برلمانيون عراقيون يرفضون تخفيض رواتبهم

برلمانيون عراقيون يرفضون تخفيض رواتبهم

22 ابريل 2015
حيدر العبادي وسط النواب في البرلمان العراقي (الأناضول)
+ الخط -
تواجه خطة التقشف التي طرحتها حكومة بغداد على البرلمان العراقي لمواجهة أزمتها المالية، العديد من التحديات، في مقدمتها رفض أعضاء البرلمان تخفيض رواتبهم بحجة أنها تكفي نفقاتهم وأسرهم بالكاد، في حين تؤكد الحكومة أهمية تنفيذ الخطة بما فيها من إجراءات تقشفية للحد من تدهور الأوضاع الاقتصادية.
ويواجه العراق أزمة مالية خانقة بسبب انخفاض أسعار النفط عالمياً وارتفاع تكاليف الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية "داعش"، ما دفع حكومة العراق إلى طرح خطة تقشف تشمل تخفيض مصاريف جميع مفاصل المؤسسات الحكومية بشكل كامل بما في ذلك مرتبات من يعرفون بـ"الدرجة الخاصة" ويقصد بهم النواب بالبرلمان والوزراء ووكلاؤهم والمدراء العامّون فضلاً عن رؤوساء الوزراء والجمهورية والبرلمان، إلا أن أعضاء بالبرلمان العراقي أكدوا أمس لـ"العربي الجديد"، رفضهم لتطبيق خطة التقشف على رواتبهم.
وقال عضو اللجنة المالية بالبرلمان، مسعود حيدر، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن الدولة العراقية غنية ولديها الكثير من الاحتياطات المالية ومصادر الثروات الطبيعية خاصة أن صادرات النفط قد زادت في الآونة الأخيرة، ما يساهم في سد العجز الحاصل في موازنة الدولة، مشيراً إلى أن الحكومة أمّنت رواتب موظفيها التي لن يطالها التقشف.
وأضاف حيدر أن خزينة الدولة غير فارغة سواء من العملة الصعبة والذهب، موضحاً أن التصريحات التي تشير إلى قرب انهيار الاقتصاد العراقي تأتي ضمن ادعاءات مغرضة.
من جانبه، قال النائب محمد حميد، لـ"العربي الجديد"، إن "أعضاء البرلمان لا يتقاضون إلا ما يكفيهم للإنفاق على أسرهم وأداء واجباتهم اليومية بالكاد، ولن نقبل بتخفيض سقف مرتباتنا لأنه حتى لو تم تخفيض رواتبنا فلن يكون له أي تأثير يذكر على الموازنة".
وحسب بيانات رسمية، يتقاضى النائب بالبرلمان العراقي نحو 21 مليون دينار شهرياً كمرتب شهري، فضلاً عن 3 ملايين مخصصات ضيافة، ومثل هذا المبلغ مخصصات خطورة، ليكون مجموع ما يتقاضاه النائب شهرياً 27 مليون دينار أي ما يتجاوز 20 ألف دولار.
وفي هذا الإطار، أكد الخبير بالشأن الاقتصادي علي الطائي لـ"العربي الجديد"، أن تخفيض رواتب أعضاء البرلمان تحولت إلى ورقة في أيدي السياسيين بدلاً من مناقشتها من جانبها الاقتصادي، حيث استغلها الخصوم والأحزاب في المعركة السياسية.
وقال الطائي "إن تقليل مرتبات أعضاء البرلمان سيعني توفير عدة ملايين من الدولارات شهرياً إذا ما علمنا إن إجمالي مرتبات البرلمان مع مخصصات هيئة الرئاسة والحمايات والمستشارين تبلغ نحو 13 مليون دولار شهرياً، ما يعني أنه في حالة تطبيق خطة التقشف كاملة، سيتم توفير ما لا يقل عن 4 ملايين دولار، ما يساهم ولو بشكل طفيف في حل الأزمات المالية التي تواجه الدولة.
واستدرك كلامه قائلاً "لا يجب أن نحمل أعضاء البرلمان كل اللوم فهناك درجات خاصة كثيرة بالدولة فائضة عن الحاجة وتتلقى نفس القدر من المرتب"، مشيراً إلى وجود رأي آخر داخل البرلمان مع تخفيض المرتبات.
وكانت النائبة عن كتلة الأحرار، نوال جمعة، قد قالت في وقت سابق إن حكومة العبادي تسلمت خزينة "فارغة" من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي يتهمه الكثيرون باستيلاء على أموال الدولة سواء بالفساد أو عن طريق المشاريع الوهمية، مشيرة إلى أن هناك تخوّفاً من عدم قدرة الدولة على دفع رواتب الموظفين في المستقبل القريب.
وكانت اللجنة المالية في البرلمان كشفت أول أمس، عن خسارة البلاد نحو 360 مليار دولار، بسبب عمليات الفساد وغسيل الأموال، جرت لمدة 9 سنوات وفي الفترة ما بين عامي 2006 و2014، والتي تولى فيها المالكي رئاسة الوزراء.
ومن جانبها، دعت النائبة عن التحالف الكردستاني أشواق الجاف، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، الحكومة المركزية إلى البحث عن بدائل لتعويض شح الموارد المالية وعدم المساس بموارد المواطنين، مشيرة إلى أن هناك طرقاً عديدة لزيادة موارد الحكومة منها زيادة عمليات تصدير النفط والعمل على فتح باب الاستثمار للشركات العالمية خاصة في المناطق الآمنة وغيرها.
وأضافت أن الأوضاع بشكل عام وخاصة بجانبيها الأمني والاقتصادي صعبة ولا يمكن أن يتحملها المواطن الذي يعاني من قلة الرواتب وعدم إقرار السلم الوظيفي الجديد وارتفاع الأسعار وتفاقم الأزمات المعيشية.
وشهد عدد من المحافظات العراقية تظاهرات حاشدة نظمها عدد من موظفي الدولة احتجاجاً على تأخر صرف رواتبهم لأكثر من 3 أشهر وقاموا بقطع عدد من الشوارع الرئيسة لدفع الحكومة إلى تنفيذ مطالبهم التشريعية.
وكان وزير النفط عادل عبد المهدي، قد حذر في تصريحات صحافية سابقة، من تراجع الاقتصاد بسبب انشغال سياسيين في مصالح حزبية ضيقة والتي تسببت في مشاكل اقتصادية وسياسية وأمنية واجتماعية، موضحاً أن العراق وصل انتاجه النفطي في سبعينات القرن الماضي إلى ما يقارب ثلاثة ملايين برميل يومياً بينما تراجع اليوم لأقل من هذا الرقم بكثير.
وأكد عبد المهدي أن الحكومة العراقية ومؤسساتها بحاجة في الوقت الحالي إلى دوافع ومحفزات للانطلاق إلى الأمام وذلك من خلال تشجيع الشركات الغربية في اقامة مشاريع استثمارية بمختلف القطاعات.
وفي سياق متصل، عقد وزير المالية العراقي، هوشيار زيباري، اجتماعات فنية مع مؤسسات ضمان الاستثمار المتعددة الاطراف MIGA التابعة لصندوق النقد الدولي، حيث أكد عضو لجنة العلاقات الخارجية هلال السهلاني لـ"العربي الجديد" أن زيباري شدد خلال لقائه الرئيسة التنفيذية للصندوق ونائبة الرئيسة وخبراء المنظمة ضرورة تقديم المؤسسة ضمانات للمشاريع المستقبلية في العراق وتخفيض الأسعار المفروضة على المشاريع الاستثمارية لمساعدة البلاد اقتصادياً وتشجيع القطاع الخاص، مضيفا أن الحكومة تسعى إلى استقطاب رؤوس الأموال الغربية لتجاوز الأزمة المالية التي يعاني منها العراق، خلال السنوات الأخيرة بسبب الاضطرابات الأمنية والسياسية.

اقرأ أيضا:
الفساد يكبّد العراق 360 مليار دولار خلال 9 سنوات

المساهمون