استغراب من مديح الرئيس التونسي للتلفزيون الرسمي

استغراب من مديح الرئيس التونسي للتلفزيون الرسمي

08 فبراير 2022
يطرح التلفزيون الرسمي وجهة نظر سعيد فقط (فرانس برس)
+ الخط -

كال الرئيس التونسي قيس سعيد، مساء أمس الاثنين، المديح للتلفزيون الرسمي التونسي واصفاً إياه بـ "التلفزيون الوطني" وشاكرا العاملين فيه، ما أثار الاستغراب لدى متابعي الشأن الإعلامي في تونس بسبب ما يعرفه التلفزيون الرسمي من مشاكل تسييرية أدت إلى تعطل الإنتاج فيه. وكان آخرها رفض الصحافيين، أمس الاثنين، تقديم نشرة أنباء الظهيرة، بسبب تعنت الإدارة ورفضها الاستجابة لمطالبهم.

كما سبق للنقابات داخل التلفزيون أن أضربت يوم 13 كانون الثاني /يناير 2022 وطالبت بتغيير المديرة العامة للتلفزيون الرسمي بسبب ما اعتبروه إخلالا على مستوى التسيير.

واعتبرت الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) فى بيان لها نشر يوم 14 كانون الأول /يناير 2022 أن غياب التنوع والتعددية في النشرات الإخبارية والبرامج السياسية في التلفزيون الرسمي من أسباب ضعفه، واتهمت الحكومات التونسية المتعاقبة بغياب رغبة حقيقية في إصلاح الإعلام السمعي البصري العمومي (الرسمي). ورفضت كل محاولة لوضع اليد على الإعلام مهما كان مصدرها. ودعت جميع الصحافيات والصحافيين إلى التمسك باستقلاليتهم وبقواعد المهنة وأخلاقياتها وعدم الخضوع لمحاولات التوظيف من أي طرف كان وعدم الوقوع في الرقابة الذاتية التي قد تعوقهم عن أداء رسالتهم وتحمل مسؤوليتهم المجتمعية.

كما رأى متابعون للمشهد السمعي البصري في تونس أن التلفزيون الرسمي التونسي انحاز بشكل كبير للقرارات الاستثنائية للرئيس التونسي قيس سعيد التي أعلنها يوم 25 يوليو /تموز 2021 والتي قرر فيها تجميد عمل البرلمان وإقالة حكومة هشام المشيشي والاستئثار بالسلطتين التشريعية والتنفيذية، وآخرها قراره حلّ المجلس الأعلى للقضاء، وهو ما يعني جمعه كل السلطات في البلاد. 

وبدا هذا الانحياز في البرنامج السياسي الوحيد الذي يقدمه التلفزيون التونسي وهو برنامج "الوطنية الآن" الذي يبث يومياً، ويتمّ فيه الاقتصار على دعوة ضيوف من سياسيين وفاعلين ثقافيين واقتصاديين من الموالين لقرارات الرئيس التونسي قيس سعيد. وهو ما أكده نقيب الصحافيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي في تصريح لـ"العربي الجديد"، إذ قال إنّ "التلفزيون التونسي يمنع مشاركة المعارضين السياسيين لقرارات الرئيس قيس سعيد في برامجه، وهو ضرب للتنوع والتعددية في المرفق العمومي (الرسمي) الذي عليه أن يشجع على ثقافة التنوع ولا يعتمد الصوت الواحد".

مديح الرئيس التونسي قيس سعيد مساء أمس أثناء لقائه رئيسة الحكومة نجلاء بودن للتلفزيون الرسمي التونسي رأى فيه الكثيرون، ومنهم الوزير السابق والمحلل السياسي في إذاعة "موزاييك أف أم" إياد الدهماني، ترجمة عملية للخط الذي اعتمده التلفزيون التونسي بانحيازه لخيارات الرئيس التونسي قيس سعيد. 

إعلام وحريات
التحديثات الحية

كما اعتبر آخرون أن ما صرح به الرئيس التونسي هو بمثابة رسالة دعم للمديرة العامة للتلفزيون التونسي عواطف الدالي الصغروني التي تطالب النقابات باستبدالها وتعيين مدير عام جديد، وفقاً لما ينص عليه المرسوم 115 المنظم للقطاع السمعي البصري في تونس، ويتمثل في أن تقوم الحكومة باقتراح أكثر من اسم لتولي مهمة إدارة التلفزيون وترسلها للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) التي تختار أحد الأسماء التي رشحتها وفقاً لبرنامج عمل يقدمه المترشح لمدة ثلاث سنوات يطرح فيها رؤيته لتسيير هذه المؤسسة.

والمديرة العامة الحالية لم يتم معها اعتماد هذا الخط القانوني، بل تمّ تعيينها بأمر رئاسي يوم 28 يوليو/تموز2021 أي بعد ثلاثة أيام من قرارات الرئيس التونسي، بشكل مؤقت، لكن لم يتمّ تعيين مدير عام إلى حدّ الآن، وهو ما دفع النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والنقابة العامة للإعلام (المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل) والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) إلى مطالبة الحكومة التونسية بالإسراع في تعيين مدير عام جديد للتلفزيون التونسي، الأمر الذي لم تستجب له الحكومة التونسية إلى حدّ الآن. ويبدو أنها لن تستجيب له بعد مديح الرئيس التونسي قيس سعيد للتلفزيون التونسي وتعبيره عن رضاه عما يقدمه على عكس بقية وسائل الإعلام التونسية الأخرى. 

المساهمون