رسوم الصين توجع "الولايات الحمراء" الأكثر تأييداً لترامب

رسوم الصين توجع "الولايات الحمراء" الأكثر تأييداً لترامب

10 ابريل 2018
الرسوم الصينية تستهدف السلع الزراعية الأميركية (Getty)
+ الخط -


استهدفت الرسوم الصينية الأخيرة على السلع الأميركية، منتجي الولايات الأكثر تأييدا لسياسة الرئيس دونالد ترامب، الأمر الذي يجعلها أكثر إيلاما، ما يجعلها لا تستهدف فقط ترامب الذي يواجه انتقادات حادة داخليا، وإنما تمتد إلى المنتجين والمستهلكين الأميركيين أيضاً.

وعلى الرغم من أن أغلب من أعطوا أصواتهم لترامب في انتخابات 2016 الرئاسية، كانوا منحازين لسياساته الحمائية، التي اعتقدوا أنها ستدافع عن مصالح الولايات المتحدة، إلا أن استطلاعات الرأي وردود الأفعال تشير إلى عدم رضا الكثيرين عن القرارات الأخيرة، بداية من أعضاء الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري وكبار المستشارين، ومروراً بجماعات الضغط الموالية لكبريات الشركات الأميركية، بالإضافة إلى الكثير من أصحاب الأعمال، الصغيرة والكبيرة، وحتى المستهلك.

وبالطبع لا يمكن إخفاء غضب مستثمري البورصة، الذين تكبدوا خسائر ضخمة بسبب قراراته الأخيرة الخاصة بفرض تعريفات تجارية على بعض أنواع الواردات.

وربما دفعت الانتقادات الحادة الداخلية والرد الصيني العنيف، الرئيس الأميركي إلى التهدئة في لغته حيال بكين. فقد قال، أمس الأحد، في تغريدة على تويتر إنه يتوقع التوصل إلى نهاية للنزاع التجاري المتصاعد مع الصين.

وحاول ترامب خطب ود الصينين بقوله "سنظل أصدقاء على الدوام مهما حدث بشأن خلافنا بخصوص التجارة" في إشارة الى الرئيس الصيني شي جينبينغ.

ويوم الأربعاء الماضي، أعلنت وزارة المالية الصينية، فرض رسوم نسبتها 25% على 106 منتجات أميركية من بينها فول الصويا والسيارات والكيماويات وبعض أنواع الطائرات والذرة بالإضافة إلى منتجات زراعية أخرى، بلغت قيمتها 50 مليار دولار في 2017، ردا على رسوم أميركية على 1300 سلعة صينية بقيمة 50 مليار دولار.

وقبل قرار الصين الأخير بثلاثة أيام، فرضت بكين رسوماً جمركية أيضا على 128 منتجاً أميركياً، بنسب تتراوح بين 15% و25%، بما يوفر لها نحو 3 مليارات دولار، وهو أول رد لها على الرسوم الأميركية على واردات الصلب البالغة 25% والألمنيوم بنسبة 10% الصادرة في الثامن من مارس/آذار الماضي.

ودفع هذا التصعيد، اقتصاديين أميركيين، إلى التحذير من احتدام الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وأكدوا أن واشنطن ستكون الخاسر الأكبر، لاسيما أن القرارات التي تتخذها الإدارة الأميركية، ستؤدي إلى حدوث اضطرابات في الأسواق، وانخفاض معدلات النمو والاستثمار، ولن تحل المشاكل التي تعاني منها الولايات المتحدة.

وقال ماركس نولاند، نائب الرئيس ومدير الدراسات في معهد بيترسون للاقتصادات الدولية، أحد أهم مراكز الأبحاث الاقتصادية في العالم، إنه يتفهم "دوافع الإدراة الأميركية، والتهديدات للأمن القومي"، إلا أنه رأى أن هذه ليست الطريقة المثلى لحل تلك المشكلات.

وأكد نولاند، الذي عمل لسنوات في بنك الاحتياط الفيدرالي، وشغل منصب كبير الاقتصاديين بوزارة الخزانة في الفترة من 2014 إلى 2017، أن الصين اختارت لتعريفاتها الجمركية الجديدة المنتجات التي تصدرها "الولايات الحمراء"، ويقصد بها الولايات التي تمنح أصواتها عادةً لترامب وحزبه الجمهوري في الانتخابات.

وأضاف في ندوة للمعهد قبل أيام أن "هذه الولايات ستعاني من فقدان آلاف الوظائف في حالة توقف الصين عن استيراد المنتجات الأميركية، بعد ارتفاع أسعارها بفعل التعريفات"، الأمر الذي قد يؤثر سلبياً على حظوظ الحزب الجمهوري، وربما ترامب شخصياً، في أي انتخابات قادمة.

وتابع أن "الأثر قد يمتد إلى بعض المؤسسات المالية في تلك الولايات"، إلا أنه استبعد أن يكون لها تأثير كبير على القطاع المالي ككل.

وسَخَرَ نولاند من تغريدة ترامب، التي رد بها صباح الأربعاء الماضي على من يقولون إن الولايات المتحدة ستخسر من التعريفات الجديدة، حيث قال ترامب "عندما تكون متأخراً بخمسمائة مليار دولار، فلا يمكن أن تخسر"، في إشارة إلى العجز في الميزان التجاري للولايات المتحدة الذي تجاوز خمسمائة مليار دولار العام الماضي 2017.

وقالت كارين دينان، أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد، إن هذه الأمور (تصاعد المواجهات التجارية بين الولايات المتحدة والصين) لا يمكن أن تدوم، وإن الحل الوحيد هو العودة إلى مبادئ العولمة، لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي يؤدي إلى ارتفاع رفاهية الشعوب، ويضمن استخدام الموارد المتاحة بالصورة المثلى.

وعانت أسواق المال من قرارات ترامب الحمائية خلال الربع الأول من العام الحالي، ومع بداية إبريل/نيسان الجاري، كانت مؤشرات الأسهم الرئيسية الثلاثة قد محت كل مكاسبها في عام 2018.

وعلى الرغم من وجود عوامل أخرى أدت إلى انخفاض أسعار الأسهم الأخيرة، خاصة أسهم التكنولوجيا، إلا أن أغلب المحللين أرجعوا الانخفاضات الكبيرة لقرارات ترامب الحمائية، وبصفة خاصة ما تعلق منها بفرض تعريفات جمركية على العديد من الواردات الصينية.

وقال عمر أغيلار، كبير مسؤولي الاستثمار في استراتيجيات الأسهم واستراتيجيات الأصول المتعددة لشركة تشارلز شواب لإدارة الاستثمار: "إذا تم تطبيق التعريفات بالفعل، فسوف ينعكس ذلك على أرباح الشركات بصورة واضحة".

واستوردت الصين ما قيمته 23 مليار دولار من الطائرات وفول الصويا من الولايات المتحدة خلال 2017، لكنها فرضت عليها يوم الأربعاء الماضي تعريفات جمركية بنسبة 25%.

وكان تشاك جراسلي، العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ عن ولاية أيوا، إحدى أكبر الولايات الأميركية المنتجة لفول الصويا، قد حمل في تصريحات له قبل أيام إدارة ترامب المسؤولية الكاملة لأي خسائر تلحق بالولاية من جراء الرد الصيني على قراراته.

وبدا الكونغرس مترددا في القيام بأي عمل بخلاف تحذير ترامب من نشوب حرب تجارية شاملة، لكن بعض أعضائه، وخاصة من الحزب الجمهوري، يرغبون في الوصول إلى مخرج سريع من هذه الأزمة.

وقالت جوني أرنست، عضوة مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري، يوم الأربعاء الماضي "كل اجتماع أحضره، تكون أهم الأسئلة عن التجارة والتعريفات. البعض بدأ يسأل الرئيس إلى أين نحن ذاهبون"، مضيفة أنها ستنقل مخاوفها مباشرةً إلى ترامب "أريده أن يفهم أننا نؤذي غرب ووسط الولايات المتحدة، وأن هذا غير مفيد لنا".

وسارعت المجموعات التجارية التي تمثل الصناعات الزراعية وتجار التجزئة والمصنعين إلى إعلان معارضتها للقوائم التي أعلنها البيت الأبيض مؤخرا. وحتى المجموعات التي لم تذكر منتجاتها ضمن القوائم المعلنة، مثل اتحاد الملابس والأحذية، أعربت عن قلقها، وقال رئيسها ريك هلفينبين "في حين أنه من دواعي سروري أن الملابس والأحذية ومنتجات السفر لم تكن ضمن المنتجات الخاضعة للتعريفات، إلا أنني مازلت قلقاً، حيث اشتملت القوائم على الآلات المستخدمة من قبل الشركات المصنعة للملابس المحلية".

وأضاف "هذا من شأنه أن يزيد التكاليف مباشرة على المصنعين المحليين ويؤثر على قدرتنا على تشجيع فكرة "صنع في الولايات المتحدة".

كما حذر مجلس منتجي لحم الخنزير الوطني في مارس/آذار الماضي من أن التعريفات الجديدة "سيكون لها تأثير سلبي كبير على الريف الأميركي".

المساهمون