"إيكوالايزر 2": عدالة العنف

"إيكوالايزر 2": عدالة العنف

17 يناير 2019
مشاهد الفيلم لم تخرج من إشكالية المركزية الغربية (Imdb)
+ الخط -
أنجز الأميركي أنطوان فوكوا الجزء الثاني من "إيكوالايزر 2" The Equalizer، بعد أربعة أعوام على تحقيقه الجزء الأول منه. و"إيكوالايزر 2"، المرتكز على مفهوم ما للعدالة، انضمّ إلى لائحة الأفلام الأكثر إيرادات في الصالات الأميركية في أسبوعه الافتتاحي (بدءًا من 20 يوليو/ تموز 2018)، بتحقيقه 36 مليونًا و11 ألفًا و640 دولاراً أميركياً، بينما حقّق إيرادات دولية في 63 يومًا من العروض التجارية 102 مليون و84 ألفًا و362 دولار أميركي، مقابل 62 مليون دولار أميركي ميزانية إنتاجية. وهذا فضلاً عن مشاركة مهندسين ومتخصصي صوت ومونتاج ومؤثّرات بصرية وتصميم أزياء وغيرها من الاختصاصات التقنية والفنية.
يروي الفيلم حكاية روبرت ماكول (دنزل واشنطن)، ضابط المخابرات السابق، الذي يُظنّ أنه توفّي في حادث (وهمي)، لرفضة طريقة إدارة الأمور في مكتب المخابرات، التي تتعارض ومواقفه ومثاليته في الحياة. يتقاعد بسبب ذلك، ويُكرِّس حياته لخدمة الناس كسائق سيارة أجرة، وفي الوقت نفسه يعمل بشكل سرّي لتحقيق العدالة للبسطاء والمقهورين، مُعنّفًا الخارجين على القانون. تتشابك أحداث الفيلم في ما بينها، فـ"تتوفّى" صديقته سوزان، التي كانت تعمل معه في المكتب، والتي تقاسمه المبادئ نفسها بحرصها على العدالة والسلام في المجتمع.
بعد أيام، يكتشف ماكول أن "القاتل" مجموعة زملاء في العمل. في هذه اللحظة، يتغير المسار الحكائي للفيلم، وتنتقل معه الصورة من سرد بسيط، يطرح إشكالية الفيلم والتعريف بعوالمه وشخصياته، إلى سرد سريع، فيظهر أنه ليس فيلمًا دراميًا، كما يوحي في بدايته، مع لقطات لماكول وهو في شقته القائمة في مجمع سكني صغير، مُستحضرًا طيف زوجته الراحلة، وقصتي شاب يدرس الفنون التشكيلية، وعجوز يفقد لوحة ثمينة لشقيقته، فيحاول مرارًا إقناع القاضي بحقّه بها. المسألة أن الفيلم سينتقل إلى التشويق والإثارة، عبر أحداث بوليسية متناسقة فنيًا وجماليًا، أحداثها متشابكة، ومحورها مقتل سوزان.
تأتي قيمة الفيلم من أن أنطوان فوكوا يعيد طرح سؤال العدالة مجدّدًا، لكن من وجهة نظر فنية وبلغة سينمائية جديدة أعنف، وأكثر التحامًا بمشاكل المجتمع الأميركي. فالصورة السينمائية تتميّز بعنفها وقوّتها على مخيلة المُشاهد ووجدانه، لأنها تبني عوالمها المتخيلة من واقع بائس يتخبط فيه هذا المجتمع.
أثناء السياق الحكائي، تسقط مفاهيم كثيرة، كالدولة والمجتمع والقانون، ويصبح العنف وسيلة وحيدة لضمان حياة الإنسان ولاسترجاع العدالة في مجتمع تكثر الكراهية فيه، كما استغلال حقوق البسطاء في العيش والحلم. مع ذلك، لم يستطع أنطوان فوكوا الخروج من الطرح السينمائي الأميركي، المنطلق من مسألة مفادها أن العنف هو "الوسيلة الوحيدة لتحقيق العدالة"، رغم أن ماكول يتيح للمجرم دائمًا إمكانية تصحيح الخطأ، قبل الشروع في ممارسة العنف "الشرعي". كما أن بعض مشاهد "المُعادل 2" لم تخرج من إشكالية المركزية الغربية في قيادة العالم، كما هو شأن غالبية أفلام الـ"أكشن" (رامبو، باتمان، سبايدرمان وغيرهم) ذات البعد السياسي المضمر، التي تحرص دائمًا على تقديم أميركا بصورة "البطل الخارق" الأقوى، الذي يُنقذ العالم من مشاكله وبؤسه.
هذا فضلاً عن عدم خروج أنطوان فوكوا من الأسلوب الهيتشكوكي، المتمثّل بعنصر التشويق، الذي يُميز أفلام هوليوود بتسلسل المَشاهد وتنوّعها، واختلاف درجات شدّتها.
كما أن فوكوا مدّد مفهوم الزمن في المَشَاهد الأولى، ثم اختصره في المَشاهد الأخيرة، وهذه سمات بارزة في الأسلوب السينمائي لهيتشكوك، تنبع من رغبة جامحة في إرباك المُشاهد إلى درجة تجعله غير متحكم في أفعاله ومشاعره أمام الشاشة، وذلك كي لا يضجر، لأن المُشاهد يجهل تمامًا حقيقة الأمكنة و"ميكانيزمات" الأحداث في الفيلم، بعكس المفاجأة التي يحدس فيها ما يجري.

دلالات

المساهمون