رفع أسعار الوقود بالجزائر لا يكبح فاتورة استيرادها

رفع أسعار الوقود بالجزائر لا يكبح فاتورة استيرادها

07 اغسطس 2016
محطة وقود في الجزائر (Getty)
+ الخط -


لم تؤثر الزيادات التي مست أسعار الوقود في الجزائر على وتيرة استهلاك هذه المادة في البلاد، رغم مراهنة الحكومة على رفع الضريبة والرسوم المفروضة على الوقود لترشيد الاستهلاك الوطني الذي يكلف خزينة الدولة سنويا فاتورة كبيرة جراء استيراد الكمية الكبرى، منه خاصة نوع "الديزل".
وكشفت الأرقام التي نشرتها الشركة الجزائرية لتسويق وتوزيع المنتجات النفطية (نفطال) أن الاستهلاك الإجمالي لجميع أصناف الوقود شهد استقرارا خلال الفترة الممتدة من يناير/كانون الثاني إلى شهر مايو/أيار 2016، حيث سجل الاستهلاك الوطني ارتفاعا طفيفا بلغ نحو 5.681 ملايين طن بزيادة 0.3% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي والتي سجلت استهلاكا بلغ 5.679 ملايين طن.

ويرى المختصون، أن هذه الأرقام ترسم صورة شبه واضحة حول سوق الوقود في الجزائر، وتؤكد مرة أخرى أن الإجراءات التي قدمتها الحكومة الجزائرية ظلت عاجزة عن إيجاد الحلول لمشكلة ارتفاع الاستهلاك المحلي للوقود.
يرى المختص في الشؤون النفطية والأستاذ الجامعي في "الكيمياء النفطية" سليمان بلعزوق، أن القرار الذي اتخذته الحكومة الجزائرية والقاضي برفع أسعار الوقود منذ بداية السنة وإن استطاع تحقيق أهداف من الجانب المالي والاقتصادي والمتمثل في رفع مداخيل الخزينة العمومية، إلا انه "عجز عن تحقيق الأهداف الكبرى في مقدمتها تقليص حجم الاستهلاك وتكوين اتجاهات استهلاكية جديدة تشجع التحول من استهلاك الوقود التقليدي الى الوقود البديل أو الوقود الأقل تلويثا للبيئة".



وأضاف بلعزوق لـ "العربي الجديد" أن وتيرة استهلاك الوقود التي عرفتها البلاد في النصف الأول من العام الجاري، تدفع الحكومة إلى التفكير في إيجاد طرق تسمح برفع الإنتاج المحلي من الوقود بمختلف أصنافه من 30 مليون طن سنويا إلى حوالي 40 مليون طن سنويا، أي ثلث الإنتاج الحالي في ظرف 5 سنوات.
وتابع أنه يجب مضاعفة طاقة التخزين الحالية مرتين على الأقل لمواجهة أي طارئ، قائلا: "لا يعقل أن بلدا بحجم الجزائر يخزن ما يكفي 12 يوما فقط من الوقود، في وقت يقدر الحد الأدنى المعمول به دوليا بشهر واحد".

ورفعت الجزائر سعر الليتر الواحد من البنزين العادي إلى 28.45 ديناراً (27 سنتاً أميركياً)، وكان سعره في السابق عند حدود 21.20 ديناراً (20 سنتاً)، فيما ارتفع سعر "الديزل" من 13.7 دينارا إلى 19 دينارا للتر الواحد.
ويتوقع خبراء أن يؤثر تراجع واردات الجزائر من السيارات على الاستهلاك الوطني للوقود، وذلك بعد تهاوي الواردات بنحو 70%، بعد أن قررت الحكومة، إخضاع عملية استيراد السيارات لنظام "الرخص" والذي يمنح حصصا محددة لوكلاء السيارات تسمح باستيرادها. وقد حددت وزارة التجارة عدد السيارات التي يتم استيرادها بنحو 83 ألف سيارة يتقاسمها 40 وكيلا معتمدا.

وفي السياق يرى الخبير الاقتصادي جمال نور الدين، أن تراجع وارادت الجزائر من السيارات من 400 ألف وحدة سنويا إلى 83 ألفاً بالتأكيد سيؤثر على الاستهلاك المحلي للوقود.
وأضاف نور الدين لـ "العربي الجديد"، أن "تقليص الكميات المستوردة من طرف الحكومة أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات وبالتالي ركود السوق المحلية للسيارات، وبالتالي ينتظر أن يؤثر ذلك في المدى المتوسط". كما يمكن تقليص الاستهلاك حسب نور الدين، من خلال "سحب المركبات القديمة وتشجيع استعمال الغاز المميع والسيارات الهجينة من خلال تقليص الضرائب المفروضة على شراء مثل هذه السيارات".

ويقترح نور الدين، تحريك مشروع "بطاقة استهلاك الوقود" الذي ظل مجمدا من طرف الحكومة، لأنه يساعد على ترشيد الاستهلاك المحلي للوقود، وذلك من خلال تحديد كميات استهلاك شهرية لكل مواطن.
ومن حيث الأصناف، سجل استهلاك الوقود العادي تراجعا خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2016 مقارنة بنفس الفترة بنسبة 2%، حاله حال البنزين الممتاز الذي تراجعت مبيعاته بنسبة 11% مقارنة بالأشهر الخمسة الأولى من 2015 .

بالمقابل ارتفع استهلاك الوقود من صنف "بدون رصاص" بنسبة 11%، ما جعل المبيعات الإجمالية لهذه الأصناف الثلاثة من الوقود تتقلص بنسبة 2%. أما بالنسبة للوقود من نوع "ديزل" فقد عرف استهلاكه زيادة بنسبة 2% بين فترتي المقارنة، من 3.997 مليون طن إلى 4.042 مليون طن.
نفس المنحى عرفته مبيعات الوقود من صنف "الغاز المميع" التي ارتفعت بنسبة 14%، حيث انتقل الاستهلاك المحلي من 104207 أطنان في الخمسة أشهر الأولى من 2015 إلى 118905 أطنان في نفس الفترة 2016.




المساهمون