام الاستثمارات الصينية والمنافسة.

ورغم أن الكثير من التحليلات الحالية تركز على اعتماد الصين على صادراتها إلى الولايات المتحدة، إلا أن الشركات الأميركية ومستثمريها ترتبط إيراداتهم بصورة أكبر بالصين، وذلك وفقاً لما قال وي تشن، مدير قسم الدراسات المتعلقة بالصين في مؤسسة "مورغان ستانلي كابيتال إنترناشونال".

وقال واي، في مقال نشره على الموقع الإلكتروني للمؤسسة المصرفية الأميركية، إن "5.1% من إيرادات الشركات المدرجة في مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشونال للولايات المتحدة تأتي من الصين، وقد تتعرض للخطر إذا ما حدثت حرب تجارية. ومقارنة بذلك نجد أن 2.8% فقط من إيرادات الشركات المدرجة في مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشونال للصين تأتي من الولايات المتحدة".
وحسب معطيات الدراسة، التي بنى عليها مسؤول مورغان ستانلي تعليقاته، فإن قطاعي تكنولوجيا المعلومات والطاقة في الصين هما الأكثر تأثراً بالاقتصاد الأميركي. أما على الجانب الآخر، فإن قطاعات تكنولوجيا المعلومات، والمواد، والصناعات، والسلع الاستهلاكية، والطاقة في الولايات المتحدة، تتأثر جميعاً وبدرجة كبيرة بالاقتصاد الصيني.

وأشار وي إلى أنه "رغم أن نشوب حرب تجارية موسعة قد يؤدي إلى خسائر للطرفين، إلا أنه قد يكون لها تأثير أكبر على الأسهم في الولايات المتحدة. وهي بشكل عام أكثر تأثراً بالاقتصاد الصيني مقارنة بالعكس".

وذكرت الدراسة أن نشوب حرب تجارية قد تكون له تداعيات خارج البلدين، مفسرة أن الأسواق الدولية المتقدمة أكثر تأثرا بالاقتصاد في الولايات المتحدة بوجه عام، ولا سيما في قطاعات الرعاية الصحية والسلع الاستهلاكية الكمالية، رغم أنها أكثر اعتمادا على الصين في قطاع العقارات.

أما الأسواق الناشئة وآسيا، فيما عدا اليابان، فهي أكثر تأثراً بالاقتصاد في الصين، وذلك بهوامش عريضة في جميع القطاعات، باستثناء قطاعي تكنولوجيا المعلومات والسلع الاستهلاكية الكمالية، حيث تكون الفوارق أصغر.

ومن المتوقع أن تؤثر الحرب التجارية على أسواق المال، خاصة الشركات متعددة الجنسيات التي تعتمد على السوق الصيني. وهبطت الأسهم الأميركية، أمس الأربعاء، مع استمرار المخاوف من تدهور علاقات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، وسط تقييم المستثمرون لقرار مجلس الاحتياط الفدرالي "البنك المركزي الأميركي" حول إبقاء أسعار الفائدة بدون تغيير.

ولجأ المستثمرون للذهب، اليوم الخميس، وسط مخاوف حدوث توتر في العلاقات بين واشنطن وبكين، عند فتح الملفات الشائكة، خاصة مطالبة واشنطن بوقف خطة "صنع في الصين 2025"، الذي يعتبرها الرئيس شي من أهم مشاريع تحديث الاقتصاد الصيني.

وارتفعت أسعار الذهب، اليوم الخميس، في لندن، حيث ارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.2% إلى 1307.05 دولارات للأوقية (الأونصة). وزاد الذهب في العقود الأميركية الآجلة تسليم يونيو/حزيران 0.2% إلى 1307.60 دولارات للأوقية.

وفي الوقت نفسه قال مجلس الذهب العالمي، إن الطلب على الذهب سجل أضعف بداية للعام خلال عقد، حيث تعثرت أسعار المعدن النفيس وقاد احتمال رفع أسعار الفائدة المستثمرين للسعي إلى عوائد أفضل في أصول أخرى.

المساهمون