شابة سورية تنقل ثقافة المطبخ الشامي إلى ألمانيا

شابة سورية تنقل ثقافة المطبخ الشامي إلى ألمانيا

29 مايو 2017
أكّدت جزماتي أنها تسعى للحفاظ على التراث السوري (فيسبوك)
+ الخط -
"كلُّ شخصٍ يمكنه التميُّز بطريقته الخاصة، وكل سوري يمكن أن يحافظ على جزء من بلده وتراثه بأسلوبه"، وهذا ما تؤمن به اللاجئة السورية في ألمانيا، ملكة جزماتي. وتسعى جزماتي لتجسيد قناعتها تلك، من خلال استثمار تميُّزها في مجال الطهي، فقبل وصولها إلى ألمانيا قدمت جزماتي برنامجاً رمضانياً عن الطبخ على إحدى القنوات التلفزيونية. وأظهرت رغبتها في النجاح بسرعة في ألمانيا، إذ كانت أحد الوجوه المشاركة في حملة عن الاندماج والتحفيز على تعلم اللغة، وانتشرت صورها في الأماكن العامة بمدينة برلين. ووضعَت جزماتي كتاباً يضمُّ مجموعة من الوصفات الشاميَّة، باعتبارها جزءاً من التراث السوري الذي يجب حفظه، وهدفت إلى نقل ثقافة المطبخ السوري للألمان. والكتاب واضح ومكتوب بلغة بسيطة ومفهومة، وهو يراعي عدم الاطلاع المسبق على المطبخ السوري، إذْ يستطيع أي أحد أن يطبق الوصفات ويحصل على نتائج حقيقية.


طقس اجتماعي وثقافة شعب
وقالت جزماتي لـ "العربي الجديد": "لم يكن هدفي أن أؤلف مُجرَّد كتاب طبخ باللغة بالألمانية، يتضمَّن مجموعة وصفات فقط، إنما أردت أن أنقل ثقافة المطبخ السوري والشرقي بشكل عام، وكيف أن هذه الأطباق تجمع جميع أفراد العائلة يومياً حول مائدة الطعام، فهو وقت لتبادل أخبار بعضهم وتعزيز علاقاتهم ببعضها وليس الأكل فقط". إذ إنَّ المطبخ السوري ليس مجرّد وصفات للطبخ، بل طقس اجتماعي وثقافة ممتدة، يقوم من خلالها أفراد الأسرة بالالتفاف حول مائدة الطعام، وتبادل الأحاديث والنكات. وتعتقد جزماتي أن الوجبات السريعة تلعب دوراً في تفكيك العلاقات الأسرية، على عكس ما كان في السابق. إذ إنّ فرص التقاء أفراد العائلة تقلّ عند اعتماد أفرادها على الوجبات السريعة.

وأوضحت أن بعض الأكلات الشامية تحتاج لتعاون أكثر من شخص لإنجازها، إذ كان هذا أحد جوانب العلاقات الاجتماعية بين الأقارب والجيران، وقالت "أكلة الكبة مثلاً تحتاج للاستعانة بالآخرين لتحضيرها، ثم توزيع بعضها عليهم، هكذا كانت العلاقة بين الأطعمة والناس". أي أنّ الطابع الجماعي اللازم لتحضير بعض الأطباق السوريّة، يفرضُ نوعًا معيّنا من التعاون الاجتماعي الجماعي. وبيَّنت أنَّها أرادت أن تُعرِّف الألمان على المعاني الاجتماعية للأطباق، فهناك أكلات وقت الحزن، وأخرى وقت الفرح، وتتسم أطباقُ الفرح بحاجتها للجهد، إذ لا يبالي الشخص ببذل الجهد والوقت في مناسبات الفرح، أما أطباق الحزن فتكون عادة أكثر بساطة وأسهل في التحضير.

الحفاظ على التراث
وقالت "ركزت في الكتاب على توثيق الطبخات السورية، وعلى فكرة أنه خلال هذه الحرب هناك من يسعى لتوثيق وحفظ جوانب عديدة، كالتعليم والثقافة والتراث، والطبخ هو جزء من التراث الذي يجب حفظه، فمن المزعج جداً عندما نرى إسرائيل اليوم تسرق وتنسب لنفسها أطباقاً شعبية فلسطينية، وليس مستغرباً بعد سنوات أن نجد إيران، مثلاً، تسرق أطباقنا الشامية". أيّ أن توثيق هذه الأطباق السورية هو محاولة لحفظها من الضياع والتأكيد على أصالة التراث الشعبي السوري وانتماءه للشعب السوري. ولفتت جزماتي إلى أن الكتاب مهم جداً بالنسبة للألمان، أكثر من التلفزيون أو أية وسيلة أخرى.

أطباق ممزوجة بالحب
وعن بداية الفكرة، قالت إنّها كانت تبحث عن طريقة لكسب المال عندما وصلت إلى ألمانيا، "نحن السوريون والعرب عموماً لم نعتد أن نأخذ مساعدات بدون أن نتعب مقابلها. وأنا لدي الطاقة والقدرة للعمل، ولا أريد أن أحصل على المساعدات بدون عمل". الأمر لم يكن مجرد عمل بالنسبة لها، ولفتت إلى أن الألمان قادرون على التمييز بين العمل الذي تقوم به كواجب، وبين ما تنجزه بحب، "حرصت على أن أحضر كل طبق ممزوجاً بالحب، تماماً كما كانت أمهاتنا تطبخ لنا".


دلالات

المساهمون