فنانون يهود: نرفض أشجاراً تخفي تحتها الجريمة

فنانون يهود: نرفض أشجاراً تخفي تحتها الجريمة

18 ابريل 2024
من تظاهرة تضامنية في سان فرانسيسكو، مارس 2024 (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مجموعة من الفنانين اليهود في كاليفورنيا سحبوا أعمالهم من معرض بالمتحف اليهودي المعاصر بسان فرانسيسكو بسبب خلافات حول تمويل المتحف وعرض الأعمال.
- الفنانون حاولوا تضمين رسائل مؤيدة لفلسطين في أعمالهم، لكن واجهوا قيودًا من إدارة المتحف مثل عدم إجراء تغييرات بعد العرض وطلب تعديلات على الكلمات المصاحبة.
- استجابة للقيود، قرر 11 فنانًا سحب أعمالهم ونشروا بيانًا يدعو إدارة المتحف للانضمام إلى حركة المقاطعة لإسرائيل وأعلنوا عن تنظيم معرض خاص لدعم قضيتهم.

سحب عددٌ من الفنانين الذين يطلقون على أنفسهم "فنانون يهود من أجل فلسطين" في ولاية كاليفورنيا الأميركية، أعمالهم من معرض جماعي يجري التجهيز له في المتحف اليهودي المعاصر في مدينة سان فرانسيسكو. المعرض الذي سينظمه المتحف كان من المقرر أن يضم 47 فناناً يهودياً يعيشون في ولاية كاليفورنيا، في تظاهرة فنية تتمحور حول الثقافة والهوية اليهوديتين.
جاء قرار الفنانين بعد خلافات مع القيمين على المتحف حول مصادر تمويله، وكذلك حول كيفية عرض أعمالهم. كان أمام هؤلاء الفنانين الاختيار بين المقاطعة من البداية، أو المشاركة بهدف لفت الانتباه إلى مطالبهم المتمثلة في قطع علاقات المؤسسة الفنية مع الجهات المانحة المرتبطة بدولة الاحتلال الإسرائيلي التي تشنّ حرب إبادة جماعية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
بدلاً من المقاطعة، تعمّد الفنانون تضمين أعمالهم رسائل مؤيدة للشعب الفلسطيني. ولكن يبدو أن إدارة المتحف انتبهت إلى أهداف المجموعة، ولم تستبعد الأعمال المقدمة كما كان متوقعاً. بدلاً من الاستبعاد، ألزمتهم الإدارة في التعاقد بعدم إجراء أي تغييرات أو تعديلات على الأعمال المقدمة بعد عرضها، كما طلبت منهم إجراء تغييرات على الكلمة المصاحبة للأعمال.
ربما لجأت الإدارة إلى هذه الشروط، كما يقول أحد الفنانين المشاركين، لعدم تكرار ما حدث قبل شهور في المعرض الجماعي الذي نظمه مركز يربا بوينا للفنون، الذي يقع على مسافة قريبة من المتحف. في المعرض المُشار إليه، لجأ عدد من الفنانين إلى لفت الانتباه لمطالبهم بإحداث تغييرات على أعمالهم ليلة الافتتاح، وتضمينها رسائل وكتابات مؤيدة للشعب الفلسطيني.

فنانون معترضون

لم يوافق الفنانون المُقاطعون، وعددهم 11 فناناً وفنانة، على هذه الشروط وسحبوا أعمالهم اعتراضاً، ثم خرجوا ببيان نشروه في صفحتهم على "إنستغرام"، يشرحون فيه ما حدث. في بيانهم، دعا الفنانون إدارة المتحف إلى الانضمام إلى حركة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وقطع علاقاتهم تماماً بالحكومة الإسرائيلية والمؤسسات المرتبطة بها. من بين الممولين المرتبطين بالحركة الصهيونية الذين أشار إليهم الفنانون صراحة، تأتي مؤسسة هيلين ديلر، التي تعرضت إلى انتقادات من قبل بسبب المنح التي قدمتها إلى "كناري ميشن" (Canary Mission) وهذه الأخيرة هي مجموعة متهمة بجمع المعلومات عن الطلاب والأكاديميين المناهضين للصهيونية.
قالت الفنانة صوفيا سوبكو، وهي إحدى الفنانات المقاطعات، إنه سيكون "من النفاق" أن يعرض المتحف أعمالاً تنتقد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، في حين يتلقى التمويل مباشرة من الحكومة الإسرائيلية. العمل الذي سحبته سوبكو، وهي فنانة من أصول أوكرانية، كان عبارة عن أربع صور فوتوغرافية لأغطية رأس أوكرانية مطرزة بكتابات، واحدة منها تحمل رسائل متضامنة مع الشعب الفلسطيني.
في رده على هذه المقاطعة، صرح مدير المتحف كيري كينغ، بأن المتحف لم يتلقّ تمويلاً من الحكومة الإسرائيلية منذ عام 2021، غير أن الفنانين المقاطعين يقولون إن المتحف يتلقى دعماً شبه منتظم من الحكومة الإسرائيلية، عبر كيانات ومؤسسات مرتبطة بها. كما تقول الفنانة صوفيا سوبكو إن إصرار المتحف على طلب توضيح لما تعنيه كلمة "مناهضون للصهيونية" التي جاءت في بيان الفنانين، هي مجرد سجالات فارغة حول المصطلحات، تهدف إلى صرف الانتباه عن الحقيقة المتمثلة في الجريمة التي تحدث الآن في فلسطين. تضيف الفنانة أن "إسرائيل تعرّف نفسها بأنها دولة قومية لليهود، ما يؤدي في النهاية إلى نظام فصل عنصري، وهو ما نرفضه ونطالب بإنهائه".

لا مبرّر للفصل العنصري

بدورها، قالت زميلتها في المجموعة، كيت لاستر، إن النظام الإسرائيلي يروّج لنفسه كنظام حُرّ وديمقراطي وحيد في منطقة ملتهبة، لكن ليست هناك حرية في أنظمة الفصل العنصري. وتضيف لاستر أنه لا يمكن قبول أي مبرر لسياسات الفصل العنصري والإبادة الجماعية التي تحدث للشعب الفلسطيني.
أما الفنانة ليات بيردوغو فقد انسحبت، كما تقول، بسبب قلقها من أن المتحف لن يوفر لها مساحة كافية للتعبير عن فكرتها التي تريد طرحها في عملها. العمل الذي كانت ستشارك من خلاله بيردوغو هو تجهيز متعدد الوسائط، يسلط الضوء على إحدى المنظمات الإسرائيلية المعنية بالبيئة. تتولى هذه المنظمة، كما توضح الفنانة، الإشراف على زراعة مساحات كبيرة من الأشجار في إسرائيل. تقول بيردوغو: "ما لا يعرفه بعضهم أن هذه الأشجار تخفي تحتها جريمة، لأنها مزروعة فوق أنقاض القرى الفلسطينية". تضيف الفنانة أن هذه المساحات الخضراء تتحول لاحقاً إلى حدائق عامة، وتخضع إلى اختصاصات قانونية مختلفة، تهدف إلى التحايل على أصحاب الأرض.

في بيانهم، أدان الفنانون المُقاطعون الأعمال الوحشية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، مُعلنين أنهم يهدفون من خلال هذا الانسحاب إلى جذب الأنظار نحو حقيقة الاستعمار الإسرائيلي والفصل العنصري. كما أعلن الفنانون عن نيتهم تنظيم معرض خاص لأعمالهم بعيداً عن المتحف، ودعوا الفنانين الآخرين وموظفي المتحف اليهودي المعاصر وغيرهم إلى الانضمام إليهم.

المساهمون