صحافيون مصريون يتعطشون للحرية... عام آخر من محاصرة الكلمة

صحافيون مصريون يتعطشون للحرية... عام آخر من محاصرة الكلمة

20 ديسمبر 2021
أطلق هذا العام سراح سولافة مجدي وزوجها حسام الصياد (حساب سولافة مجدي على تويتر)
+ الخط -

رغم الوعود السياسية والنقابية بالنظر في ملف حبس الصحافيين المصريين في قضايا نشر وقضايا سياسية، لا تزال السلطات المصرية تستهدف الصحافيين والإعلاميين، ولا تزال السلطات القضائية تجدد حبس عشرات الصحافيين القابعين في السجون. وقد أضيف إلى السجون المصرية عام 2021، ثلاثة صحافيين مصريين، هم توفيق غانم، وعبد الناصر سلامة، وربيع الشيخ، لينضموا إلى عشرات الصحافيين النقابيين وغير النقابيين في السجون المصرية. 
فقد ألقت قوات الأمن القبض على الكاتب الصحافي توفيق غانم، بتاريخ 21 مايو/أيار 2021، من منزله بمنطقة السادس من أكتوبر بالجيزة. وبعد 5 أيام من الاختفاء، عُرض على نيابة أمن الدولة بتاريخ 26/5/2021، على ذمة القضية رقم 238 لسنة 2021، واتُّهِم بالانضمام إلى جماعة إرهابية، دون تحديد طبيعة هذه الجماعة أو دوره فيها، ولم يواجه بأي وقائع محددة ولا أي أعمال عنف أو حتى تحريض عليه.
ثم ألقت قوات الأمن المصرية القبض على الكاتب الصحافي عبد الناصر سلامة فجر يوم 17 يوليو/تموز 2021 من منزله بمحافظة الإسكندرية، على خلفيه نشره مقالات صحافية تطالب بالحفاظ على الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل، محملاً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مسؤولية ضياعها. ولم يعرض الكاتب على النيابة إلا مرة واحدة، ويجري تجديد حبسه غيابياً، بشكل دوري دون مثوله أمام النيابة.
وألقت السلطات الأمنية في مطار القاهرة الدولي القبض على الصحافي ربيع الشيخ، فور وصوله إلى أرض المطار من العاصمة القطرية الدوحة لزيارة أسرته، ليُرحَّل إلى الأمن الوطني ثم نيابة أمن الدولة، ومنها إلى سجن طرة في القاهرة، وأمرت النيابة بتجديد حبسه احتياطياً في 17 أغسطس/آب الماضي.
تأتي تلك الوقائع في الوقت الذي روج فيه النظام المصري لنفسه كثيراً بحدوث انفراجة سياسية تشمل إخلاء سبيل سجناء الرأي والحريات. فضلاً عن وعود نقابية شتى، بفتح ملف الصحافيين المحبوسين، حيث ملأ نقيب الصحافيين المصريين، ضياء رشوان، الدنيا ضجيجاً في أثناء الانتخابات الأخيرة التي فاز فيها بولاية جديدة في إبريل/ نيسان الماضي، بشأن الضغط من أجل الإفراج عن عدد من الصحافيين المصريين في السجون. 
وقد نجح بالفعل في الضغط من أجل الإفراج عن عدد محدود من الصحافيين، في الأيام القليلة التي أعقبت فوزه في الانتخابات، في خضم انفراجة سياسية بإخلاء سبيل عدد من الصحافيين المصريين، وهم معتز ودنان، وسولافة مجدي وزوجها حسام الصياد، وإسراء عبد الفتاح، وأحمد خليفة، وجمال الجمل، ومصطفى الأعصر، فضلاً عن المحامين والناشطين السياسيين مثل المحامية الحقوقية ماهينور المصري، ونائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي عبد الناصر إسماعيل، نتيجة ضغوط سياسية دولية عدة، ثم عاد ملف الصحافيين المحبوسين إلى الدرج ثانية. 

انفراجة سياسية أدت إلى إخلاء سبيل عدد من الصحافيين المصريين

وفي التصنيف العالمي لحرية الصحافة، حسب تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" لعام 2021، حافظت مصر على تراجعها في المركز الـ 166، الذي يقيم الوضع الإعلامي في 180 بلداً، انطلاقاً من منهجية تُقيم مدى تعددية وسائل الإعلام واستقلاليتها وبيئة عمل الصحافيين ومستويات الرقابة الذاتية، فضلاً عما يحيط بعملية إنتاج الأخبار من آليات داعمة مثل الإطار القانوني ومستوى الشفافية وجودة البنية التحتية.
"مراسلون بلا حدود"، أشارت أيضاً إلى أن أكثر دول الشرق الأوسط "استبداداً"، السعودية ومصر وسورية، كثفت ممارساتها القمعية المتمثلة بـ "تكميم الصحافة، لتحكم قبضتها على وسائل الإعلام في سياق جائحة كوفيد-19، حيث جاءت الأزمة الصحية لتعمّق جراح الصحافة العميق أصلاً في هذه المنطقة" التي لا تزال الأصعب والأخطر في العالم بالنسبة إلى الصحافيين.
هذا بينما احتلت من مصر المرتبة الثالثة في قائمة الدول التي تحتجز أكبر عدد من الصحافيين، إذ بلغ عدد الصحافيين السجناء فيها 25 صحافياً في عام 2021، بحسب تقرير "لجنة حماية الصحافيين" لعام 2021. وأكدت اللجنة في أحدث تقاريرها في ديسمبر/كانون الأول 2021، أنه رغم أن هذا العدد أقل من العام الماضي، إلا أن الاحتجاز المستمر للصحافيين يشكل نموذجاً لاستهتار حكومة عبد الفتاح السيسي بقوانين البلد، إذ تعمد السلطات المصرية بصفة مستمرة إلى الالتفاف على القوانين التي تحدد مدة الحبس الاحتياطي بسنتين، وذلك من خلال توجيه اتهامات إضافية لتمديد تلك الفترة. وفي حالات أخرى، تفرض السلطات شروطاً على الإفراج عن الأشخاص الذين يكملون مدة محكوميتهم. 

  
وهناك ما يقرب من 70 صحافياً وإعلامياً في السجون، بحسب حصر "المرصد العربي لحرية الإعلام" (منظمة مجتمع مدني مصرية)، يقضي بعضهم أحكاماً بالحبس تصل إلى المؤبد، بينما يقضي أغلبهم في حبس احتياطي على ذمة اتهامات، ولم يُحالوا على المحاكم، وقد قضى أغلب هؤلاء الفترات القصوى للحبس الاحتياطي التي ينص عليها القانون (سنتين) ولم يُخلَ سبيلهم، بل أُعيد حبسهم باتهامات جديدة، ليصبح الحبس الاحتياطي الذي هو مجرد إجراء احترازي، عقوبة سالبة للحرية طويلة المدى دون حكم قضائي.

المساهمون