كيف تسبب هؤلاء بكارثة تسرب إشعاعي.. قصة حقيقية؟

كيف تسبب هؤلاء بكارثة تسرب إشعاعي.. قصة حقيقية؟

27 ابريل 2017
شقيق ديفاير فيريرا أحد الناجين والمشاركين في الكارثة/ فيسبوك
+ الخط -
يقول أحد الأمثال: "إن مجنوناً يلقي حجراً في بئر.. يعجز عن إخراجه ألف حكيم"، وقصة اليوم عن رجال تسبب تصرفهم الأحمق بكارثة إنسانية، أودت بحياة أناس أبرياء، وكبدت البرازيل خسائر مادية، إضافة إلى هزات سياسية.


في 24 أيلول / سبتمبر 1987، بدأت ليد فيريرا البالغة من العمر ست سنوات بالتقيؤ بعد عشر دقائق من تناولها شطيرة بيض. وفي اليوم التالي بدأت الأعراض ذاتها تظهر على  والديها. وأعقب القيء والإسهال أوجاع وحروق غريبة. عندما ذهبت والدة ليد، غابريلا ماريا، إلى عيادة الصحة العامة في غوياس، عزا الطبيب أعراضهم إلى التسمم الغذائي وأرسلهم إلى المنزل. جدة ليد، التي جاءت لمساعدة عائلتها، أصيبت بالمرض نفسه ثم بدأت الآفات تظهر على بشرتهم وأخذ شعرهم يتساقط. بدأ جيران العائلة يتهامسون "إنهم مصابون بالإيدز".


بعد 4 أيام عادت غابريلا ماريا إلى الطبيب تحمل معها كيساً بلاستيكياً صغيراً مليئاً بمسحوق أزرق مشع. وقالت له هذا ما تسبب بمرضنا. رفض الطبيب ادعاءاتها واعتبرها تخاريف. لكن طبيباً آخر في العيادة أثاره الكيس الغامض. في اليوم التالي، اصطف 112 ألف شخص في طوابير أمام خيام شيدت على عجل، لفحصهم من التسمم الإشعاعي.



بداية القصة


كان معهد غويانو دي راديوتيرابيا (إغر)، وهو معهد للعلاج الإشعاعي الخاص يعمل في مدينة غويانيا، التي يقطنها أكثر من مليون شخص، المركز الإداري لولاية غوياس. قد انتقل إلى مقره الجديد في عام 1985، وترك وراءه وحدة علاج (جهاز) يستخدم سيزيوم 137. ونتيجة للنزاع الذي قام بين أطراف عدة حول الموقع المهجور، ظلّ الجهاز فيه. وأهمل أمره رغم العديد من التحذيرات بشأن "قنبلة السيزيوم" الموجودة هناك.



اكتشف هذا الجهاز أخيراً، روبرتو دوس سانتوس ألفيس وواغنر موتا بيريرا، وهما من السكان المحليين الذين جعلوا من بيع الخردة المعدنية مصدر رزقهم. حيث اقتحما المبنى المتهالك، وسرقا جهاز العلاج وباعاه مقابل 25 دولاراً لصاحب ورشة ديفاير فيريرا للخردة، الذي قام رفقة عاملين آخرين لديه في الورشة وشقيقه بفك الجهاز وإخراج الكبسولة التي تحوي مواد مشعة منه.


بعد ذلك قام الأخوان بكسر الكبسولة التي كانت تحوي كمية من الغبار الأزرق المتوهج المليء ببلورات زرقاء، واستحوذ ديفاير لنفسه بأكبر بلورة، ووضعها في جيبه، ليصنع منها لزوجته غابريلا ماريا، خاتماً.


وخلال تلك العملية تناثر الغبار الأزرق على أرضية البيت الذي تلعب فيه ابنته الصغيرة ليد، والتي تناولت طعامها بيديها الملوثتين بالمادة المشعة، كما طلت أجزاء من جسدها بها. وزوار البيت ممن جاؤوا لمشاهدة جمال المادة الزرقاء، نقلوا معهم الغبار الإشعاعي إلى كل مكان ذهبوا إليه.


كانت غابرييلا ماريا فيريرا أولَ من لاحظ أن العديد من الناس حولها بدأوا يصابون بأعراض المرض، وكان لشكوكها حول المادة الأثر الأكبر في وقف هذه الكارثة، حيث تمكن الطبيب من إقناع السلطات بحدوث تسرب إشعاعي، واتخاذ الإجراءات الفورية، ثم بثت أخبار الحادث على وسائل الإعلام المحلية والوطنية والدولية. وفي غضون أيام، تجمع أكثر من مئة ألف شخص للكشف عن إصابتهم. وقد عمت حالة من الذعر والاضطراب المدينة.




نتائج الكارثة

أودت الكارثة بحياة 4 أشخاص، هم ليد وغابريلا زوجة وابنة ديفايرا، اللتان توفيتا في 23 أكتوبر، ودفنتا في نعش مختوم. كذلك توفي العاملان في الورشة اللذان ساهما بتفكيك الجهاز، نتيجة نزف داخلي. وثبت من الكشف إصابة نحو من 250 شخصاً، بينهم 20 احتاجوا إلى العزل والعلاج. وقد نجا ديفاير فيريرا نفسه على الرغم من تلقيه الإشعاع. ثم توفي في عام 1994 بتليف الكبد، وقد عزا شقيقه ذلك إلى إصابته بالاكتئاب جراء الحادثة فصار مدمناً على الكحول، منذ ذلك الوقت، بحسب "جورنال دوبرازيل". وتكبدت البلاد خسائر اقتصادية فادحة، إذ تطلبت عملية التنظيف من التلوث إزالة التربة السطحية من عدة مواقع، وهدم العديد من المنازل. وتدمير آليات ومواقع أصيبت بالتلوث.



(العربي الجديد)



المساهمون