سوقا إسطنبول المسقوفان... تحفتان معماريتان لا تتكرران

سوقا إسطنبول المسقوفان... تحفتان معماريتان لا تتكرران

06 اغسطس 2022
البازار الكبير المسقوف في إسطنبول (Getty)
+ الخط -

لن تعرف إسطنبول ولن يستطيع تجارها ومستثمروها أن يسرقوا الضوء من أكبر سوقين بنيا منذ القرن السادس عشر، هما البازار الكبير المسقوف في منطقة السلطان أحمد، والبازار الجديد أو السوق المصري في منطقة أمينينو.

ويقول الدليل السياحي التركي، سرداد دونميز، لـ "العربي الجديد"، إنّ المدينة تمتد عبر 5461 كيلومتراً مربعاً، ومهما شهدت من أسواق ومراكز تجارية يبقى للسوقين مكان ومكانة لا يدانيهما فيهما أي سوق. ويضيف دونميز لـ"العربي الجديد" أنه قلما "بل من النادر" أن يغيب أي برنامج سياحي خارجي عن زيارة السوقين، كما لا يغيب الجامع الأزرق وآيا صوفيا وقصر طوب كابي، وإن يبقى زوار السوق المصري من سياح هواة التاريخ والباحثين عن هدايا "توابل وتذكارات خاصة"، أمّا زوار السوق المسقوف، فهم من هواة شراء التحف والألبسة والذهب، إذْ "يباع ذهب بالأطنان سنوياً في السوق المسقوف".

ومن خصوصيات السوق المصري، بحسب الدليل السياحي التركي، أنه يقع في منطقة تعجّ بالآثار، قرب الجامع الجديد يني جامع، وهو محاذٍ لساحل أمينينو وقريب من آثار منطقة السلطان أحمد. كما تكثر الأسواق التجارية المتخصصة خلف السوق المصري، وتزدحم المطاعم والمقاهي على جسر غلطة التي تكمل مشهد جذب السياح. ولكن تبقى الأسعار الرخيصة ورائحة التوابل والقهوة التركية من أهمّ سمات السوق المصري الخاصة.

الأسعار الرخيصة ورائحة التوابل والقهوة التركية من أهمّ سمات السوق المصري (Getty)

وتشير الوثائق التركية إلى أن السوق المصري بُني خلال حكم السلطان مراد الثالث عام 1597، لغرض تمويل عملية بناء الجامع الجديد الواقع مقابل السوق، وأكملت السلطانة خديجة تورهان، والدة السلطان محمد السادس، البناء الذي افتُتح رسمياً عام 1667. وسمي السوق بـ"البازار الجديد" قبل أن يطلق عليه "السوق المصري"، على اعتبار أن القهوة والتوابل كانت تستورد من جنوب آسيا إلى مصر، قبل وصولها إلى إسطنبول عبر البحر المتوسط، ليحتفظ السوق بخصوصية تجارة التوابل، لنحو قرنين، قبل أن تتوزع الأسواق والمراكز التجارية في إسطنبول.

ولا يستوي الحديث عن أسواق إسطنبول القديمة والمسقوفة، من دون التطرق لأكبر الأسواق: السوق المسقوف أو البازار الكبير الذي وصفه الشّاعر الحائز على جائزة نوبل، جوزيف برودسكي بـ"قلب ودماغ وروح إسطنبول" ضمن كتابه "رحلة إلى إسطنبول"، أو ما قاله دان براون في رواية "الجحيم" التي خصص مائة صفحة منها لمعالم إسطنبول والبازار الكبير. كما تُجمع الآراء على أنه المكان السياحي الأكثر زيارة في تركيا، والبعض يقول إنه من أكثر المعالم زيارةفي بالعالم، إذ يدخله سنوياً نحو 100 مليون إنسان.

يدخله سنوياً نحو مائة مليون شخص (تيسون بول/Getty)

ويمتاز "غراند بازار" الذي أمر محمد الفاتح ببنائه عام 1461 بوجود أحد عشر باباً رئيساً تؤدي إليه. لكن فترة البناء التي استمرت أربع سنوات لم تنه السوق الذي تعرض لحرائق وتوسعات، كان آخرها أيام السلطان سليمان القانوني في القرن السادس عشر، قبل أن يتأثر بزلزال عام 1894 ويعاد ترميمه.

ويقول المختص في القطاع السياحي، فيهري إيت، لـ"العربي الجديد"، إن السوق المصري، على كبره وأهميته "لكنه لا يقارن بالبازار الكبير". لأن الأخير، بقي لعقود من أهم الموارد المالية للدولة العثمانية، وممول آيا صوفيا ومكان البورصة والتجارة والصناعة في الإمبراطورية. ويروي إيت لـ"العربي الجديد"، كيف تعرّض السوق لحرائق عدة خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، قبل أن ينال الزلزال الكبير، عام 1894 من معظمه وحريق 1954 من محاله، لتستغرق أعمال الترميم والإغلاق نحو خمس سنوات، ليعود السوق، ليكون من أهم المراكز التجارية حول العالم.

والبازار الكبير، بحسب السياح وما أرّخه زوار إسطنبول، من أهم المعالم السياحية والأكثر زيارة، إذْ إنَّ مساحته المترامية على نحو 40 ألف متر مربع، والمغطاة بأقواس وسقوف تتخللها تحف ونقوش ملونة، وتُعتبر من حالات الهندسة الفريدة في أكبر سوق مغطى ربما حول العالم. ولأن البازار الكبير محطة شبه إلزامية وأكيدة لجميع سياح إسطنبول ولأكثرهم إنفاقاً، يتسابق الجميع لوضع موطئ قدم في السوق، ربما كان آخر الساعين الشيف نصرت، ليدخل بمطعمه إلى جانب سلسلة مطاعم تختصر أشهر 10 علامات في تركيا.

المساهمون