تونس بين الأخبار الزائفة والأخطاء الصحافية

تونس بين الأخبار الزائفة والأخطاء الصحافية

26 يوليو 2021
يحاول الصحافيون التونسيون محاربة الأخبار الكاذبة عبر مبادرات (Getty)
+ الخط -

يصطدم التونسيون بمعضلة الأخبار الكاذبة والشائعات وانتشارها، مع وصولها إلى مؤسسات إعلاميّة. تطاول تلك الأخبار مسؤولين ومواطنين، وتخلق جدلاً كبيراً وتساؤلات حول المهنية والدقة في زمن المنافسة على السرعة في نقل الخبر، فيما يحاول الصحافيون التونسيون التصدي لوباء الأخبار الكاذبة الذي يجتاح العالم، إذ أعلنت نقابتهم إطلاق المنصة الإلكترونية "تونس تتحرّى" باللغتين العربية والفرنسية، أوائل يونيو/حزيران الماضي.

إذ تغزو الأخبار الزائفة أو المضللة الساحة الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي في تونس رغم حرص عديد الهيئات والجمعيات التونسية على تأسيس منصات لتكذيب الأخبار الزائفة ومنها المنصة التي أطلقتها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والمنصة التي أطلقتها جمعية "أنا يقظ". ومنصة "تونس تتحرى" تدقق في الأخبار والصور والفيديوهات والتصريحات، وكل ما هو أخطاء صحافية. وتحاول المنصة تمكين الصحافي من التحري بالاعتماد على مناهج ووسائل علمية دقيقة للتثبت من الصور وغيرها من التقنيات الصحافية، بالإضافة إلى الاستناد إلى الطرق التقليدية عبر الاتصال المباشر بالمصادر والنظر في مدى تقاطعها أو تطابقها للوصول إلى الحقيقة وإبلاغها إلى المتلقي. كما تعتزم الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) بالتعاون مع الإذاعة التونسية والتلفزة التونسية إطلاق منصة للتثبت من الأخبار الزائفة، وهي مبادرات تؤكد انتشار هذه الظاهرة المقلقة والتي كان لها تأثير كبير على صورة الإعلام والإعلاميين التونسيين، خاصة أن بعضهم يسقط ضحية هذه الأخبار وينشرها مما يتسبب في فقدان مصداقيته أما الرأي العام المحلي.

فقد خلّف الخبر الذي أعلنته إذاعة "موزاييك أف أم" الخاصة، يوم الجمعة الماضي، ومفاده وفاة رئيس الحكومة التونسية الأسبق الحبيب الصيد، الكثير من ردود الأفعال المتسائلة حول مهنية الإعلام التونسي. سبب التساؤلات هذه يعود إلى أنّ الإذاعة، وهي واحدة من الإذاعات الأكثر استماعاً في تونس، أذاعت خبراً زائفاً يتمثل في إعلانها عن وفاة رئيس الحكومة الأسبق، وهو ما تمّ تكذيبه منه شخصياً ومن عائلته، مؤكدين أن الرجل في صحة جيدة ولم يتعرض إلى وعكة صحية، ما دفع الإذاعة إلى الاعتذار من مستمعيها ومن رئيس الحكومة الأسبق عن هذا الخطأ المهني. ولم تكن الإذاعة وحدها، فقد سقطت في نفس الخطأ بنشر الخبر الإذاعة الوطنية وهي إذاعة رسمية وأقدم إذاعة في تونس يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1938، واعتذرت هي الأخرى عن الخطأ الذي وقعت فيه.

الأخبار الزائفة لم تقف عند هذا الحد، فقد تداولت العديد من الصفحات والمواقع خبراً عن تدهور الحالة الصحية لرئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي بعد إصابته بفيروس كوفيد-19، وهو ما اضطر مساعد رئيس البرلمان، ماهر مذيوب، يوم الجمعة أيضاً، إلى نشر صورٍ له وهو يطالع إحدى الصحف التونسية ويبدو في صحة جيدة.

وعن هذه الظاهرة كان لـ"العربي الجديد" اتصال مع أستاذ الإعلام في الجامعة التونسية، الدكتور الصادق الحمامي، والذي رأى أن "ما حصل عند إعلان خبر وفاة رئيس الحكومة التونسية الأسبق الحبيب الصيد ليس خبرًا زائفاً، بل هو خطأ صحافي". وأضاف "يجب أن نميّز بين ثلاثة أشياء وهي الأخبار الزائفة وهي أخبار صُممت بغاية التضليل، والشائعات وهي معلومات مجهولة المصدر تتعلق بأشخاص وأحداث وليست بالضرورة للتضليل، والأخطاء الصحافية وهي أخطاء يمكن أن تكون عن قصد أو من دون قصد". الدكتور الحمامي يرى أن "في تونس هناك عدة أسباب لانتشار هذه الظواهر من بينها أن الصحافيين والمؤسسات الإعلامية تتعامل مع الأخبار بمنطق السوق فتتحول الأخبار إلى بضاعة ذات طابع تنافسي من خلال ما يعرف بالأخبار العاجلة والحصرية، وهناك أيضاً ضعف في آليات التدقيق في الأخبار في غرف الأخبار مما يتسبب في الكثير من الأخطاء التي يعود بعضها إلى الثقة المفرطة في المصادر. وبالتالي للخروج من هذه الوضعية على الصحافيين أن يتسلحوا بالمهنية والمصداقية وآليات التثبت من الأخبار قبل نشرها لأنهم أصحاب مسؤولية مجتمعية كبيرة".

المساهمون