5 أسئلة حول "طاقم خورخي" الإسرائيلي

5 أسئلة حول "طاقم خورخي" الإسرائيلي

28 فبراير 2023
يقدّم "طاقم خورخي" خدماته لعملاء سياسيين ورجال أعمال (Getty)
+ الخط -

عام 2018، وفي أوجّ الجدل حول فضيحة شركة كامبريدج أناليتيكا، إثر اتهامها باستخدام معلومات شخصية لعشرات الملايين من مستخدمي "فيسبوك" من دون موافقة مسبقة، نشرت الصحافة البريطانية شهادات لموظفين في الشركة عن "تفاصيل غريبة" شاهدوها في السنوات التي سبقت الفضيحة. 
وفي حديث مع صحيفة "ذا غارديان" قال موظف سابق (بقيت هويته طي الكتمان) إن "متسللين إسرائيليين" اقتحموا مكاتب الشركة عام 2015، وكانت بحوزتهم أقراص USB تضم على ما يبدو عناوين ورسائل إلكترونية خاصة مخترقة لسياسيين. ووفقاً للصحيفة البريطانية نفسها فإن هؤلاء "المتسللين قدموا بيانات شخصية عن الرئيس النيجيري المستقبلي (محمد بخاري) ورئيس الوزراء المستقبلي لسانت كيتس ونيفيس (تيموثي هاريس)".
مرّت السنوات، ولم يعرف أحد من هو هذا الفريق الإسرائيلي ولا هوية أفراده. كل ما عُرف لاحقاً من خلال الاطلاع على إيميلات سرية أرسلها الرئيس التنفيذي لـ"كامبريدج أناليتيكا" ألكسندر نيكس، هو اسم قائد هذا الفريق: خورخي.

من نشر التحقيق؟

منتصف شهر فبراير/شباط الحالي، لم يعد اسم خورخي سرياً (رجل الأعمال الإسرائيلي طال حنان)، ولا عمل طاقمه، الذي يحمل اسم "طاقم خورخي" Team Jorge. ففي تحقيق استقصائي لمنظمة فوربيدن ستوريز الفرنسية غير الحكومية، كشفت مجموعة من الصحافيين عن عمل هذا الطاقم في نشر الأخبار المضللة حول العالم، وفبركة الحملات الوهمية، بهدف التلاعب بالرأي العام للتأثير بالانتخابات في أكثر من بلد حول العالم، إلى جانب عمل مرتزقة الطاقم على قضايا غير سياسية، بل تجارية واقتصادية، لصالح رجال أعمال محددين.
تحقيق "طاقم خورخي" كان جزءاً من مشروع أكبر بعنوان "ستوري كيلرز"، عمل عليه 100 صحافي من 30 مؤسسة إعلامية حول العالم، تحت مظلة Forbidden Stories، بهدف تسليط الضوء على استخدام التضليل والمعلومات الكاذبة في الإعلام ومواقع التواصل، للوصول إلى غايات سياسية أو اقتصادية أو أمنية معينة.
فكرة المشروع جاءت بعد 6 سنوات من اغتيال الصحافية الهندية غاوري لانكيش (1962 ــ 2017) قبل أيام من نشرها تحقيقاً طويلاً عن استخدام الشائعات والأخبار الكاذبة في الهند، من قبل أحزاب قومية هندوسية، بهدف تقويض الحقيقة وتحريض الشارع. فاختارت المنظمة الفرنسية البدء بمشروع يستهدف كواليس وخفايا التحضير والترويج لحملات التضليل. هكذا نشرت 7 تحقيقات كبيرة في هذا الإطار، أبرزها كان ذاك الخاص بـ"طاقم خورخي".

من عمل على التحقيق؟

بعد خمس سنوات من فضيحة كامبريدج أناليتيكا (2018)، التي فتحت الباب أمام الكشف عن حملات التلاعب بالرأي العام، نجح صحافيون عاملون تحت مظلة "فوربيدن ستوريز" في التعرف إلى خورخي وتعقبه ولقائه لاحقاً. ففي صيف 2022، قدم عميل محتمل نفسه لخورخي على أنه ممثل لزعيم أفريقي يأمل في تأجيل أو حتى إلغاء الانتخابات في بلاده، وطلب من خورخي تقديم نموذج لأعماله، بهدف معرفة ما إذا كان سيتعاون مع طاقمه أم لا. وافق خورخي على العرض مُبلّغاً العميل بأن كلفة هذه العملية هي حوالي 6 ملايين يورو. 
بدأت اللقاءات عبر "زوم" مع إبقاء رجل الأعمال الإسرائيلي على هويته سرية. لكن ما لم يعرفه هذا الأخير أن الرجل الذي يحدثه على الجانب الآخر من الشاشة ليس وسيطاً لزعيم أفريقي، بل صحافياً في "راديو فرنسا" هو فريديريك ميتزو، وقد انضم إليه لاحقاً الصحافيان جور مجيدو الصحافي الاستقصائي في صحيفة The Marker الإسرائيلية، وعمر بنيعقوب الصحافي الاستقصائي في صحيفة هآرتس الإسرائيلية.

6 أشهر عمل فيها الصحافيون على التقرب من خورخي قبل الاتفاق على اللقاء به في فلسطين المحتلة وجهاً إلى وجه، حيث نجحوا في فهم طريقة عمله، والاطلاع على بعض حملات الفبركة والتضليل التي يقوم بها.

ما المهام التي ينفذها "طاقم خورخي"؟

يقدّم "طاقم خورخي" خدماته لعملاء سياسيين ورجال أعمال، بهدف الفوز بمعارك سياسية أو صفقات تجارية واقتصادية. كيف يقوم بذلك؟ من خلال حملات لنشر أخبار مفبركة وكاذبة، متكئاً على تكنولوجيا متطورة تتيح له اختراق هواتف والبريد الإلكتروني للخصوم، وخلق مئات آلاف الحسابات الوهمية للحشد لفكرة معيّنة أو اتجاه سياسي معيّن.

من هو طاقم خورخي؟

هو فريق إسرائيلي سري يعمل تحت غطاء شركة خاصة هي Demoman International في مستوطنة مويديعين، وهي شركة متخصصة بحسب موقعها الإلكتروني بـ "نزع السلاح، والتخلص من الذخائر المتفجرة، ومواجهة تهديدات الإرهاب الانتحارية بعد 11 سبتمبر". ووفق التحقيق فإن الفريق الذي كان حاضراً خلال اللقاءات مع الصحافيين المتخفين مؤلف من الأفراد التالية:

  •  يرأس الشركة رجل الأعمال الإسرائيلي والعنصر السابق في القوات الخاصة الإسرائيلية طال حنان (50 عاماً)، وهو الرجل الذي يطلق عليه اسم خورخي.
  •  يعاون حنان شقيقه زوهار، وهو الرئيس التنفيذي لشركة أمنية خاصة.
  •  يضم الفريق كذلك ماشي ميدان، الذي كان يدير شركة أمنية إسرائيلية في بنما في عام 2010، مقرب بشكل كبير من طال حنان، وقد كان إلى جانبه خلال الاجتماعات التي عقدت مع الصحافيين المتخفين الذين عملوا على التحقيق. ميدان هو عضو سابق في الشاباك، وفقاً لما نشرته "فوربيدن ستوريز".
  •  شوكي فريدمان الذي كان حاضراً أيضاً خلال لقاء مع الصحافيين، هو ضابط سابق في جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي.
  •  يعكوف تسديك، رئيس مجموعة تسديك ميديا، الذي قدم نفسه أمام الصحافيين على أنه "خبير رقمي وإعلاني لأكثر من عقد".
  •  إيشاي شيختر، مدير الاستراتيجيات في شركة غورين أمير، وهي شركة ضغط إسرائيلية شهيرة.

ما أبرز الأمثلة على العمليات التي نفذها الطاقم؟

تدخّل الفريق الإسرائيلي في 33 حملة انتخابية على المستوى الرئاسي، ثلثاها في دول أفريقية ناطقة بالإنكليزية والفرنسية، ونجحت 27 منها. وهناك مثالان شهيران سلطت وسائل الإعلام الضوء عليهما: الأول هو التدخل في الانتخابات الرئاسية النيجيرية عام 2015 بهدف إعادة انتخاب غودلاك جوناثان، وتشويه سمعة منافسه زعيم المعارضة آنذاك محمد بخاري. أما المثال الثاني فإعلامي وليس سياسياً، وهو تزويد المذيع الفرنسي من أصل مغربي رشيد مباركي بمجموعة من التقارير المفبركة والمخترعة حول موضوعات متنوعة، مثل اليخوت الفاخرة في موناكو ومزاعم بالفساد في قطر. وهي القضية التي انتهت الأسبوع الماضي بفصل قناة "بي إف إم تي في" الإخبارية الفرنسية للمذيع.
لكن بحسب "فوربيدن ستوريز"، فإن "طاقم خورخي" نفذ مئات العمليات، مستخدماً تكنولوجيا متطورة جداً، ومستعيناً بالذكاء الاصطناعي من خلال برمجية Advanced Impact Media Solutions التي تختصر بـAIMS وتسمح بخلق آلاف الحسابات والبروفايلات الوهمية على مواقع التواصل وعلى شبكة الإنترنت وتصويرها على أنها شخصيات حقيقية. كذلك غالباً ما كان الطاقم يلجأ إلى اختراق حسابات وقنوات على تطبيق تليغرام
وبحسب التحقيق الصحافي، كان لدى خورخي عام 2022، مجموعة من 30 ألف ملف تعريف آلي لأشخاص افتراضيين لديهم حسابات حقيقية على "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام" و"أمازون"، ومواقع العملات الرقمية. وقد استخدم خورخي هذه الحسابات المزيفة لنشر سلسلة من التعليقات على مواقع التواصل، وإثارة الجدل.
وفي حادثة تظهر مدى تطور عمله تقنياً، قام الطاقم بابتكار حساب وهمي لسيدة أميركية جميلة، وأطلق عليها اسم شانون آيكن. قام الطاقم عبر هذا الحساب بشراء ألعاب جنسية من موقع "أمازون" وإرسالها إلى سياسي أميركي كان مرشحاً لانتخابات محلية، مع رسالة موقعة باسم شانون آيكن لتوحي لزوجته بأنه كان يخونها. ونتيجة لذلك طردت الزوجة الرجل من البيت وبات يومين في مكتبه. فقام الطاقم بتصوير ذلك ونشره، بهدف التخفيف من حظوظه في الفوز لصالح منافسه.
 

المساهمون