مسلسل "زقاق الجن"... نهاية غير مكتملة

مسلسل "زقاق الجن"... نهاية غير مكتملة

03 مايو 2023
كان أيمن زيدان من أبرز وجوه العمل (فيسبوك)
+ الخط -

في السنوات الأخيرة، شهدت دراما البيئة الشامية عدداً من المحاولات للخروج من حكاياتها النمطية، التي اقتصرت منذ التسعينيات على الحكايات البطولية لمقاومة الاستعمار الأجنبي، على هامش الصراعات الداخلية حول زعامات الحارات والحكايات الاجتماعية التي تركزت على مفاهيم الأمانة والشرف. لكن معظم المحاولات باءت بالفشل، فلم تتغير سوى القشور؛ إذ إن الأفكار والقيم المتحكمة بمجتمعات الحارات الدمشقية القديمة بقيت راسخة، حتى جاء مسلسل "زقاق الجن" هذه السنة، ليتمكن أخيراً من إيجاد مساحة خاصة لم تقترب منها مسلسلات البيئة الشامية من قبل.
يتناول "زقاق الجن" (للكاتب محمد العاص والمخرج تامر إسحق)، حكايات عن التمرد على السلطة الأبوية المهيمنة في أجواء البيئة الشامية، لينتقد جرائم الشرف التي كانت تحدث في تلك الحقبة الزمنية. وقد زاد من الإثارة اختيار حي "زقاق الجن" الدمشقي مسرحاً للأحداث؛ الحي المعروف في دمشق، كان يُشاع حوله كثير من الحكايات الشعبية، عن الجن الذين يسكنون البساتين المحيطة فيه ويخطفون الأطفال. لكن الجن غاب عن حكاية المسلسل، وحضر عوضاً عنهم قاتل يستهدف الأطفال.
يتمحور المسلسل حول شخصية أبو نذير (أيمن زيدان) وعائلته التي تعاني من ظلمه وجبروته وتحكمه في حياة كل فرد منها بقبضة حديدية. وبه أيضاً ترتبط خيوط حكاية القاتل مُختطف الأطفال وقاتلهم انتقاماً لأبيه من أبو نذير، الذي ظلمه، ومن أهالي الحارة الذين سكتوا عن ظلمه. القاتل الصامت يبقى بعيداً عن دائرة الشك، بسبب اعتقاد الناس أن الأمر مرتبط بالجن وبشخصية ناجي (سعد مينة) الملقب بـ"أبو عين بيضا"، فالعيب الخلقي يجعل الناس يظنون أن الجن يتلبّسه، ولا سيما أنه غير معروف النسب. ومن خلال شخصية ناجي، يطرح المسلسل قضية التنمر، التي كانت غائبة عن الدراما الشامية أيضاً؛ فالمشوهون مدانون ومهانون وضيوف دائمون لدى الشرطة التي تشك بأمرهم عند حدوث أي مصيبة.
معظم الخطوط الدرامية في المسلسل مترابطة، وتقودنا إلى أبو نذير، بما فيها حكاية ناجي، فهو ابن أبو نذير الذي رماه صغيراً لأنه كان مشوهاً. كل الشخصيات لها جذور في الماضي، بمن في ذلك شخصية الخادمة ثريا التي تغلغلت في عائلة أبو نذير لتنتقم منه أخيراً.
لكن، في المقابل، يوجد في المسلسل بعض الخطوط الدرامية الجانبية الضعيفة التي لا تبدو مرتبطة بالحدث إطلاقاً، ووجودها بالمسلسل زائد عن الحاجة، مثل شخصية رئيس الكركون /المخفر أبو عفيف، الذي تولى التحقيق في قضية خطف الأطفال وقتلهم في البداية، قبل أن يخرج عن سياق حكاية المسلسل عندما تم اتهامه بالتآمر على الدولة العثمانية وسجنه وتعذيبه، ونتابع حكايته حتى نهاية المسلسل من دون أن يكون لحكايته أي أثر على باقي الأحداث.
ومن الأمور التي تميز "زقاق الجن" أيضاً، اعتماده على كادر تمثيلي هو الأفضل بالمسلسلات السورية التي عُرضت في رمضان. الأبرز كان أيمن زيدان، الذي قدّم شخصية بحضور آسر، فيها كل ملامح الشخصيات الأيقونية التي تعيش في الذاكرة طويلاً، بالإضافة إلى أمل عرفة وشكران مرتجى اللتين قدمتا أفضل أداء لهما منذ سنوات طويلة، وصفاء سلطان التي أثبتت للعام الثاني على التوالي أن احتسابها على نجوم الصف الأول ليس سوى صواب، وحتى الممثلون الشباب، وأؤلئك الذين أدوا شخصيات ثانوية، معظمهم قدّم أدواراً لافتة.

سينما ودراما
التحديثات الحية

إلا أن المشكلة الكبرى في العمل، أنه ينتهي بشكل خاطف، من دون أن تحدث معظم مشاهد المواجهات الأخيرة مع أبو نذير، التي تم التحضير لها بشكل جيد؛ فالمشاهد الأخيرة يظهر فيها أيمن زيدان صامتاً مكسوراً، ويبدو واضحاً أنه قد تم اختصارها قدر الإمكان، وغالباً السبب وراء ذلك هو رحيل شقيقه، شادي زيدان، المفاجئ (أدى شخصية ابنه نذير في المسلسل) أثناء التصوير.

المساهمون