المغرب: جدل حول جدوى دعم الإسكان الاجتماعي

المغرب: جدل حول جدوى دعم الإسكان الاجتماعي

25 أكتوبر 2018
الحكومة تسعى لتنشيط قطاع العقارات (Getty)
+ الخط -

تترقب أسواق العقارات في المغرب، خلال الأيام المقبلة، حسم الحكومة توجهاتها فيما يخص التحفيزات الجبائية (الضريبية) لقطاع الإنشاءات وامتلاك السكن الاجتماعي، في سياق متسم بركود دفع المستثمرين إلى توضيح الرؤية حول مستقبل القطاع.

ويُطرح هذا الموضوع بقوة في المغرب منذ أشهر، خاصة مع اقتراب موعد نهاية التحفيزات والإعفاءات في عام 2020، وهي التدابير التي استهدفت من ورائها الدولة تشجيع امتلاك السكن الاجتماعي في المغرب.

وتأتي الإعفاءات الجبائية التي يتمتع بها القطاع في سياق الاتفاقيات المبرمة مع الدولة منذ 10 أعوام، من أجل إنجاز مشاريع السكن الاجتماعي لفائدة الفئات محدود الدخل. 

ودأب المراقبون على التساؤل حول الجدوى من الإعفاءات التي تمثل في العام الحالي مثلا حوالي 20%، من مجمل التحفيزات التي تخص بها الدولة مختلف القطاعات الخدماتية والإنتاجية.

ويؤكد خبير الاقتصاد المغربي، إدريس الفينا، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن التحفيزات الجبائية التي تمنح لقطاع العقارات لا تعتبر إعفاءات، بل هي كلفة انسحاب الدولة من القطاع وتكليف القطاع الخاص بالاستثمار فيه.

ويرى أن القطاع يضخ استثمارات كبيرة لا تستطيع موازنة الدولة تحمّلها، وعندما يجري تقديم النفقات الجبائية على أنها خسائر تتكبدها الدولة، فإن ذلك لا يعكس الحقيقة.

ويتصور الفينا أن الاستثناءات والتحفيزات تغري القطاع الخاص بالاستثمار في قطاع العقارات، فبدون تلك التدابير ما كان للقطاع الخاص أن يهتم بهذا القطاع في العشرية الأخيرة.

وبلغت تلك التحفيزات للعقار، حسب تقرير لوزارة الاقتصاد والمالية أحيل إلى البرلمان بمناسبة عرض مشروع الموازنة، حوالي 600 مليون دولار، من بين 3.07 مليارات دولار للقطاعات الإنتاجية والخدماتية.

ويستفيد محدودو الدخل من مقتني السكن الاجتماعي في العام الحالي من دعم من الدولة في حدود 286 مليون دولار عبر الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة.

ويميل وزير الإسكان والتعمير، عبد الأحد الفاسي الفهري، إلى تقديم مبادرة تهم التحفيزات الجبائية للمساكن الاجتماعية، غير أنه يرى أن تلك المبادرة ستتبلور حول إعادة النظر أو توسيع بعض التحفيزات لشركات عقارية صغرى ومتوسطة، خاصة في الأرياف والمراكز الحضرية الجديدة.

ويتصور الوزير أن قطاع العقارات في حاجة لمساعدة الدولة عبر التحفيزات، معتبرا أن ذلك لا يمليه فقط العجز المسجل على مستوى عرض السكن المعَد لذوي الدخل المحدود، بل لأن الدراسات أبانت أن الدعم له مردودية مالية واقتصادية مهمة.

غير أن رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، لا يبدو حاسما في موقفه من مسألة التحفيزات المالية والجبائية الموجهة لقطاع العقارات، فهو يتصور أن التدابير السابقة ذات الصلة، لم تنعكس إيجابا على المواطن، مؤكدا أن الأهداف المحددة في بعض برامج السكن الذي يحظى بدعم الدولة لم تبلغ أهدافها.

ويرى العثماني أن سحب التحفيزات والإعفاءات أو الاحتفاظ بها، رهين بالقرار الذي سيتخذ في النقاشات الجارية، وذلك في إشارة إلى المشاورات مع المستثمرين في العقارات بالمغرب.

وفي غمرة النقاش حول جدوى الإعفاءات الجبائية التي يستفيد منها قطاع العقارات، يرى المستثمرون العقاريون، عبر الجمعية التي تمثلهم، عدم تمديدها بعد عام 2020.

وصرح رئيس الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، كميل توفيق، عند رصده لوضعية القطاع في المغرب، بأنه يفضل توفير مساعدة مباشرة للراغبين في اقتناء السكن الاجتماعي في المستقبل، عوضا عن توفير إعفاءات.

ويذهب إلى أنه يحبذ توسيع مساحة برامج السكن الاجتماعي التي سينتهي العمل بها بعد عامين، معتبرا أنه من غير المقبول أن يعيش المغربي في شقق ذات مساحات صغيرة.
ودأب مراقبون، في الأعوام الأخيرة، على الدعوة إلى التخفيف من الدعم، الذي يستفيد منه المنعشون العقاريون عبر الضريبة على الدخل، التي تتجاوز في العام الحالي 200 مليون دولار، والتي تتخذ شكل استثناءات جبائية.

واختارت الدولة في إطار التشجيع على توفير السكن قبل عشرة أعوام، توفير دعم للمستثمرين في العقارات من أجل مساعدتها على إنجاز برامج السكن الاجتماعي.

ولا تشكل الإعفاءات الهاجس الوحيد الذي يشغل السوق، حيث يفترض اتخاذ تدابير لإنعاش القطاع، في سياق شكوى المستثمرين من الركود، بينما لا يجد الشباب والطبقة الوسطى عروضا تستجيب لمطالبهم.

ويتجه تفكير الحكومة نحو توفير تحفيزات للذين ينجزون السكن التشاركي والتضامني وإطلاق السكن لفائدة الطبقة المتوسطة بسعر يتراوح بين 80 و120 ألف دولار، كما تسخر الأراضي المملوكة للدولة لبناء شقق بـ14 ألف دولار، وأخرى بـ25 ألف دولار و45 ألف دولار.

المساهمون