تقشف الجزائر يطاول أجور البلديات والعقود المؤقتة

تقشف الجزائر يطاول أجور البلديات والعقود المؤقتة

05 اغسطس 2016
القرارات الحكومية تهدد بارتفاع معدلات البطالة (فرانس برس)
+ الخط -
قررت الحكومة الجزائرية العبور إلى المرحلة الثالثة من سياسة شد الحزام، التي فرضتها الأزمة المالية، فبعد تقليص عمليات الاستيراد وتجميد المشاريع الكبرى ثم توسيع التحصيل الضريبي، توجهت هذه المرة الحكومة نحو أجور العمال، وهي أخطر مرحلة حسب المراقبين.
وسيكون رؤساء البلديات في الجزائر أول ضحايا هذه المرحلة، إذ أبلغت الحكومة الجزائرية ممثلة في وزارة الداخلية المسؤولين على مستوى البلديات، بخصم "منحة المسؤولية" التي تمثل قرابة 30% من أجور رؤساء البلديات ومساعديهم، وتحصي الجزائر 1541 بلدية موزعة على 48 محافظة.
وحسب القانون المحدد للنظام التعويضي للمنتخبين الجدد الصادر في فبراير/شباط 2013، يتراوح الأجر الشهري لرؤساء البلديات في الجزائر بين 77 ألف دينار (700 دولار) و132 ألف دينار (1200 دولار) حسب الكثافة السكانية لكل بلدية، فيما تراوح أجور مساعدي رؤساء البلديات بين 50 ألف دينار (454 دولاراً) و100 ألف دينار (909 دولارات).
وحسب المراقبين، فإن مثل هذه الخطوات كانت منتظرة، في ظل تواصل العجز على مستوى الخزينة العمومية.
وقال الخبير الاقتصادي محيي الدين بودن، لـ "العربي الجديد": "مثل هذه الخطوات كانت منتظرة في تسجيل الخزينة العمومية عجزاً كبيرا ما أدى بالحكومة إلى تقليص ميزانيتي التجهيز والتسيير وعليه، أصبحت الجماعات المحلية أي البلديات في حالة شح موارد".
وبالتالي، حسب نفس المتحدث، لجأت الحكومة إلى "خصم منحة المسؤولية من أجور رؤساء البلديات ومساعديهم بعد أن تأكدت الحكومة من عجز الجماعات المحلية عن تغطية هذه النفقات من إيراداتها المستقلة أو من التحويلات التي تتم من صندوق تضامن الجماعات المحلية.
وأضاف محيي الدين بودن لـ "العربي الجديد" أن الخبراء دقوا ناقوس الخطر منذ سنة 2011 بعد رفع أجور العاملين في البلديات، وهو قرار سياسي أكثر مما هو اقتصادي فرضته الظروف التي كانت تمر بها المنطقة ضمن ما يعرف بالربيع العربي، حيث كان الخبراء يتخوفون من عجز الحكومة عن ضمان تغطية هذه المصاريف الجديدة بعد 3 أو 4 سنوات، "وهو ما يحدث اليوم، فالقرار السياسي الذي اتخذ في تلك الفترة أصبح له عواقب اقتصادية ومالية اليوم".

وفي السياق، كشف أحد رؤساء البلديات التابعة لمحافظة الجزائر العاصمة وقد فضل عدم الكشف عن هويته لـ "العربي الجديد" أن "اقتطاع منحة المسؤولية تجعل راتبه يتراجع بحوالى 44 ألف دينار (400 دولار) وهو أمر غير معقول، لا أدري هل سنمارس المسؤولية دون مقابل، مع العلم أن هذه المسؤولية تترتب عليها عقوبات تصل إلى السجن في حال ارتكاب بعض الأخطاء في التسيير".
ويعتقد المتحدث ذاته أنه ربما تدفع الحكومة، رؤساء البلديات إلى استعمال طرق ملتوية من أجل رفع مداخيلهم الشهرية.
وفي سياق أخر، تسير الحكومة الجزائرية نحو إلغاء عقود تشغيل حوالى 500 ألف عامل ضمن صيغة "عقود ما قبل التشغيل".
وهذه الصيغة أطلقتها الحكومة سنة 2011، ويتم بموجبها تشغيل الشباب الحاصل على شهادات جامعية في القطاع الحكومي والخاص، على أن تتكفل الحكومة الجزائرية بدفع أجورهم التي لا تتعدى 15 ألف دينار شهريا (136 دولارا) من الخزينة العمومية مباشرة لمدة سنة قابلة للتجديد.
وحسب الإحصائيات، فإن حوالى 1.3 مليون جزائري يشتغلون وفق نظام "عقود ما قبل التشغيل" بلغ منهم نصف مليون مرحلة تجديد العقود للمرة الثانية، وهم المعنيون بقرار الحكومة الجزائرية.
وفي أول رد فعل لهم حول القرار، توعد ممثلو عمال "عقود ما قبل التشغيل" الحكومة الجزائرية بدخول اجتماعي ساخن في حال تمسكت هذه الأخيرة بقرارها.
وهو ما يؤكده عبد النور أوجدي، منسق تكتل "عمال عقود ما قبل التشغيل"، الذي أضاف أن عدة حركات احتجاجية في الشارع يتم التحضير لها بالتزامن مع بدء العام الدراسي المقرر بداية شهر سبتمبر/أيلول القادم.
وقال أوجدي: "لا يمكن تحميل نصف مليون جزائري عواقب قرارات سياسية فاشلة وغير مدروسة، كنا نناضل من أجل مناصب عمل قارة والآن تراجعنا وأصبحنا نناضل من أجل البقاء في وظائف مؤقتة".
وقبل هذا، كانت الحكومة الجزائرية قد صادقت الأسبوع الماضي على مشروع قانون جديد للتقاعد، يلغي التقاعد المُسبق والمحدد بـ 32 سنة عمل، ويُبقي على صيغة واحدة تسمح بإحالة العامل إلى المعاش في حال بلوغه 60 سنة، وذلك للحفاظ على الصندوق الجزائري للتقاعد الذي أصبح عاجزا، حسب الحكومة، عن تغطية الطلبات المرتفعة للإحالة إلى التقاعد.
وفي سياق سوق العمل، كشفت بيانات الديوان الجزائري للإحصائيات تراجع نسبة البطالة في البلاد إلى 9.9% بنهاية أبريل/نسيان الماضي، مقابل 11.2% في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، ما يمثل 2.7% كنسبة تراجع للبطالة في 7 أشهر.

المساهمون