الإنترنت يدعم الاحتجاجات في كوبا

الإنترنت يدعم الاحتجاجات في كوبا

15 يوليو 2021
دعوات لمساندة كوبا خلال احتجاج في إسبانيا (Getty)
+ الخط -

في أقل من ثلاث سنوات، غيّرت خدمة الإنترنت عبر الأجهزة النقالة المعطى في كوبا، وكانت يوم الأحد الحليف الأكبر للتظاهرات غير المسبوقة ضد الحكومة.

حين بدأ سكان مدينة سان أنطونيو دي لوس بانيوس الصغيرة على بعد 30 كيلومترا من هافانا بالتظاهر، يوم الأحد، على وقع هتافات "فلتسقط الديكتاتورية"، نقلت هذه المشاهد بشكل مباشر على فيسبوك.

وقال الصحافي المستقل الكوبي وكاتب الافتتاحية في صحيفة "واشنطن بوست" أبراهام خيمينيس، لوكالة فرانس برس: "كل ما حصل في كوبا منذ بعض الوقت وما سيحصل مستقبلاً، لأنه بالطبع ستحصل أمور، كل ذلك مصدره الإنترنت". وروى الصحافي "فجأة بدأ الناس رؤية ذلك، وهذا ما دفعهم للخروج إلى الشوارع في المدن الأخرى". في غضون ساعات، تم إحصاء حوالى أربعين تظاهرة في مختلف أنحاء البلاد، كما بثت بشكل واسع على شبكات التواصل الاجتماعي.

قبل ثلاث سنوات، كان لا يمكن تصور هذه المشاهد، فخلال فترة طويلة كانت كوبا إحدى الدول الأقل تواصلاً في العالم عبر الشبكة، ولم تشغل الإنترنت النقال سوى في ديسمبر/كانون الأول 2018. حتى ذلك الحين، كانت أقلية من السكان لديها خدمة الإنترنت في المنزل. وكان بإمكان الآخرين الحصول على الخدمة في مقابل بدل مالي في مقاهي الإنترنت أو متنزهات. النجاح كان هائلاً: من أصل 11.2 مليون نسمة هم عدد سكان البلاد، بات 4.4 ملايين منهم يمكنهم ولوج الإنترنت في نهاية 2020 عبر هواتفهم.

بالنسبة للحكومة، كان تحسين الاتصال بالشبكة أولوية لتحديث البلاد والآن أصبح ممكناً تحويل المال عبر الهاتف النقال ودفع الفواتير أو التسوق عبر الإنترنت. لكنها فتحت الباب أمام احتمالات كثيرة.

ولفت خبير الاجتماع الأميركي ومؤلف كتاب "الثورة الرقمية في كوبا" تيد هنكن إلى أنها "نافذة على العالم الخارجي". وأضاف "حين سمحت الحكومة بشبكة الجيل الثالث، كان ذلك استجابة لطلب المواطن وبالطبع مصدراً أساسياً للدخل بسبب احتكار الشركة المشغلة الرسمية" اتيسا. وتابع "لكن هذا أتاح بالطبع سلسلة من الاحتجاجات والمطالب التي زادت جميعها زخماً" خلال الأشهر الماضية.

شكل نوفمبر/تشرين الثاني نقطة تحول، فعلى مدى عشرة أيام اعتصمت حركة سان إيسيدرو الاحتجاجية في منزل للمطالبة بالإفراج عن مغني راب وتصوير نفسها عبر فيسبوك واكتسبت جمهوراً دولياً.

بعد طردهم، تظاهر نحو 300 فنان في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني أمام وزارة الثقافة بدعوة من رسائل وصلت عبر شبكات التواصل الاجتماعي للمطالبة بحرية تعبير أكبر، لم يكن لها مثيل على الإطلاق في كوبا.

في إبريل/نيسان، انتشرت صورة أحد المعارضين وهو يلوح بقبضته مكبل اليدين أمام الحشد بعد محاولة اعتقاله، بسرعة فائقة على وسائل التواصل الاجتماعي.

تقارير دولية
التحديثات الحية

أخيراً، تكثف خلال الأسبوع الماضي التداول بوسم "اس او اس كوبا" (#SOSCUBA) على شبكات التواصل الاجتماعي لطلب مساعدة إنسانية للجزيرة التي تواجه أزمة مزدوجة، اقتصادية وصحية. بالنسبة للبعض، كان ذلك شرارة احتجاجات الأحد.

وكتب رافا على تويتر "كل شيء بدأ هنا، على شبكات التواصل الاجتماعي مع وسم بسيط #اس او اس كوبا". وأضاف "هل ما زلت تعتقد أن شبكات التواصل الاجتماعي غير مجدية؟ نحن جيل الهاتف النقال لكن مع الشجاعة التي يفتقر إليها آباؤنا وأجدادنا". وكتب على الشبكة نفسها سايلي دي اماريلو "لا تتوقفوا عن كتابة التغريدات، فليعلم العالم أن كوبا استيقظت وتطالب بالحرية".

في الأيام الماضية، نشرت عدة حسابات في الخارج على شبكات التواصل الاجتماعي صوراً لتظاهرات لا تتطابق مع كوبا على الإطلاق. من جانبها، هاجمت الحكومة مستخدمي الإنترنت الذين "يصفون على الشبكات وضعاً لا يتطابق مع الواقع"، متهمة الولايات المتحدة بإطلاق حملة "اس او اس كوبا". وقال وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيس "أطالب تويتر والحكومة الأميركية بأن يعترفوا أو ينفوا أن عملاء سياسيين يستخدمون بنشاط العلامات والمتصيدين (...) في هذه العملية ضد كوبا".

لكن اعتباراً من ظهر الأحد، كان من المتعذر الوصول إلى الإنترنت عبر الهاتف في الجزيرة، وكان لا يزال مقطوعاً مساء الاثنين. وقالت منظمة "أكسيس ناو" غير الحكومية إن "تعطيل الإنترنت يعني إسكات الأشخاص الذين يتظاهرون في كوبا".

وقالت مجموعة "نتبلوكس" إن السلطات الكوبية حجبت منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية في محاولة لوقف تدفق المعلومات في مواجهة المتظاهرين المناهضين للحكومة. وأظهرت بياناتها، منذ يوم الاثنين، وجود مشكلة في الوصول إلى واتساب وفيسبوك وإنستغرام وبعض خوادم تيليغرام. وقالت نتبلوكس في بيان، إنها "توصي الحكومات بالامتثال للمعايير الدولية وأطر حوكمة الإنترنت وضمان اتصال موثوق بالإنترنت بما في ذلك خلال الاضطرابات السياسية".

والأربعاء، أعيدت الشبكة للعمل في البلاد بعد ثلاثة أيام من الانقطاع، لكن استخدام "فيسبوك" و"تويتر" و"واتساب" على شبكات الإنترنت الخلوية بقي محجوباً.

(فرانس برس)

المساهمون