الاحتلال يستخدم كل الوسائل لحجب الحقيقة

الاحتلال يستخدم كل الوسائل لحجب الحقيقة

18 فبراير 2024
ارتفع عدد الشهداء الصحافيين في غزة إلى 130 (مصطفى حسونة/ الأناضول)
+ الخط -

بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي استهداف الصحافيين في قطاع غزة بشكل شبه يومي، فإنه بالتوازي يضيّق الخناق تدريجياً على حرية التعبير داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد عبّرت لجنة حماية الصحافيين أول من أمس الجمعة، عن قلقها من توجّه الحكومة الإسرائيلية إلى تجريم نشر تفاصيل مسرَّبة من اجتماعات مجلس الوزراء، من دون موافقة الرقابة العسكرية. ورأت اللجنة أن ذلك التقييد "سيضر بشدة بحرية الصحافة".
وقالت اللجنة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني: "إننا نحثّ إسرائيل على التخلي عن هذه الخطة وضمان قدرة وسائل الإعلام على تقديم التقارير بحرية". بينما أشار منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اللجنة، شريف منصور إلى أنه "يجب على الحكومة الإسرائيلية ألّا تخفي معلومات عن سلوكها في الحرب... نحن بحاجة إلى حرية الصحافة في وقت الحرب وفي وقت السلم. إنه جدارنا الناري من أجل الديمقراطية وترياقنا ضد ضباب الحرب. يجب أن تنتهي الرقابة في كل من إسرائيل وغزة".

الاحتلال والرقابة والتهديد

وثقت لجنة حماية الصحافيين العديد من حالات الرقابة والتهديد والترهيب ضد الصحافيين منذ بداية حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة.
ويأتي توجه الاحتلال لتجريم نشر تسريبات حكومية، ليضاف إلى سجله الطويل في التضييق على العمل الصحافي، التضييق الذي يتخذ منحىً مأساوياً في التعامل مع الصحافيين الفلسطينيين. إذ أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، الجمعة، استشهاد 4 صحافيين فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي على أهداف متفرقة في قطاع غزة، ما رفع حصيلة الصحافيين الشهداء إلى 130 منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقال المكتب في بيان: "ارتفاع عدد الشهداء الصحافيين إلى 130 صحافياً وصحافيةً منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة بعد استشهاد 4 صحافيين في غارات إسرائيلية متفرقة على أنحاء القطاع". وأضاف أن "الزملاء الصحافيين الأربعة الذين ارتقوا هم: مدير إذاعة القرآن الكريم زيد أبو زايد، والصحافي في وكالة كنعان الإعلامية المحلية ياسر ممدوح، والصحافيان في وكالة الساحل للإعلام محمد رسلان شنيورة، ومحمود مشتهى".
كذلك لا يزال وضع المصوّر المتعاون مع قناة الجزيرة أحمد مطر دقيقاً، بعدما استهدفه الاحتلال مع زميله المراسل إسماعيل أبو عمر، ما أدلى إلى بتر ساقه اليمنى وإصابة ساقه اليسرى إصابة بالغة.
وحذرت وسائل إعلام فلسطينية ودولية مراراً من استهداف الجيش الإسرائيلي للطواقم الإعلامية، ودعت إلى توفير الحماية لهم، وسط تجاهل إسرائيلي لتلك الدعوات. كذلك رفضت حكومة الاحتلال إعطاء أي ضمانات للمؤسسات الإعلامية الدولية في ما يتعلق بسلامة موظفيها في غزة، ولا تسمح لوسائل الإعلام بدخول القطاع إلا في جولات عسكرية ينظمها جيش الاحتلال، شرط عرض المحتوى الإعلامي عليها قبل نشره، للحصول على الموافقة العسكرية. وفي يناير/ كانون الثاني، رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية التماساً تقدمت به رابطة الصحافة الأجنبية للسلطات العسكرية، للسماح للصحافيين الأجانب بالتغطية داخل غزة.

رقم قياسي

بحسب أرقام لجنة حماية الصحافيين، فإن أكثر من ثلاثة أرباع الصحافيين والعاملين الإعلاميين الذين قُتلوا في العالم في عام 2023 قُتلوا في العدوان على غزة. إذ أودى الاحتلال في حرب الإبادة "بأرواح عدد من الصحافيين خلال ثلاثة أشهر، يفوق ما بلغه في أي بلد واحد على امتداد عام كامل في العالم"، بحسب اللجنة.

وتطرّقت اللجنة إلى صعوبة التحقيق في عمليات قتل الصحافيين في غزة، والصحافيين الثلاثة الذين قتلتهم إسرائيل في جنوب لبنان، ليس فقط بسبب العدد المرتفع للوفيات خلال وقت قصير، بل أيضاً بسبب مقتل الأفراد الذين عادة ما يوفرون معلومات إضافية. فالعديد من أفراد أسر الصحافيين الشهداء قتلوا أيضاً معهم في غزة، كذلك قُتل زملاؤهم في الميدان، بينما تُنكر سلطات الاحتلال استهداف الصحافيين "ولا توفر سوى معلومات ضئيلة عندما تقرّ بحالات قتل في صفوف الإعلاميين. وقد تكون معلومات حاسمة عن حياة هؤلاء الصحافيين وعملهم قد فُقدت إلى الأبد".
من جهتها، قالت الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحافيين، جودي غينزبرغ: "يقدم لنا الصحافيون في غزة شهاداتهم من الخطوط الأمامية، وسيكون للخسائر الهائلة التي عانى منها هؤلاء في هذه الحرب تأثيرات طويلة الأجل في الصحافة، ليس في المناطق الفلسطينية وحسب، بل في المنطقة بأسرها وما يتجاوزها. إن مقتل كل صحافي هو بمثابة ضربة إضافية لفهمنا للعالم".

المساهمون