نظرة فاحصة على "تويتر" مع اقتراب صفقة إيلون ماسك لشرائه

نظرة فاحصة على "تويتر" مع اقتراب صفقة إيلون ماسك لشرائه: هل ستتواصل الفوضى؟

16 مايو 2022
بعث ماسك الأسبوع الماضي برسائل متضاربة حول صفقة "تويتر" (جوناثان نيوتون/ Getty)
+ الخط -

يستخدم أكثر من 217 مليون شخص حول العالم منصّة تويتر، من ضمنهم العديد من السياسيين والصحافيين والناشطين. لكن، أخيراً صار مالك شركة تيسلا إيلون ماسك أكثر هؤلاء المستخدمين شهرة وإثارةً للجدل بعد تقديمه عرضاً لشراء شركة تويتر مقابل 44 مليار دولار.

على الرغم من أنّ مجلس إدارة الشركة قد وافق على العرض، إلّا أنّ هناك الكثير من علامات الاستفهام حول إتمام الصفقة، خاصة بعدما أعلن ماسك، يوم الجمعة الماضي، أنّها "معلّقة"، قبل أن يكتب عبر حسابه على "تويتر" أنّه لا يزال "ملتزماً بإتمامها"، بحسب ما أفادت به وكالة أسوشييتد برس.

في وقت سابق من الأسبوع الماضي، قال ماسك إنّه سيلغي الحظر المفروض على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في حال استحواذه على المنصّة، كما قال إنّه يؤيّد القوانين الجديدة للاتحاد الأوروبي والتي تستهدف حماية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من المحتوى الضار. تزامن ذلك مع إقالة الرئيس التنفيذي الحالي لشركة تويتر اثنين من كبار المدراء يوم الخميس الماضي.

تؤكّد كلّ هذه الأخبار والأحداث أنّ الاضطرابات ستستمرّ داخل الشركة وخارجها. لكنّ ذلك يبدو معتاداً في الشركة، بحسب مدير الهندسة السابق فيها ليزلي مايلي: "تويتر كان دائماً في حالة فوضى"، ويضيف: "هذا موجود في الحمض النووي لتويتر".

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

الصعود إلى القمّة

منذ انطلاقته في العام 2007 باعتباره "خدمة تدوين مصغّر" لطالما كان "تويتر" أكبر من حجمه الحقيقي. ففي الوقت الذي بلغ عدد مستخدمي المنصّات المنافسة المليارات، لم يتجاوز مستخدمو "تويتر" مئات الملايين. وهذا في الحقيقة أحد الأسباب التي سهّلت انقضاض ماسك على مجلس إدارة الشركة وإقناعها بعرضه. في الوقت نفسه، يتمتع موقع "تويتر" بتأثيرٍ منقطع النظير على الأخبار والسياسة والمجتمع بفضل طريقة عمله البسيطة.

في العام 2009، كانت شركة "تويتر" تمتلك 27 موظّفاً، وكان أشهر مستخدميها هو الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما. أمّا اليوم، فتوظّف الشركة التي صارت أيقونة سان فرانسيسكو أكثر من 7500 شخص. ويظلّ أوباما صاحب أكبر عددٍ من المتابعين، متقدّماً على جاستين بيبر وكاتي بيري في المركزين الثاني والثالث، وأيضاً على ماسك الذي يحلّ في المركز السادس.

يمكن تأريخ صعود "تويتر" إلى الواجهة ربطاً بمجموعةٍ من الأحداث العالميّة التي وقعت في السنوات الأخيرة، مثل الحروب والهجمات الإرهابية والربيع العربي وحركة مي تو وغيرها من اللحظات المحوريّة في تاريخنا الحديث، والتي لعبت المنصّة دوراً رئيسياً في بثّ ونشر مجرياتها.

بالنسبة للكاتبة كاثي ريزنفيتس، فإنّ "تويتر يجذب غالباً المفكّرين"، تشرح: "يميل الأشخاص الذين يفكرون في الأمور إلى منصّة تعتمد على النصّ بالدرجة الأولى. وهو مليء بالصحافيين. وبالتالي فإنّ تويتر هو انعكاس ومحفّز في الوقت نفسه لما يفكر فيه الناس".

تجد صانعة المحتوى أنّه من الرائع لها اكتشاف الأشخاص والأفكار، كما أنّها قادرة على جعل الآخرين يتعرّفون إلى أفكارها وكتاباتها. كان هذا هو السبب الرئيسي وراء مواصلة استخدامها للمنصّة طوال سنوات، على الرغم من المضايقات والتهديدات بالقتل الكثيرة التي تلقتها من خلالها.

يجذب "تويتر" الأكاديميّين والمتخصّصين وأصحاب الاهتمامات الغريبة ومتابعي الثقافات الفرعيّة والبديلة والناشطين من مختلف القواعد. لماذا؟ لأنّه يعد بتبادل مفتوحٍ وحرٍّ للحقائق والأفكار، حيث تتم مشاركة المعرفة ومناقشتها والتشكيك فيها.

تقول الأستاذة في جامعة كورنيل والمتخصّصة في وسائل التواصل الاجتماعي بروك إيرن دافي: "مكّن تويتر مجموعات المصالح، خاصة تلك التي يتم تنظيمها حول الهوية الاجتماعية، سواء كنّا نتحدث عن الجندر أو الجنس أو العرق، من إجراء حوارات ونقاشاتٍ مهمّة حقًا".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

الجانب المظلم

من جهة أخرى، فإنّ فوريّة "تويتر" وطبيعته المفتوحة للعامة وحصره التغريدة بـ280 حرفاً، تشكّل وصفةً مثاليةً لإشعال المشاعر، وخاصة مشاعر الغضب.

يقول المدير العام السابق لفريق نيويورك ميتس ستيف فيليبس:

"يُمكِّن إخفاء الهوية بعض الأشخاص في تويتر من إيذاء الآخرين، لكنّه يظلّ أحد أكثر الطرق فعاليّة للتواصل مع الأشخاص الذين لديهم اهتمامات مماثلة".

ولكن هناك أيضاً جزءاً ضخماً مظلماً في "تويتر"، وهو "تويتر" النازيين ومنظّري المؤامرة والدول التي تموّل شبكات ضخمة للتأثير على الأحداث السياسية والانتخابات.

يقول مدير الأبحاث والتدريب في منظّمة "ديس إنفو ديفنس ليغ" جايمي لونغوريا إن شراء ماسك لـ"تويتر" يهدّد منصة يعتقد العديد من الخبراء أنّها قامت بعمل أفضل في كبح المحتوى الضار مقارنة بمنافسيها، يضيف: "نحن نراقب وننتظر. تويتر الذي نعرفه ربّما انتهى".

في سلسلة من التغريدات في العام 2018، قال الرئيس التنفيذي لـ"تويتر" آنذاك جاك دورسي إنّ الشركة ملتزمة "بالصحة الجماعية، والانفتاح، والكياسة في المحادثات العامة، وتحمّل المسؤوليّة العامة باتّجاه التقدم".

قاد فريق الثقة والأمان في "تويتر" عمليّة تحسين الأمور. سنّت سياساتٌ جديدة، وأضافت تصنيفات تنبّه إلى المعلومات الكاذبة، وأوقفت الحسابات التي يخالف أصحابها بشكلٍ متكرّر قواعدها ضدّ الكراهية والتحريض على العنف وغيرها من الأنشطة الضارة. هكذا، وبشكلٍ سريع بدأت الأمور في التحسن، على الأقلّ في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا الغربيّة.

أمّا في الأماكن الخارجة عن حدود الدول الغربيّة ذات النظام الديمقراطي، فلم تنجح الشركة في تضييق الخناق على خطاب الكراهية ونشر المعلومات المضلّلة والأخبار الزائفة.

يقول المحرّر في موقع سكرول الإخباري الهندي شعيب دانيال: "تنتشر الكراهية على تويتر، خاصة ضد الأقليات، ولذلك هناك معركةٌ متواصلة للتصدي لخطاب الكراهية والأخبار الكاذبة". ويرى دانيال أنّ تمسّك ماسك بنظريته حول حريّة التعبير لا معنى له في بلدٍ مثل الهند، حيث لا توجد الكثير من القيود على ما يمكن أو لا يمكن قوله، يضيف: "المنصة مليئة بالكراهية على كلّ حال، وتويتر لم يفعل الكثير لمواجهتها. لذا علينا أن ننتظر لنرى المسار الذي ستأخذه الأمور".

المساهمون