أردوغان عدو أسعار الفائدة المرتفعة

أردوغان عدو أسعار الفائدة المرتفعة

29 مارس 2017
أردوغان هاجم أسعار الفائدة المرتفعة (مراد قولا/الأناضول)
+ الخط -

ليس من حق أي رئيس دولة التدخل في إدارة السياسة النقدية لبلاده والتي تحدد اتجاهات أسعار صرف العملات، وتحدد تحركات أسعار الفائدة سواء على القروض والودائع، وكمية البنكنوت أو النقد المطبوع داخل المجتمع، وحجم السيولة المتاحة داخل القطاع المصرفي وفي الأسواق.

ذلك لأن إدارة السياسة النقدية هي شأن فني بحت، المسؤول الأول والأخير عنها هي البنوك المركزية ومؤسسات النقد التي تأخذ في الاعتبار عوامل عدة عند زيادة سعر الفائدة، منها مثلاً معدلات التضخم والنمو الاقتصادي السائدين بالبلاد، وحجم الاحتياطي من النقد الأجنبي، وكمية الذهب المملوك للدولة، والظروف السياسية والاقتصادية السائدة بالبلاد، وموارد البلاد الخارجية، وحال السياحة والصادرات وتحويلات المغتربين والاستثمارات الخارجية وغيرها.

وليس من حق أي رئيس دولة كذلك أن يضغط على البنك المركزي ببلاده لخفض أو زيادة أسعار الفائدة، أو رفع قيمة العملة المحلية في مقابل الدولار والعملات الرئيسية، كما لا يحق لهذا الرئيس إجبار البنوك على خفض أسعار الفائدة لديها ومنح قروض رخيصة للمستثمرين ورجال الاعمال، أو حتى منح قروض بسعر فائدة متدنية لبعض فئات المجتمع.

كما لا يحق له إصدار تعليمات للبنوك العامة التابعة للدولة أو الخاصة بمنح قروض مجانية ( فائدة زيرو) للفقراء والمحتاجين والأرامل، ذلك لأن من أبرز مهام إدارة السياسة النقدية حماية أموال المودعين والمدخرين التي هي في الأصل أموال المجتمع وإدارتها بشكل كفؤ.

ومن هنا فإن محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المستمرة في إدارة وتوجيه السياسة النقدية لبلاده، وممارسة ضغوط سياسية على البنك المركزي التركي تعد خطأً جسيماً.

من حق أردوغان أن يعارض أسعار الفائدة المرتفعة على القروض بسبب قناعات أخلاقية أو اقتصادية، بل ويدعو إلى خفضها بشكل ملموس كما أعلن اليوم الأربعاء.

ومن حقه أن يصف سعر الفائدة المرتفعة بأنها وسائل للاستغلال في الخطاب الذي ألقاه اليوم في القصر الرئاسي بأنقرة، ومن حقه أن يصف نفسه بأنه "عدو" لأسعار الفائدة المرتفعة ويبعث بهذه الرسالة دوماً لأتباعه ومؤيديه.

ومن حق الرئيس التركي المطالبة كذلك بخفض سعر الفائدة على القروض لاعتبارات عدة منها حرص حكومته المستمر على تشجيع الاستثمار الداخلي وجذب استثمارات خارجية، وبالطبع فإن سعر الفائدة المتدني على القروض والأقل تكلفة يشجع المستثمرين على الاقتراض من البنوك بهدف التوسع أو إقامة مشروعات جديدة، كما يحرص أردوغان كذلك على خفض معدل التضخم وكبح زيادة الأسعار عن طريق زيادة المشروعات الإنتاجية والصغيرة والمتوسطة.

 ومن حق الرجل أن ينزعج من الارتفاع المستمر الذي جرى للدولار أمام الليرة التركية خاصة مع استمرار تدفق النقد الأجنبي والاستثمارات الخارجية على بلاده، وتحسن مؤشرات الاقتصاد خاصة المتعلقة بالصادرات والسياحة والعقارات.

ومن حقه أن يوفر للأتراك قروضاً بسعر فائدة أقل من تكلفة الأموال، لكن ليس من حقه فرض رأيه على صانعي السياسة النقدية والبنك المركزي وإبداء رأي سياسي في مسائل فنية بحتة.

سكت أردوغان، فهدأت المضاربة على الليرة التركية واستقر سعرها إلى حد ما، ومع توقف أردوغان عن ممارسة الضغط على البنك المركزي فإن أسعار الفائدة ستتراجع بشكل تلقائي عندما يتراجع التضخم وتزيد موارد الصادرات والسياحة وغيرها من القطاعات المدرة للنقد الأجنبي.


المساهمون