سوريون ينعون مكتبة "نوبل" في دمشق

سوريون ينعون مكتبة "نوبل" في دمشق

22 سبتمبر 2021
حزن السوريون على المكتبة وكأنهم يفقدون عزيزاً عليهم (فيسبوك)
+ الخط -

لم يعلن المثقفون السوريون حزنهم، بهذا الشكل على الأقل، خلال إغلاق أهم 11 مكتبة في دمشق خلال الحرب، كما حصل مع إعلان الأخوين، جميل وإدمون نزر، عن إغلاق مكتبة "نوبل" وسط العاصمة السورية دمشق. فقد أثار الخبر الحزن لدى جمهور الثقافة السورية، ودبج النعايا وكأنه فقد عزيزاً سيكسوه اليتم الثقافي من بعده.

وكتب رئيس تحرير أكثر من مطبوعة سورية، الصحافي نصر الشمالي: "عالم جيلنا يمضي ويتلاشى .. والظلام يشتد!". مضيفاً بلغة حزينة على صفحته على "فيسبوك"، أن أصحاب مكتبة "نوبل" قرروا إغلاقها والهجرة إلى كندا.

ليكتب الإعلامي صبري عيسى نعياً مطولاً بعنوان "أنا ومكتبة نوبل"، راجعاً بالزمن إلى سبعينيات القرن المنصرم، وقت افتتحت المكتبة وبنائه صداقة مع صاحبيها الحاليين اللذين أسسا، عبر الإصدار وإحضار آخر العناوين، لمحطة تواصل لمثقفي سورية وعدد من المؤلفين الذين يثقون بقدرة المكتبة على تسويق كتبهم.

ورأى عيسى خلال منشور على "فيسبوك" أن مكتبة "نوبل" شكلت حضوراً متميزاً على مدى أكثر من نصف قرن في ذاكرة مثقفي سورية والقراء، الذين تحولوا مع الزمن إلى أصدقاء حقيقيين للأخوين نزر.

 

واستذكر الصحافي السوري عيسى كيف استسلمت مكتبات دمشق وأغلقت بعد إعلانها الراية البيضاء، بزمن التكنولوجيا وتراجُع القراءة الورقية ومن ثم الحرب. وبقيت "نوبل" صامدة، قائلاً: "تنفرد (مكتبة نوبل) الواقعة وسط السوق التجاري بدمشق ومقابل (فندق الشام) والشوارع المحيطة بمبنى البرلمان بحضور متميز في ذاكرة مثقفي العاصمة وكتابها على مدى أكثر من أربعين عاماً".

وأضاف: "المكتبة لا تزال صامدة تواجه أعاصير التغيير التي شملت الوسط التجاري، ولم ترفع راية الاستسلام، في الوقت الذي أُغلقت فيه كل المكتبات في المنطقة، وآخرها (دار اليقظة العربية) التي كانت من أهم دور النشر في المنطقة العربية، وقبلها بسنوات رفعت (مكتبة ميسلون) راية الهزيمة أمام غزو العولمة، وثقافة الاستهلاك الجديدة".

وكتب المؤرخ الدمشقي، سامي مروان مبيّض: "مكتبة نوبل السورية...وداعاً"، بعد إعلان الأخوين نزر إغلاق المكتبة "إلى الأبد"، شارحاً أن "نوبل" كانت منذ سبعينيات القرن الماضي، معلماً ثقافياً في دمشق. ولها فضل على ملايين الناس الذين اقتنوا منها كتباً زادت من جمالية بيوتهم ومن معرفتهم ومعرفة أولادهم من بعدهم. "كان قرار الإغلاق قراراً مؤلماً بالنسبة لهم وللكثيرين من رواد مكتبتهم، ولكنه كان متوقعاً".

وحول لوم بعض المثقفين لأصحاب مكتبة "نوبل" الانسحاب، يشير المؤرخ المبيض على صفحته: "لا تلوموا أصحاب المكتبة أبداً، فمن لم يُجرب الكيّ لا يعرف مواجعه، ويا له من كيّ تعرض له جميع أصحاب المكتبات في السنوات القليلة الماضية". مضيفاً أن الناس اليوم تفضل القراءة السريعة على هاتفها الذكي، ولم تعد تهتم بقراءة الكتب، ناهيك بسعر الكتب (وخصيصاً تلك الصادرة في لبنان ومصر) وتكلفة إنارة وتشغيل وتدفئة المكتبات. "وكم من مرة رأيت فيها (زبائن) يفاوضون أصحاب المكتبة على سعر الكتب، وكأنها جرزة نعنع أو كيلو خيار. وكم من مرة سمعتهم يقولون: "هذا الكتاب ممنوع...وهذا الكتاب نفد...وهذا الكتاب لم نطلبه لأنه غالي الثمن".

المساهمون