بعيداً عن الحالات المرضية المزمنة، هناك العديد من الحالات الصحية التي تفرض على أصحابها تعاملاً خاصاً مع الصوم، يمكن أن يسبب القليل من الإرباك، باعتبارها ليست أمراضاً، ولكن أيضاً لا يمكن أن نعتبر أصحابها يتمتعون بـ"الصحة" بمفهومها العام.
لذلك، يوضح الطبيب عامر شيخوني، أخصائي جراحة القلب والصدر ورئيس تحرير موقع صحتك، من خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، كيفية التعامل مع تلك الحالات خلال شهر رمضان، ومتى يصبح لزاماً على أصحابها الإفطار.
المرأة الحامل
يحدث في جسم المرأة الحامل تغيرات فيسيولوجية كثيرة، أهمها زيادة حجم الدم بسبب "التوازنات الهرمونية المختلفة"، أي الهرمونات التي يفرزها جسم الأم والجنين التي تسبب ارتفاعاً طفيفاً في ضغط الدم، وزيادة في نشاط الدورة الدموية، ما يزيد الإجهاد على القلب قليلاً. وهي جميعها تغيرات طبيعية، ولكنها تصبح صعبة على الحامل خلال الصوم، لذلك يسمح لها بالإفطار مراعاة لصحتها وصحة جنينها. عادة، لا يتأثر الجنين بصوم الأم، لأن فيسيولوجيا الحمل تصب لصالح الجنين، بمعنى أنه يأخذ ما يحتاج إليه بغض النظر عن وضع الأم.
يقول شيخوني: "قد تعاني الأم من نقص التغذية، نقص الكالسيوم أو فيتامين دال. لكن الجنين يحصل على ما يحتاج إليه، فالصوم عادة لا يؤثر على الجنين ولكنه قد يؤثر على الأم".
طبعاً، الأمر يختلف بين الأشهر الأولى والأخيرة من الحمل، فالصوم خلال الأشهر الستة الأولى يكون محتملاً لأن التغيرات الفيسيولوجية تكون مقبولة في تلك الفترة. لكنه يصبح صعباً في الأشهر الأخيرة.
يشدد شيخوني على عدم صوم الأم في حال كانت صحتها قبل الحمل أو أثناءه غير جيدة، كأن يكون لديها سكري غير منضبط، وتعاني من نقص تغذية، ومصابة بمرض القلب، وفي حالات الحمل التوأمي بسبب حجم الأجنة واحتياجاتهم، والحمل المترافق مع اختلاطات مثل زيادة السائل الأمنيوسي الذي يهدد بالإجهاض.
كما قد تتعرض المرأة الحامل التي تتمتع بصحة جيدة لبعض الآثار والمضاعفات التي تنتج عن الصوم، لذلك تُنصح بضرورة مراجعة الطبيب في الحالات التالية: تراجع وزنها أو عدم حدوث الزيادة المتوقعة، وتعرضها للجفاف أو التهابات في المسالك البولية، والشعور بالغثيان والتقيؤ، وتوقف حركة الجنين، والشعور بالدوار أو الوهن أو الإجهاد أو التشوش الذهني.
الأم المرضعة
من الضروري أن ترضع الأم طفلها حتى عمر الستة أشهر، لذا فإن صوم النساء المرضعات قد يكون متعذراً، لأنه قد يقلل السوائل في الجسم وبالتالي كمية الحليب المتاحة، كما أن الأم المرضعة يكون لديها شهية زائدة لتناول الطعام وشرب السوائل، وهذا أمر طبيعي لتلبية احتياجات الرضيع. لذلك أجاز لها الطب والدين الإفطار.
أما بالنسبة للأطفال الأكبر سناً الذين بدأوا بتناول طعام آخر، بالإضافة إلى حليب الأم، فيسهل على أمهاتهم الصوم.
