"تدخّل" تقليدي ومُتكرّر: لا ثرثرة بل سذاجة

"تدخّل" تقليدي ومُتكرّر: لا ثرثرة بل سذاجة

29 سبتمبر 2021
فْريدا بينتو: أداء عادي في فيلمٍ جديد (دون أرنولد/ وايرايماج)
+ الخط -

قصّة حبّ وزواج تمتدّ على 12 عاماً. منزل فخم، يُصمّمه هنري بارسونس (لوغان مارشال ـ غرين) في مكانٍ ناءٍ في بلدة "كوراليس"، بحثاً عن هدوءٍ يحتاج إليه رفقة زوجته ميرا (فْريدا بينتو)، بعد شفائها من سرطان الثدي: "بوسطن صاخبة جداً، وكنا نبحث عن العكس"، يقول هنري للمحقّق ستيفن مورس (روبرت جون بُرْك)، بعد أول اعتداء على منزل الزوجين، ذات ليلة، وسرقة هاتفين محمولين وجهاز "لابتوب".

الهدوء والسكينة والراحة والعزلة، حاجات بسيطة يريدها زوجان، يُصوّرهما "تدخّل" (2021) لآدم سالْكي (نتفليكس)، في ذروة سعادةٍ يُحسدان عليها. منذ عام، يعمل هنري على تشييد المنزل، الذي ينتقل إليه مع حبيبته وامرأته ميرا قبل شهرين من بدء الحكاية. شهران اثنان فقط يسبقان أول اعتداء ذات ليلة، يمضي الحبيبان بعضاً منها في مطعمٍ، في أمسية لطيفة. شهران اثنان فقط يمنحان للثنائي بعض ما يريدانه من انتقالهما إلى تلك البلدة النائية.

لكنّ الاعتداء غير مهتمّ بالسرقة. مع المرّة الثانية، يبدأ كشف المخبّأ، إذْ يقتحم ملثّمون المنزل نفسه، والزوجان نائمان. بعض عراكٍ، وإذْ بمسدسٍ يُخبّئه هنري في مكانٍ ما يُنهي الاقتحام بقتل 3 منهم، بينما يُصاب رابعهم إصابات خطرة، لكنّه "سيُتوفّى" (!) لاحقاً، بعد بداية تحسّن واضح. التحقيقات تقول إنّ كريستين كوب (مِغان إليزابيث كَلّي) مختفية منذ أشهرٍ، والمقتحمون عائلتها التي تبحث عنها من دون جدوى، والقتيل الأخير، ديلان كوب (مارك سِفرْتسن)، والدها.

بداية كشف المخبّأ تؤدّي إلى سلسلة أحداثٍ، تتوزّع على حياة الزوجين وعلاقتهما وماضيهما وأحوالهما، وأسرار كلّ واحد منهما تظهر فجأة فتُربك العلاقة قليلاً؛ وعلى بحثٍ عن سبب الاقتحام؛ وعلى المخبّأ نفسه، الذي ينكشف تدريجياً. المسدس المخبّأ في المنزل سرّ، تكتشفه ميرا فجأة أثناء الاقتحام. قلقها من إعادة تفشّي الورم السرطاني، وخضوعها لتحاليل جديدة تؤكّد أنّ الشفاء التام مستمرّ، سرّ يُدركه هنري صدفةً، قبل وقتٍ من ليلة الاقتحام، التي لن تكون عابرة، ففيها يتأسّس كلّ المتبقّي من فيلمٍ، تبدو فصوله ومتتالياته البصرية "مستوحاة" من أفلامٍ عدّة تنتمي إلى النوع نفسه: حياة زوجية رائعة، أسرار تنكشف صدفة، وكلّ واحد يمتلك ماضياً قاسياً أو بشعاً أو عنيفاً، واللحظة الراهنة تفضح الجميع.

 

سينما ودراما
التحديثات الحية

 

ميزة "تدخّل" (ترجمة حرفية للعنوان الإنكليزي Intrusion، الذي يعني أيضاً تطفّلاً) أنّ مدّته قصيرة (93 دقيقة). أي أنّ نصّه (كريستوفر سْبارلينغ) مكثّف، يسرد الحكاية من دون ثرثرة، ويمتلك مفردات فيلمٍ يجمع بين (بعض) الثريلر والتشويق والاضطرابات النفسية، من دون ادّعاء أو تصنّع.

هذا وحده غير كافٍ لإنجاز فيلم، لا جديد فيه. أداءٌ عادي، ومعالجة محترفة من دون إضافات مُثيرة للاهتمام. الجانب النفسي يظهر في فصلٍ أخير، يبدأ من سهرةٍ يُقيمها الثنائي احتفاءً بالمنزل الجديد. فميرا، المنتبهة إلى غموضٍ يحيط بمسائل مختلفة في مكتب هنري وخزائنه المغلقة، تزور منزل ديلان وتعثر على قُصاصة مغلّف عليها اسم زوجها وعنوانه. في الوقت نفسه، تعثر على آلة تصوير، تتمكّن لاحقاً من الاستماع المُسجَّل عليها: إنّه والد كريستين، الذي يُشكِّك بأنّ لهنري علاقة باختفاء ابنته.

في الفصل الأخير، ينكشف كلّ شيءٍ. مُشاهدو هذا النوع من الأفلام يُدركون، منذ منتصف سياق الأحداث أحياناً، ما سيحصل لاحقاً. الحاصل في "تدخّل" غير مختلفٍ كلّياً، فالجانب النفسيّ (الحجّة الدائمة لارتكاب أفعالٍ جُرمية بآخرين، تمتزج بهواجس أو ارتباكات أو اضطرابات نفسية) يقول إنّ لهنري خللاً يدفعه إلى الجلوس أمام ضحيته حاملاً مضرب بايسبول، مُكرّراً جملةً لن يتوضّح معناها ومغزاها والهدف منها: "انا أقرّر متّى"، وإنْ يُستشفّ منها رغبة في التسلّط على الضحية. وكما في أفلامٍ مُشابهة، على مُرتكب أفعال جُرمية أنْ يدفع ثمن ما تصنعه نفسيّته المضطربة، فإذا بميرا تغلبه، بعد قوله لها إنّه الوحيد المهتمّ فيها، متسائلاً، قبيل لفظ أنفاسه الأخيرة: "من سيعتني بك؟"، فتُجيبه: "أنا".

نهاية تقليدية غير خاليةٍ من سذاجة قولٍ وتعبير، يتكرّران غالباً، بسذاجتهما، في أفلامٍ مُشابهة.

المساهمون