ملتقى الشباب التراثي... كي لا يسيطر الاحتلال على ثقافة أبناء القدس

ملتقى الشباب التراثي... كي لا يسيطر الاحتلال على ثقافة أبناء القدس

02 ابريل 2023
عام 2018 أسس الملتقى مدرسة الفنون (فيسبوك)
+ الخط -

انتشر بكثافة، منذ مطلع شهر رمضان على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة بين الفلسطينيين، عزف لمجموعة أطفال على آلة القانون لموسيقى الأغنية الشهيرة "رمضان جانا". خرج التصوير المحترف من القدس العتيقة، واتضح أنه الإنتاج الجديد لفرقة "نقش"، وتتبع مدرسة فنون ملتقى الشباب التراثي المقدسي في حي سلوان.
وأشار مدير الملتقى محمد الأعور لـ"العربي الجديد"، إلى أن تصوير فيديو "رمضان جانا" كان في ديوان عبد اللطيف في البلدة القديمة بالقدس، وهو مبنى تاريخي على مقربة من باب العمود، وأنه التصوير الثاني للفرقة، بعد التصوير الأول لها في يناير/ كانون الثاني الماضي، لموسيقى أغنية "البنت الشلبية"، وكان في دير أبو إبراهيم في البلدة القديمة بالقدس أيضاً.
وتمكنت المدرسة، خلال الفترة الماضية، من أن تحدث اختراقاً واضحاً باستحضار آلة القانون في الثقافة العامة، وتدريب أطفال المنطقة المنكوبة بالاستيطان والاعتداءات المتكررة من قوات جيش الاحتلال، للعزف عليها، بعد أن كانت تكلفتها تحدّ من فرص تعلمها، أو من معرفتها بشكل عام، ليصبح عدد طلاب المدرسة 50 طالبة وطالباً، بعدما كانوا أربعة طلاب فقط عام 2019.


واستدعى هذا التفاعل، ومهارات الطلبة وإمكاناتهم المتميزة في العزف، إنشاء فرقة موسيقية، لتكون الأولى المتخصصة على آلة القانون في مدينة القدس.
وفرقة "نقش"، هي إحدى فرق ملتقى الشباب التراثي المقدسي في سلوان بالقدس، وهو تجمع مقدسي تأسس عام 2005 على يد مجموعة من الفنانين والمثقفين الشباب في المدينة عامة، وفي الحي خصوصاً.
وينظم الملتقى، أيضاً، تدريبات أسبوعية لطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن مشروع "سند"، بهدف تطوير مهاراتهم، والتخفيف من ضغوط الحياة عليهم، ودعمهم وتمكينهم من خلال الفنون.
ونظم الملتقى مؤخراً العديد من الفعاليات الثقافية والفنيّة في القدس، من بينها الدورة الرابعة من معرض مسابقة "القدس في عيون أبنائها"، واحتفل خلاله الملتقى بإعلان جوائز هذه المسابقة، مع عرض صور مختارة من بين صور المتقدّمات والمتقدّمين للمسابقة، إضافة إلى عروض لرسومات تميّزت من بين طلاب دورات الرسم المتعددة للملتقى، وفقرات موسيقية لأطفال مدرسة الفنون، وبينهم أطفال فرقة "نقش"، وعازفو فرقة التخت الشرقي.
ولفت الأعور إلى أن المسابقة في دورتها الأولى انطلقت في عام 2019، بهدف "تعزيز مكانة القدس في قلوب أطفالها وشبابها، من خلال تعريفهم بمناطق كثيرة في المدينة، وعلى تاريخها وحضارتها"، وبالتالي توثيقها بعيونهم عبر الصور الفوتوغرافية بالكاميرات والهواتف النقالة، كما لفت إلى أن الدورة الرابعة التي أعلنت نتائجها وسط مارس/ آذار الماضي اتخذت ثلاثة محاور، هي: العمارة في القدس، والمرأة المقدسية، والقرى المهجّرة.
وتقدم للمسابقة أكثر من ثمانين مشاركاً، أصغرهم في عمر الثامنة، وأكبرهم في الثانية والعشرين، توزعوا على فئات ثلاث، لإيصال رسائل عدة إلى المجتمع المحلي والدولي بأن القدس لأهلها، وبأنها حاضرة ثقافية على مرّ التاريخ، بالإضافة إلى البعد الروحاني النادر لها.
وينظم الملتقى أيضاً برنامج الجولات "اعرف بلدك"، بشكل منتظم، وكان آخرها ما قبل رمضان بأسبوع، في مسار استهدف التعريف بالعديد من عيون الماء الفلسطينية، التي جرت مصادرتها، بل وإنتاج مواد معدنية إسرائيلية منها، كـ"عين جدي"، و"عين بوقيق"، انتهاء بالبحر الميت، كما أعلن أخيراً عن استئناف برنامج "القدس إحنا ولادها" في المرحلة الثانية منه، وهو عبارة عن جولات سياحية للقرى المهجرة والبلدة القديمة ومحيطها.
ومن بين برامجه أيضاً "مستقبلنا بإيدينا"، وهو برنامج للفتيات في الفئة العمرية من (13ــ 18 عاماً)، يقوم على سلسلة لقاءات تفاعلية لتنمية المهارات الحياتيّة والتعليميّة والاجتماعية والإبداعية للفتيات.
وعرّف الأعور، الملتقى، بأنه مؤسسة شبابية مقدسية مقرها منطقة وادي حلوة في حي سلوان، وأن الهدف من تأسيسه إقامة أنشطة ثقافية وفنية وتعليمية لخدمة أبناء المجتمع الفلسطيني من المقدسيّين عامة، وفي حي سلوان على وجه الخصوص، وذلك عبر تنفيذ أنشطة متنوعة على مدار العام.
ولفت إلى أن من بين أهداف الملتقى، أيضاً، تثبيت الهوية الفلسطينية للمكان، و"لما نقدّمه من فنون"، والحيلولة دون ارتماء أبناء القدس عامة، وحي سلوان خاصة، في أحضان ما يعرف بالمراكز الجماهيرية الإسرائيلية في المدينة، أو الانخراط في المشاريع الثقافية والفنيّة التطبيعية.
وعلى الرغم من انطلاقه كمبادرة عام 2005، فإن الانطلاقة الفعلية له كانت عام 2016، وفي 2018 شهد قفزة واضحة في أنشطته، من خلال تأسيس مدرسة الفنون، وهي تعمل على تعليم الأطفال والشباب فنوناً متنوعة، وخاصة الموسيقى والرسم والدبكة الشعبية الفلسطينية، عبر برنامج أكاديمي وعملي، وبرسوم رمزية، ما يكسر الصورة الشائعة والفعلية بأن "الموسيقى للأغنياء"، حتى توسّعنا، والحديث للأعور، في السنوات الأخيرة لخارج حدود سلوان، حيث المقر الجديد في حي الشيخ جرّاح في القدس، وفي العيسوية قربها.
وعلاوة على كلّ ذلك، ينفذ الملتقى برامج تعليمية مساندة، من بينها: نادي اللغة الإنكليزية، وبرنامج الهندسة للصغار، والمسابقات المختلفة، بالإضافة إلى برامج التمكين الاقتصادي للنساء.

وكشف الأعور لـ"العربي الجديد" أن مقر الملتقى الرئيس، حيث يتدرّب الطلاب على الموسيقى والرسم والدبكة الشعبية والتصوير أيضاً، بات المساحة الوحيدة، بالإضافة إلى "جامع العين" المجاور، وتقدر بخمسمائة متر مربع مجتمعة، التي لم يطلها التهويد والاستيطان، بينما جميع المنطقة المحيطة استولى عليها المستوطنون، خاصة أن المنطقة لا تبعد عن الحرم القدسي الشريف أكثر من نصف كيلومتر، وتحديداً من جهة باب المغاربة حيث حائط البراق.

المساهمون