شارلي داميليو... رقص على هامش حرب "تيك توك"

شارلي داميليو... رقص على هامش حرب "تيك توك"

02 أكتوبر 2020
تخاطب داميليو فئة عمرية واسعة من دون أن تثير حفيظتها (Getty)
+ الخط -

واجه تطبيق "تيك توك" الصيني العديد من الانتقادات التي انتهت بوصفه مدمّراً للأسرة وأسلوباً للتجسس. ولا يقتصر الأمر على مصر والمخاوف على "الحياء العام"، بل إن الرئيس الأميركي نفسه، دونالد ترامب، وقّع أمراً تنفيذياً ببيع التطبيق إلى مالك أميركيّ، وكأنه يمكن لتطبيق ما أن يهدد السيادة الأميركيّة.

ضمن هذه الحرب على تطبيق لنشر المحتوى، يتكرر اسم شارلي داميليو؛ مراهقة تبث فيديوهات لها وهي ترقص في غرفة نومها، وتمتلك أكثر من ستة مليارات إعجاب و82 مليون متابع.

لكن، لماذا؟ تطرح داميليو السؤال ذاته في حسابها، ويمكن فهم ذلك بسبب خوارزمية عمل "تيك توك" التي لا تعتمد على الأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء كوسائل التواصل الاجتماعي التقليديّة، فالتطبيق يعتمد على الاكتشاف، وصفحة For you في التطبيق يتم تقديم محتواها واختياره من قبل خوارزميّة "تيك توك" نفسها، وكأننا أمام قائمة بالنماذج الأكثر رواجاً تلك التي يفرضها التطبيق علينا من دون أن يكون لنا خيار في ذلك، وكلما شاهدنا أكثر، كلما تعلّمت الخوارزميّة أكثر.

شهرة داميليو، التي انضمت إلى تيك توك عام 2019 تعود إلى كونها من أولى اللواتي نشرن فيديوهات لهن وهن يرقصن. حينها، كان الاستهلاك أكثر من إنشاء المحتوى على "تيك توك"، وأولى من أعاد نشر Renegade dance، ما أكسبها شهرة عالميّة، لكن ما يثير الاهتمام هو الجديّة التي تتعامل بها مع أدائها أمام الكاميرا، ونقصد هنا مهارة الرقص ذاتها التي تبدو احترافية وصادقة.

@charlidamelio

dc @uniwolf70

♬ come to the back slowmo - slow audios✨🤩

تشير المقالات والتصريحات المختلفة للقائمين على التطبيق، إلى أنها تمثل وجهاً جديداً لـ"تيك توك" الذي يحاول مواجهة الحملة ضده، كونها تخاطب فئة عمرية واسعة من دون أن تثير حفيظتها. هي تمثل احتمالات الشهرة الآمنة على وسائل التواصل الاجتماعي، تلك التي لا يُنتهك فيها الشخص للأقصى، وفي الوقت ذاته لا يمارس حماقات وابتذالاً قد يهدد حياته.

يمكن القول إن الشهرة على تطبيق تيك توك تختلف عن باقي منصات التواصل، فـ"تيك توك" يروج للعادي واليومي، التميز الذي يقوم به من يشبهوننا، بعكس محبي التحديات الخطيرة، أو المؤثرين من أًصحاب الرأي، الذين يركزون على أن العادي يمكن أن يكون خارقاً، وعلى الكل المشاركة فيه.

الآراء المتوازنة حول "تيك توك" ترى فيه كسراً لاحتكار المشاهير لسلطة الشهرة، تلك التي تبدأ من شاشتي السينما والتلفزيون، وتنتهي بوسائل التواصل الاجتماعي، وما يتيحه تيك توك هو العكس، المشاهير يمكن أن يكونوا عبارة عن أي أحد قادر على تقديم محتوى يتلقاه الناس وينال إعجابهم.

يحاول الفاعلون على "تيك توك" تقديم صورة جديدة عن مهاراتهم وأنفسهم، صحيح ما زال الأمر لا ينظر إليه بجدّية، لكن الكثيرين والكثيرات، كحالة شارلي، يحاولون تحقيق أنفسهم عبر هذه المنصة، ومخاطبة أكبر عدد ممكن من الناس. لكن المشكلة تكمن في الأحكام الأخلاقية والسياسية القاسية التي تطلق عليهم، خصوصاً أننا أمام مراهقين نقرأ أنهم بدأوا حياتهم المهنية في أعمار مبكرة، ما يثير ذعر البعض وتخوفهم. لكن هناك نوعا من المقاومة في هذا الاستعراض، ووقوفا بوجه تدفق الصور والفيديوهات عبر إنتاج ما هو مختلف عنها، ولا يتبع لسياسات التسويق.

لا نحاول أن ننفي خطورة وسائل التواصل الاجتماعي والقلق المتزايد من التأثير الذي تمتلكه، لكن أيضاً لا يمكن نفيها كليّا ونفي من فيها بوصفهم مراهقين وغير جديين ولا يدركون معنى "السوق" أو مجرد مستهلكين ساذجين، فداميليو مثلاً تجهز لإطلاق كتاب بعنوان "شارلي في الجوهر: الدليل الأفضل كي تبقي الأمور واقعيّة".

وأطلقت سلسلة مستحضرات تجميل، كما أنها تجهز للقاءات وما يشبه الحفلات لترقص فيها، ما يعني أننا أمام شكل جديد من "العمل"، الذي لا بد من أخذه بعين الاعتبار بسبب أثره الشديد الذي يتجاوز أثر وسائل الإعلام التقليديّة التي يختفي فيها الجمهور ولا نرى ردود فعله.

المساهمون