أوكرانيا تستهدف الصحف الصادرة بالروسية

أوكرانيا تستهدف الصحف الصادرة بالروسية

21 يناير 2022
اعتُبرت الخطوة تضييقاً على سكان أوكرانيا الناطقين بالروسية (بافلو غونتشار/Getty)
+ الخط -

بعد دخول "المادة 25" من "قانون ضمان العمل باللغة الأوكرانية كلغة الدولة" حيز التنفيذ، اعتباراً من 16 يناير/كانون الثاني الحالي، أصبحت وسائل الإعلام المطبوعة كافة ــ الأوكرانية والإقليمية ــ ملزمة بالصدور باللغة الأوكرانية، وسط استمرار تضييق الخناق على اللغة الروسية، في إطار سياسات كييف الرامية إلى التكامل مع الغرب.

ومع ذلك، استثنت "المادة 25" اللغتين الإنكليزية ولغة تتار القرم وغيرهما من لغات الشعوب الأصلية في أوكرانيا واللغات الرسمية في الاتحاد الأوروبي، والروسية ليست منها. ويمكن إصدار طبعات باللغة الروسية في حال يمكن للقراء الاشتراك في طبعة بلغة الدولة أيضاً، مما ينذر بتزايد الأعباء المالية على الصحف الناطقة بالروسية ويهدد وجودها من أساسه.

وعند دخول المادة حيز التنفيذ، أوضح المكتب الصحافي لـ"اللجنة الحكومية الأوكرانية للتلفزيون والإذاعة"، في بيان، أنه يجب إعداد طبعة باللغة الأوكرانية، وإرسال النسخ الإلزامية وفقاً للقانون، حتى إذا لم يتسن توزيع أي نسخة أخرى بالأوكرانية باستثناء النسخ الإلزامية. وينص القانون على إصدار جميع النسخ اللغوية لوسائل الإعلام المطبوعة تحت اسم واحد، وأن "تكون متناسبة بين بعضها من جهة المحتوى والحجم وطريقة الطباعة"، وأن تكون لأعدادها الأرقام نفسها، وأن تنشر في اليوم نفسه.

وسيسري مفعول المادة على وسائل الإعلام المحلية اعتباراً من 16 يوليو/تموز عام 2024، مما يتيح لبعض الصحف فرصة الالتفاف على القانون في المرحلة الحالية، عن طريق تعديل شكل تسجيلها. واعتباراً من 16 يوليو/تموز من العام الحالي، سيتمكن مفوض حماية لغة الدولة من مساءلة وسائل الإعلام المطبوعة، في حال مخالفة المتطلبات، وفرض غرامات مالية عليها.

وفي هذا الإطار، يرى رئيس الجالية الروسية في أوكرانيا، قسطنطين شوروف، أن هذا التطور يشكل خطوة جديدة لتضييق الخناق على سكان أوكرانيا الناطقين بالروسية، متوقعاً إغلاقاً للعديد من الصحف الروسية.

ويقول شوروف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "دخول المادة 25 حيز التنفيذ هو خطوة أخرى على طريق تقييد سكان أوكرانيا الناطقين باللغة الروسية. ومنذ مناقشته، كان واضحاً أن هذا القانون يخالف عدداً من مواد الدستور الأوكراني، ولكن المحكمة الدستورية أقرت بدستوريته العام الماضي. وهذا القرار المسيس يدخل في إطار استمرار محاولات بناء الأمة السياسية الأوكرانية". ويلفت إلى أن سكان أوكرانيا كلهم تقريباً يجيدون اللغة الأوكرانية، ولكنهم لا يستخدمونها. ويضيف "يتلخص وضع الأقليات الإثنية والقومية في أوكرانيا في أن جميع سكان أوكرانيا تقريبا يجيدون لغة الدولة، أي الأوكرانية، ولكنهم لا يستغنون طوعاً عن لغتهم الأم لصالحها. ويُلزم المتقدمون للمناصب في الجهات الحكومية باجتياز امتحان إضافي في اللغة الأوكرانية".

ويخلص شوروف إلى أن "المادة 25" لا تعني فقط انتهاكاً لحقوق المواطنين الأوكرانيين الناطقين بالروسية، وإنما أيضاً حظراً على الإصدارات باللغة الروسية وإغلاق العديد منها.

وكانت الـ"رادا العليا" (البرلمان الأوكراني) قد تبنت، في 25 إبريل/نيسان عام 2019، "قانون ضمان العمل باللغة الأوكرانية كلغة الدولة"، وهو يمنح اللغة الأوكرانية حقوقاً استثنائية مقارنة باللغات الأخرى، ويفرض آليات لمراقبة تطبيقه في العديد من مجالات الحياة، مع استثناء التواصل الشخصي من أحكامه. ومع ذلك، تأجل دخول بضع مواد من القانون حيز التنفيذ، إذ وجهت الحكومة بتنظيم دورات لغة الدولة للمواطنين.

وفي 16 يناير/كانون الثاني من العام الماضي، دخلت حيز التنفيذ "المادة 30" التي تلزم القطاع الخدمي باعتماد اللغة الأوكرانية، باستثناء الحالات التي يطلب فيها الزبون استخدام لغة أخرى، ويكون هذا الشرط "مقبولاً للجانبين". ومع ذلك، يمكن نسخ المعلومات المكتوبة والمعلقة في المنشآت بأي لغة أخرى. وستبدأ السلطات بتغريم مخالفي هذه المادة اعتباراً من 16 يوليو/تموز المقبل.

يذكر أن الإجراء الأخير يأتي في سياق من التوترات المتصاعدة بين روسيا وأوكرانيا، إذ تتّهم كييف وحلفاؤها الغربيون موسكو بحشد قوات عند حدودها بهدف اجتياح أراضيها. ويرى البعض أن الهجوم المعلوماتي الواسع النطاق الذي طاول بنى تحتية أساسية في أوكرانيا، هذا الأسبوع، بهدف زعزعة الاستقرار، هو مؤشّر ينذر بغزو عسكري وشيك. وفشلت محادثات عدة هذا الأسبوع بين روسيا والدول الغربية في تهدئة التوترات.

المساهمون