أي مصير لقناة "نسمة" بعد القبض على الشقيقين القروي؟

أي مصير لقناة "نسمة" بعد القبض على الشقيقين القروي؟

03 سبتمبر 2021
واجه نبيل القروي اتهامات بالفساد سابقا (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

خلّف إلقاء القبض على الشقيقين نبيل وغازي القروي، يوم 29 آب/أغسطس الماضي، في الجزائر، بعد اتهامهما باجتياز الحدود التونسية - الجزائرية خلسةً، الكثير من التساؤلات حول المآلات المنتظرة للشقيقين المتهمين بقضايا فساد مالي في البلدين، ومن المنتظر، وفقا لعديد المصادر المتطابقة، أن يتم تسليمهما للسلطات التونسية. الشقيقان نبيل وغازي يمتلكان عديد المؤسسات الاقتصادية في تونس، ومنها قناة "نسمة تي في"، وهو ما طرح تساؤلات حول مصير هذه القناة من الناحية القانونية ومن ناحية التصرف المالي. 

فمن الناحية القانونية، تعتبر "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري" (الهايكا) أن القناة تبث بشكل غير قانوني، وأنها لم تحصل على الإجازة القانونية التي تسمح لها بالبث، وتطالب بغلقها فورا، وهو ما لم تستجب له الحكومات المتعاقبة بسبب الثقل السياسي لنبيل القروي الذي كان في فترة الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي أحد أبرز المقربين إليه، وهو ما منحه حصانة ضد تنفيذ قرارات "الهايكا". 

وبعد وفاة الرئيس التونسي، أسس نبيل القروي حزب "قلب تونس"، وترشح للانتخابات الرئاسية في نهاية سنة 2019، ليفوز في الدور الأول ويهزم في الدور الثاني أمام الرئيس التونسي الحالي قيس سعيد. لكن حزب "قلب تونس" الذي أسسه القروي فاز بالمرتبة الثانية في الانتخابات البرلمانية، فيما فاز غازي القروي بمقعد في البرلمان، وهو ما جعلهما من الشخصيات الوازنة سياسياً في تونس، الأمر الذي لم يمكّن حكومة هشام المشيشي المُقالة من تنفيذ قرار "الهايكا"، رغم إلحاح أعضاء هذه الأخيرة ومطالبتها بتطبيق قرار غلق القناة حتى تسوية ملفها القانوني. وبعد القرارات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد، يوم 25 يوليو/تموز، بتجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة وجمعه بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والقبض على الأخوين القروي، بات مصير القناة مجهولاً، إذ سحب الغطاء السياسي الذي كانت تتمتع به.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

لكنّ متابعين يرون أنّ القناة تتمتع أيضاً بغطاء عالمي من خلال الشركاء المالكين لها. فغازي القروي يملك 33.99 في المائة من أسهم الشركة التي تدير القناة، في حين تعود ملكية بقية الأسهم إلى شركة "ميدياسات" المملوكة لرئيس الوزراء الإيطالي السابق سيليفيو برلسكوني بنسبة 32.2 في المائة، وللمنتج السينمائي العالمي التونسي الفرنسي طارق بن عمار بنسبة 33.7 في المائة. وبرلسكوني وبن عمار من الشخصيات الوازنة عالمياً، مما يجعل عملية إدارة ملف القناة الآن من المسائل الحساسة.

يُضاف إلى ذلك أن القناة تُشغّل عدداً هاماً من الصحافيين والتقنيين والعاملين والإداريين، وهو ما يجعل النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والنقابة العامة للإعلام (المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل) في حرج عند التعامل مع ملف القناة، لأنهما مطالبان بالدفاع عن العاملين فيها، وبالتالي العمل على عدم غلق القناة حتى لا يتم إحالة العاملين فيها إلى البطالة الاجبارية.

يُذكر أنّ الأخوين قروي نبيل وغازي انطلقت تجربتهما في مجال المال والأعمال في العاصمة البريطانية لندن بداية الألفية الثالثة، ثم عادا الى تونس فأسسا شركة مختصة في الإعلانات التجارية، هي شركة "قروي أند قروي" التي تمكّنت في فترة وجيزة من اكتساح سوق الإعلانات التجارية في تونس والجزائر؛ ليؤسسا بعد ذلك سنة 2007 قناة "نسمة تي في". ولأنه كان يصعب حينها منح التراخيص للقنوات التلفزيونية في تونس، فقد تمّ تأسيسها وفقاً للقانون الهولندي مع وجود استديوهات في تونس، فيما البث النهائي يتمّ من مدينة مرسيليا الفرنسية. وبعد مدة، نجح نبيل القروي في التقرب إلى الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي ليمنحه الترخيص القانوني للبث، وكانت قناة مختصة في بث الأعمال الدرامية والمنوعات ولا علاقة لها بالشأن السياسي في تونس.

وبعد نجاح الثورة التونسية سنة 2011 أصبحت للقناة برامج سياسية، وأصبحت الذراع الإعلامية للأخوين قروي، لكن بداية مشاكل القناة بدأت سنة 2019 عندما اتهمت منظمة "أنا يقظ" نبيل القروي بتبييض الأموال والتهرب الضريبي من خلال الشركة التي تدير القناة، وهو ما تسبب في سجنه، ليتم بعد ذلك الإفراج عنه من دون إسقاط الملاحقة بحقه في هذه القضية التي من المنتظر أن يعاد النظر فيها من جديد بعد ترحيل الأخوين قروي إلى تونس.

المساهمون