التلفزيون التونسي... عودة إلى مربع موالاة السلطة

التلفزيون التونسي... عودة إلى مربع موالاة السلطة

17 مارس 2022
موظفون في التلفزيون يرفضون فرض قرارات للرئيس على مؤسستهم (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

مثل غيره من وسائل الإعلام التونسية، تحرّر التلفزيون التونسي الرسمي بعد نجاح الثورة التونسية سنة 2011 من التبعية إلى النظام القائم وتخلص من لعب دور الناطق الرسمي باسمه ليصبح إعلامًا يعبّر عن كل التونسيين. لكنه شهد، بعد قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد الاستثنائية يوم 25 تموز/ يوليو 2021 واستئثاره بكل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، دخولاً إلى بيت الطاعة والموالاة للرئيس التونسي وقراراته من جديد. أثار ذلك حالة من القلق لدى المتابعين للشأن الإعلامي، معتبرين ما حصل انتكاسة كبرى فى مسار تحرر الإعلام التونسي وخاصة الرسمي منه من الخضوع إلى السلطة القائمة وتنفيذ أجنداتها وتغييب كل المعارضين لها.

هذا الواقع الجديد انتقدته أميرة محمد، نائبة نقيب الصحافيين التونسيين، التي اعتبرت أن التلفزيون يعيش حالة من التدجين والموالاة العمياء لقرارات الرئيس التونسي واستبعادًا لكل معارضيه من الحضور في البرامج السياسية على قلتها، والتي باتت تركز على ما يريده الرئيس التونسي لا على ما تقتضيه شروط المهنية والحياد والاستقلالية باعتبار التلفزيون يمول من أموال دافعي الضرائب ويمثل كل التونسيين. وحمّلت المسؤولية عما يحصل في التلفزيون إلى المكلفة بتسييره عواطف الدالي، التي تمّ تعيينها فى إدارة التلفزيون ثلاثة أيام بعد إعلان الرئيس التونسي عن قراراته الاستثنائية.

وهو رأي شاركها فيه عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين المكلف بالنظام الداخلي وجيه الوافي، الذي رأى أن البرمجة الشتوية في التلفزيون التونسي غيبت البرامج السياسية والحوارية واكتفت ببرنامج واحد يتمّ تخصيصه لاستضافة مساندي الرئيس التونسي وتغييب كل المعارضين له، ما يحوّل هذا التلفزيون إلى معبّر عن وجهة نظر السلطة القائمة دون اهتمام بآراء المعارضين للنظام القائم، وأضاف أن هذا الأمر يحصل لأول مرة منذ الثورة التونسية حيث كان التلفزيون فضاء لمشاركة كل الأطياف السياسية من الماسكين بالسلطة والمعارضين لهم. الوافي أكد أن السردية التي تقدمها المسؤولة عن التلفزيون التونسي والمتمثلة في أن الوضع في تونس دقيق لا يتطلب تجاذباً بين الأطراف السياسية هو تبرير واه ولا قيمة له، أريد من خلاله تبرير ما يحصل من انتكاسة في التلفزيون وتراجع عن المكاسب التي حققها في مجال حرية الرأي والتعبير منذ الثورة التونسية.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

التلفزيون التونسي الرسمي لا يخفي انحيازه لخطوات الرئيس التونسي، ومنها تخصيص برنامج للتعريف بالاستشارة الوطنية الإلكترونية التي أعلن عنها الرئيس التونسي وأرادها حجة لتثبيت قراراته. لكن البعض يرى أن هذا البرنامج الذي أريد منه تحفيز التونسيين على المشاركة في الاستشارة فشل في تحقيق أهدافه، وهو ما يعكسه عدد المشاركين في هذه الاستشارة والذي لا يتجاوز 265 ألف مشارك، وهو رقم ضعيف جدًا لا يمثل إلا 2.2 من مجموع التونسيين، وهو ما اعتبر فشلاً ذريعاً للتلفزيون التونسي في إقناع التونسيين بجدوى المشاركة في هذه الاستشارة.

من ناحية أخرى، ورغم الاصطفاف السياسي وراء قرارات الرئيس التونسي، يعيش التلفزيون، وفقاً لبعض العاملين فيه، حالة من الاضطراب والفوضى التسييرية تُرجمت أخطاء في البث، كخطأ أن يرفع الأذان ساعة قبل موعده. كما عجز التلفزيون عن بث مقابلات الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم التونسية، وهي سابقة لم يعرفها التلفزيون من قبل، الذي كان لعقود الناقل الرسمي والوحيد لمباريات هذه الرابطة، لكن الصعوبات المالية، وفقاً لمصادر رسمية داخل التلفزيون، جعلته عاجزًا عن الإيفاء بالتزاماته المالية لنقل مباريات الدوري التونسي.

ما يعيشه التلفزيون التونسي يراه الكثيرون صورة مصغرة لما تعيشه عديد المؤسسات التونسية التي باتت تعاني من ضغوطات سياسية كبرى كانت متحررة منها قبل 25 تموز/ يوليو 2021، حيث أصبحت مؤسسات تعددية لا تخضع لنزوات ورغبات من يتولى السلطة مهما كان لونه السياسي. 

المساهمون