الجزائر.. قيود استيراد السيّارات تشعل منافسة الكبار للتصنيع

الجزائر.. قيود استيراد السيّارات تشعل منافسة الكبار للتصنيع

16 ابريل 2016
وحدة تجميع سيارات في الجزائر تابعة لشركة "رينو"(Getty)
+ الخط -




تشهد سوق السيارات المستعملة في الجزائر ارتفاعا جنونيا في أسعار المركبات، بفعل استمرار تجميد استيراد السيارات الجديدة من طرف الحكومة الجزائرية، فيما يرى المسؤولون تجاوبا من عمالقة صناعة السيارات في العالم مع ما تتخذه الحكومة من إجراءات لجذبهم، كالتسهيلات الضريبية والحوافز الاستثمارية.

ورغم الركود الحاد في مبيعات السيارات في الجزائر هذا العام، إلا أن تهاوي قيمة الدينار ونقص المعروض بفعل قرارات تجميد الاستيراد، حال دون انخفاض الأسعار، بل على العكس.
وقدرت الجمعية الجزائرية للوكلاء متعددي العلامات التجارية، الزيادة التي عرفتها أسعار السيارات المستعملة منذ يناير/كانون الثاني الماضي، بحوالى 30 %.

وتُرجح نفس الجمعية تواصل المنحى التصاعدي للأسعار في حال تواصل تأخُّر منح تراخيص استيراد السيارات الجديدة من طرف وزارة التجارة الجزائرية، حيث لم تدخل أية سيارة جديدة موانئ الجزائر منذ مطلع العام الجاري.


وقال رئيس الجمعية الجزائرية لوكلاء السيارات متعددي العلامات، يوسف نباش، لـ "العربي الجديد": "عزوف الجزائريين عن البيع والشراء سيستمر لأشهر في ظل المعطيات الحالية الخاصة بارتفاع الرسوم والضرائب والشروط الصارمة الجديدة للاستيراد، وحتى ارتفاع سعر الوقود وانخفاض قيمة الدينار، وهي كلها عوامل تؤثر في العملية إلى حد بعيد".

وتعيش الأسواق الأسبوعية لبيع السيارات المستعملة في الجزائر أصعب أيامها، بفعل الانكماش الكبير الذي تعرفه التعاملات داخلها، وهو الحال الذي وقفت عنده "العربي الجديد" في سوق "الحراش" (ضواحي العاصمة الجزائر)، حيث لا بيع ولا شراء، فقط مساومة واقتراح الأسعار، وتقليب للسيارات، وسط بروز ملامح التذمر على وجوه المواطنين الباحثين عن صفقة الأسبوع أو حتى صفقة الحياة.


في غضون ذلك، تبقى السيارات الآسيوية، خاصة الصينية والهندية، في وضع استثنائي، حيث لم تسجل أسعارها زيادات كبيرة لم تتعدّ 100 ألف دينار جزائر (924 دولاراً)، مما جعلها محل اهتمام كبير.
وعبر الكثير من المواطنين عن استيائهم من الارتفاع الكبير، الذي تعرفه أسعار المركبات المستعملة.
ويقول رضوان عبيدين، وهو مواطن جاء ليشتري سيارة من سوق الحراش: "الارتفاع خيالي وغير معقول وغير مبرر، فبعض السيارات المستعملة والمرقمة سنة 2015 تقارب أسعارها أسعار الجديدة". ويضيف نفس المتحدث، لـ"العربي الجديد": "لا يمكن للمواطن ذي الدخل المتوسط أن يشتري سيارة في سوق ملتهبة مهما كان ادخاره. إذا استمر الحال هكذا سأطلب قرضا استهلاكيا لاقتناء سيارة رونو طراز سيمبول، المجمّعة في الجزائر، رغم نسبة الفائدة العالية التي تقترحها البنوك".

من جانبه يؤكد الشاب سعيد، ويدعى "تيربو" ، وهو أحد الوسطاء المعروفين في سوق الحراش لبيع السيارات المستعملة، أن عمليات الشراء والبيع انخفضت رغم نسبة الإقبال المرتفعة. ويضيف تيربو لـ "العربي الجديد": "بات بيع سيارة كبيع شقة أو منزل، يحتاج جهدا كبيرا في إقناع الزبون".
وكانت الجزائر قد جمدت مطلع السنة الجارية، استيراد السيارات الجديدة، وأخضعت نشاط استيراد السيارات لنظام الرخص في فبراير/شباط الماضي، حيث حُدد عدد السيارات التي سيتم استيرادها سنة 2016 بنحو 152 ألف وحدة، وذلك لتحديد سقف للواردات التي تتجاوز كثيرا احتياجات السوق المحلية، إلا أن وزارة التجارة الجزائرية لم تفرج بعد عن رخص الاستيراد، مما أدى بالتجار والوكلاء إلى إبداء تذمرهم من مماطلة الحكومة في منحهم الضوء الأخضر لاستيراد المركبات الجديدة.



وتخص هذه الرخص نوعيات مختلفة من السيارات، منها التي تنقل 10 أشخاص أو أكثر (مع احتساب السائق)، والسيارات السياحية ونقل الأفراد، بما في ذلك سيارات السباق، إضافة إلى السيارات ذات محرك لنقل البضائع. وتُستثنى في هذا النظام الشاحنات والجرارات، التي يستوردها أصحابها بهدف استخدامها في نشاط مؤسساتهم.
وبلغت فاتورة واردات الجزائر من السيارات 3.14 مليارات دولار العام الماضي، مقابل 5.7 مليارات دولار في 2014 أي بانخفاض يقترب من 45 %. من جهته، شهد عدد السيارات المستوردة انخفاضا كبيرا حيث بلغ 265.5 ألف وحدة العام الماضي، مقابل 417.9 ألف وحدة في 2014، وفق بيانات الجمارك الجزائرية.

سباق المصنعين

ويبدو أن القيود، التي تضعها الجزائر على عملية استيراد السيارات تحديدا، دفعت كبار المصنعين لاستحداث وحدات إنتاجية في الدولة، فقد كشف عملاق السيارات الياباني، "تويوتا"، عن إطلاق ثلاثة مشاريع كبرى لتجميع السيارات وتصنيع قطع الغيار في الجزائر.

وأوضحت "تويوتا" أول أمس، الخميس، أن المشروع الأول يخصص لتجميع مركبات الوزن الثقيل ذات علامة "هينو"، حيث من المتوقع أن تبلغ قدرة التركيب 2000 شاحنة سنويا، في حين يخصص المشروع الثاني لتركيب سيارات علامة "تويوتا" الجزائر، دون الكشف عن نوع الطرازات، التي ستكون محل التجميع، فيما سيكون المشروع الثالث موجه لإنتاج الفرامل، حيث من المزمع أن تصل قدرة استيعاب هذا الفرع من 200 إلى 300 ألف وحدة سنويا.
ويأتي إعلان "تويوتا" دخولها السوق الجزائرية بعد أيام قليلة من إعلان الحكومة تأجيل التوقيع على اتفاق لإقامة مصنع تجميع سيارات "بيجو" بالشراكة مع فرنسا، والذي كان يُنتظر التوقيع عليه في العاشر من أبريل/نيسان الجاري، خلال زيارة رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، للجزائر.


إلا أن خلافات تقنية بالإضافة إلى نشوب أزمة سياسية بين البلدين، بعد نشر صحيفة "لوموند" الفرنسية على صفحتها الأولى في عدد سابق، صورة للرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، ضمن صور زعماء وقادة دول، قالت إنهم أو محيطين بهم، متورطون في فضيحة "أوراق بنما"، التي تتعلق بتهم فساد وتهرب ضريبي على نطاق واسع، أدت إلى تأجيل التوقيع إلى إشعار آخر. 
وتعد الجزائر حاليا قبلة لمصنعي السيارات، وذلك بفضل الامتيازات الضريبية والجمركية، التي تقدمها الحكومة لمن أراد فتح مصانع إنتاج أو تجميع المركبات، حيث أعلن العملاق الألماني "فولكسفاغن" الأسبوع الماضي، أن أول سيارة مجمعة في الجزائر سترى النور خلال السنة القادمة، وذلك بعد منحه الضوء الأخضر لإقامة وحدة تجميع من طرف وزارة الصناعة الجزائرية.
وقبل "فولكسفاغن" كانت كل من "هيونداي" الكورية الجنوبية، و"ايفيكو" و"فيات" الإيطاليتين، بالإضافة إلى "نيسان" اليابانية، قد أعلنت عن توصلها إلى أرضية اتفاق مع الحكومة الجزائرية من أجل إنشاء وحدات تجميع مركبات سياحية وأخرى نفعية.


المساهمون