تلفزيون اللاجئين.. كاميرا خشبية وكوب شاي

تلفزيون اللاجئين.. كاميرا خشبية وكوب شاي

13 مايو 2016
يأمل الشباب بإيصال صوتهم إلى العالم (Getty)
+ الخط -
في أحد الأيام، استيقظ الشابان اللاجئان محمود وباسل، في مخيم اللاجئين في ايدوميني، على الحدود اليونانية المقدونية، ولم يشاهدا كاميرات أو صحافيين، كما اعتادا منذ وصولهما عبر قوارب الموت إلى اليونان، وكأنها اختفت معاً، فقررا أن يصبحا صحافيين، ويحملا الكاميرا والميكروفون. وبما أنهما لم يستطيعا تأمين معدات حقيقية، حملا ميكروفوناً مصنوعاً من كوب شاي مغطى بجوارب سورية محلية، وكاميرا من صندوق كرتون وزجاجة فارغة بديلاً للعدسة.

خرج الصحافيان حديثا العهد يتجولان بعدستهما المبتدعة في المخيم، الذي يضم نحو 10 آلاف طالب لجوء، وأخذا يسألان اللاجئين حول فكرتهم، فردّوا جميعاً بابتسامة على وجوههم.
بدأ الشابان بعدها بإجراء المقابلات بالسؤال عن أحوال اللاجئين، فاستجابوا إليهما كما لو كانا يسجلان فعلاً، فشرحوا مأساة الحياة في المخيم، وكيف غادروا منازلهم بحثاً عن حياة آمنة عادية في أوروبا، وانتهى بهم الأمر عند حدود مقدونيا، وانتظارهم لمستقبل مجهول. كانوا يتحدثون عن مدى سوء المكان الذي يعيشون فيه كما لو كانوا في سورية، عن خذلان الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لهم.

منذ ذلك الحين، ولدت فكرة تلفزيون اللاجئين، وحصل الشابان على معدات حقيقية، تبرع بها مجموعة من الألمان، وبدؤوا من خلالها بتصوير الوضع المأساوي للأطفال المرضى، المتعلمين والموهوبين الذين ينامون يائسين على طرقات المخيم، الذي بات واقعهم الجديد.



فريق عمل التلفزيون يضم اليوم أربعة لاجئين سوريين، وهم محمود عبد الرحيم (24 عاماً - مراسل)، وباسل اليطقان (28عاماً - مصور وهمي)، ومصطفى الحمود (24 عاما - مترجم ومصور حقيقي)، وسمير تاتان (23 عاماً - يشرف على صفحة فيسبوك). ويأمل الشباب الأربعة بإيصال صوتهم إلى العالم، ليتمكنوا في النهاية من الحصول على مساعدة حقيقية بفتح الحدود، وعيش الحياة الطبيعية التي يستحقها كل إنسان.

وبشكل ساخر تنقل كاميرا تلفزيون اللاجئين الأخبار السياسية الخاصة بهم، لكنها لا تقل سخرية عن تعاطي سياسيي هذا العالم مع أحوالهم، وتبثها على صفحة التلفزيون الخاصة على فيسبوك.

"ماذا لو كنت سورياً؟ ماذا تفعل؟" هذا السؤال توجه به تلفزيون اللاجئين للمتطوعين الأوربيين الموجودين في المخيم، معظم الإجابات بدأت بـ"أممممم" طويلة، تلتها كلمات مثل "أنا لا أعرف" و"لا أستطيع أن أتخيل"، فيما بدا آخرون عاجزين عن الإجابة. كما نقل التلفزيون تسجيلاً لمراسم دفن "الضمير الأوروبي"، الذي وضعه الأطفال اللاجئون في نعشه، ونقلوه إلى مثواه الأخير، وسط حزن وبكاء شديدين.

المساهمون