مقار بديلة لصحافيي غزة بعد تدمير مكاتبهم

مقار بديلة لصحافيي غزة بعد تدمير مكاتبهم

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
09 يونيو 2021
+ الخط -

منذ اللحظة الأولى لاستهداف مكاتب مؤسساتهم خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع الشهر الماضي، يعمل صحافيو غزة على إنتاج موادهم الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة، وفق الواقع الجديد الذي فرضه عليهم الاستهداف المُباشر لمكاتبهم. فقد خَلّف الاستهداف الإسرائيلي المُباشر للمباني والأبراج المدنية التي تضم العديد من وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، حالة من عدم الاستقرار، عقب توقف العدوان، والتوصل إلى قرار التهدئة بين فصائل المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، نتيجة فقدان تلك المؤسسات مكاتبها، واضطرارها إلى توفير أماكن عمل بديلة.

وكانت الأبراج التي استُهدفت، مثل "الجوهرة" و"الجلاء" و"الشروق"، تضم العديد من مكاتب المؤسسات الإعلامية المحلية والعربية والعالمية، وتنطلق منها عمليات التغطية اليومية والميدانية لمختلف الفعاليات والأنشطة والأحداث، لكنّ الاستهداف المُباشر من الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال فترة العدوان، حوَّلها إلى أكوام من الحطام، وقد دُفنت تحت أنقاضها أجهزة البث، والإذاعة، والتصوير، والكومبيوتر، والمعدات والأدوات والأجهزة المختلفة، بالإضافة إلى الأرشيف المُصوّر والمكتوب، وغيرها.

يتخذ مُراسل قناة "الجزيرة" الفضائية في غزة، وائل الدحدوح، وزملاؤه مكاناً بديلاً في أحد الفنادق لتسيير أعمالهم الصحافية، بعد استهداف الطائرات الحربية الإسرائيلية بُرج "الجلاء" الذي يضم مقر مؤسستهم الإعلامية، وتسويته بما يحتوي من معدات وأجهزة بالأرض. يقول الدحدوح لـ "العربي الجديد" إنّ حالة من البلبلة رافقت عملية قصف البرج الذي يضم مقر القناة، ويحتوي على الكاميرات والمعدات وأجهزة البث والإرسال، إلى جانب الأرشيف المصور وبقية معدات العمل الصحافي، ما اضطر الفريق إلى استئجار مكان بديل ومؤقت لإنجاز مواده الصحافية.

وساعدت الخطة البديلة التي أعدها فريق القناة في قطاع غزة في تخطي الأزمة مبدئياً، وفق الدحدوح الذي يوضح أنّه تم تجهيز خطة طوارئ للتعامل في أوقات الأزمات، وذلك بتصدير بعض الاحتياجات والمعدات الهامة في مكان آخر، وقد أسعفت تلك التجهيزات فريق العمل في البقاء على الهواء، إلى جانب مساعدة الآخرين، فقد استضافت "وكالة الأنباء الفرنسية" الفريق منذ اللحظة الأولى للاستهداف، فيما تم استئجار غرفة في أحد فنادق قطاع غزة، كمقر بديل للانطلاق والعمل، إلى حين إعادة تأسيس المكتب في البرج المُستهدف نفسه. 

وعلى الرغم من حالة الإرباك التي يمر بها الفريق، والكوادر الصحافية التي تعرضت لتدمير مقارها الإعلامية، خلال فترة العدوان، فإنّ رغبة الإعلاميين في قهر الأزمة كانت أكبر، وعن ذلك يقول الدحدوح: "الاستهداف المُباشر للصحافيين والمؤسسات الإعلامية كان صادماً، إلا أنّ التغطية ما زالت مستمرة، كما استمر بث الصورة والصوت". 

يغطي أفراد طاقم التلفزيون "العربي" الأحداث والأنشطة والفعاليات التي أعقبت العدوان الإسرائيلي على القطاع من داخل بيوتهم

وينتقل أفراد طاقم "التلفزيون العربي" في قطاع غزة إلى تغطية الأحداث والأنشطة والفعاليات التي أعقبت العدوان الإسرائيلي على القطاع من داخل بيوتهم، بعدما قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي برج "الجوهرة" الذي يضم الوكالة المستضيفة للتلفزيون، وعدداً من المؤسسات المحلية والدولية.

ويقول مراسل التلفزيون "العربي" صالح الناطور لـ"العربي الجديد" إنّ استهداف الطائرات الحربية الإسرائيلية للمبنى الذي يضم القناة أفقد الكادر مقره، ما اضطر أفراده إلى الاستمرار في العمل خلال العدوان الإسرائيلي، من داخل المستشفيات، والطرقات، في محاولة لمواصلة نقل صورة وحقيقة ما يجري. 

الواقع الجديد ليس سهلاً على الصحافيين، سواء من الناحية الشخصية أو الوظيفية، خصوصاً في ظلّ الاحتياج المستمر للعمل وإنتاج مواد إعلامية، وفق تعبير الناطور الذي يقول: "استمرت التغطية بعد إعلان وقف إطلاق النار، وقد انتقلنا إلى مكان بديل في إحدى الشقق السكنية، رفقة الوكالة التي نعمل معها، إلا أنّ الأمر بات صعباً، فقد انتقلنا من مكان مستقل ومستقر، يضم المكتب ومستلزمات العمل، إلى مقر بديل نحاول توظيفه بالقدر المستطاع لمواءمة ظروف العمل، لإنجاز تقرير، أو الخروج برسالة".

وتفاقمت حِدة الانتهاكات الإسرائيلية بحق المؤسسات الإعلامية بشكل ملحوظ، خلال العدوان الأخير على قطاع غزة الذي استمر 11 يوماً، إذ تم تدمير 33 مؤسسة إعلامية، محلية وعربية ودولية بشكل كامل، نتيجة قصف الأبراج والمباني السكنية التي تضم مكاتبها، علاوة على استشهاد صحافي داخل منزله، وإصابة وتضرر 70 صحافياً آخرين. 

ولم يقتصر الضرر على المؤسسات والمكاتب الصحافية فحسب، إذ انتقل للمصورين والصحافيين المُستضافين لدى الشركات والوكالات الإعلامية. ويقول الصحافي مجدي قريقع، ويعمل مصوراً حُراً، إنّه كان مُستضافاً في إحدى الوكالات الصحافية التي طاولها القصف خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. ويوضح قريقع لـ "العربي الجديد" أنّ الوكالة الوطنية المُستضيفة كانت توفر له مكتباً، واتصال إنترنت، إلى جانب كُل الخدمات اللوجستية من دون مقابل، إلى أن تمّ تدمير المبنى الذي يضم مقر الوكالة، ويتابع: "الإمكانات المحدودة، إلى جانب عملي كمصور حُر، لا تُمكّنني من افتتاح مكتب خاص بي". 

ويتنقل المصور قريقع، منذ لحظة تدمير المكتب في بداية العدوان على قطاع غزة، بين المكاتب الصحافية لتجهيز مواده الإعلامية، ويقول إنّ العمل من داخل البيوت لا يهيئ الأجواء المُناسبة للعمل، خصوصاً في ظلّ الأزمة المتواصلة للتيار الكهربائي، وضعف الإنترنت، ما يضطره لإنجاز مواده في مكاتب زملائه وأصدقائه.

ذات صلة

الصورة
الصحافي بيتر ماس (Getty)

منوعات

كتب الصحافي المخضرم بيتر ماس، في "واشنطن بوست"، عن "شعوره كمراسل جرائم حرب وابن عائلة مولت دولة ترتكب جرائم حرب"، في إشارة إلى الإبادة الجماعية في غزة.
الصورة
المسؤولون العسكريون الإسرائيليون سمحوا بقتل أعداد كبيرة من المدنيين الفلسطينيين (محمد عبد / فرانس برس)

منوعات

يفاقم الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي في الحروب المخاوف من خطر التصعيد ودور البشر في اتخاذ القرارات. وأثبت الذكاء الاصطناعي قدرته على اختصار الوقت.
الصورة

منوعات

تظهر آثار مقاطعة "ماكدونالدز" بأكثر من شكل، بينها انهيار تقييم تطبيقها الرسمي في متجر تطبيقات الهواتف العاملة بنظام "أندرويد".
الصورة
من إحياء يوم الأرض في سخنين، العام الماضي (أحمد غرابلي/فرانس برس)

سياسة

تحلّ ذكرى يوم الأرض هذا العام، على وقع حرب غزة، وتشكّل مناسبة لفلسطينيي الداخل الذين يتحضرون لإحيائها، عودةً إلى المربع الأول: وحدة الأرض ووحدة القضية.

المساهمون